وقفتُ بين لفيف من البشر المسافرين إلي مدن مختلفة منتظراً وصول القطار في ظل حرارة الشمس التي لا تترك أدمي ..أخذتُ قطعة شكولاتة من بائع متجول حتى أقوي علي الجوع ..أسير علي الرصيف بخطوات متثاقلة كي أجلس تحت المظلة التي تتزاحم عليها بعض السيدات ثم أ جوال ببصري في وجوه المسافرين الذين يمرون أمامي ..أرقب تحركا تهم إلى أن استقرتْ عيناي علي سيدة عجوز تتوكأ علي طفلتها التي تقارب العاشرة من عمرها مرتدية عباءتها المصبوغة باللون الرمادي.. تتطلع في وجوه الواقفين باحثة عن شيء لكنها لم تجد حاجتها.. أثارت انتباهي بسيرها البطيء.. هممتُ إليها.. استوقفتها ببعض الكلمات.. التفتتْ إلىّ في ثبات في وجهها خطوط محطات الوجع التي مر عليها الزمن المر.. مددتُ يدي إليها ببعض النقود لكنها نأت بوجهها عني ومضتْ في طريقها الطويل.. جمع الحاضرين بصفارته عندما أتى علي القضبان تدافعوا جميعاً إلى الأبواب أقاوم بينهم إلي أن جلستُ علي المقعد الملاصق للنافذة ..علي الفور جلستْ شابة بجانبي.. لم أهتم.. تعالت أصوات الركاب حولها.. سئمتْ من الجلسة الطويلة ثم تساءلتْ متى يصل القطار إلى ملوي؟!.. قلت في الثالثة عصراً.. أضاءتْ غرفة وجداني بصوتها الذي ألهب أحساسي هل هي السنبلة التي أبحث عنها؟!.. ربما تكون شريكة الحياة.. تشع من رموش عينيها رسمة الكحلة .. جذبتني ابتسامتها.. كأنها تقول من أنتَ ؟!.. تصارعتْ نبضات قلبي بعنف من هي؟!..فجأة رن تليفونها المحمول ضاغطة علي مفتاح تشغيل الصوت نطقتْ في لهفة آلو ..صوت رجل إنتِ فين ياأميره ..اقتربتُ من المحطة سررتُ كثيراً عندما سمعتُ أسمها.. تراقص تليفوني المحمول في جيبي بأغنيته العالية الألب يحب مرة ما يحبش مرتين.. تعمدتُ ألا أرد عليه منسجماً مع هذه الأغنية في صمت..
حركتْ بشدة سفينة العاطفة التي تبحر في نهر الأمل القريب.. بهدوء تناولتْ حقيبتها من علي الرف استعداداً للنزول.. نهضتُ واقفاً بجوار النافذة اتتبع خطواتها في شغف ..لكن عينيها تبحثان عن شيء عندما رأتهُ أخذتهُ بين أحضانها بوابل من القبلات كأنهما علي موعد ..بينما يداهما متشابكتان...تحدث عالياً تأ خرتي ليه يا ماما؟!..بابا مستنيكِ ..اندهشتُ ..سار القطار بصوته المزعج .. أردد في نفسي سرية صفا ..سرية انتباه ...
أخبار متعلقة :