هل يمكن أن تتغير حقوق الزوجة المادية على الزوج، فى ظل سن تشريع جديد للأحوال الشخصية، لتصبح مساوية للمرأة فى معظم دول العالم المتقدم (التى يكفرها البعض)؟ السؤال ملغم بفتاوى وقضايا دينية الاقتراب منها مثل الاقتراب من لغم مل الانتظار.. ومفخّخ بقضايا إنسانية تحتل موقع الصدارة فى قانون الأحوال الشخصية، منها حضانة الطفل وأهلية الأم المطلقة التعليمية وولايتها على الطفل.. إلخ همومنا المزمنة مع علاقة زواج فشلنا أن نديرها بأنفسنا (بالحق والعدل والدين)، ولم يعد أمامنا إلا «القانون»!
أشارت «شيرين فتحى»، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى المطالبة بوضع نص قانونى يضمن للزوجة التى توفى عنها زوجها أو طلقت «وكانت شريكة له فى تحقيق ثروته»، أن تأخذ نصف الثروة حال الوفاة أو الطلاق، وهذا لا يخل بحقها فى الميراث حتى لا تقع الزوجة لنهب الأموال من الزوج أو الورثة.
لم يكن الاقتراح مجرد حديث مُرسل، إذ طالبت «فتحى» خلال مشاركتها فى جلسة لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى، بالحوار الوطنى، بربط هذا النص بمدة الزواج، مؤكدة ضرورة وضع النص فى مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية أو تعديل تشريعى مستقل، مؤكدة أن المرأة تسعى لإقرار حق الكد والسعاية بالقانون.
وكنت قد كتبت من قبل فى جريدة «الوطن» تحت عنوان: ربات البيوت «الوظيفة المنسية».. وطالبت بألا يرتبط ميراث الزوجة عن زوجها بمدخلات الثروة أو مدى مساهمتها بمالها الخاص فى «المحفظة العائلية»، استناداً إلى تفسير الدكتور «سعد الدين الهلالى» أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر لحق «الكد والسعاية»، وتخصيصه كتاباً كاملاً عنه «حق السعاية فى الوظيفة المنسية»، وهذا هو عنوان دراسته المهمة التى قام بطباعتها «المجلس القومى للمرأة».. أهم ما فى الدراسة تأكيد الدكتور «الهلالى» على «الوظيفة المنسية» ويُقصد بها وظيفة «ربة المنزل» أو سيدة البيت، مطالباً فى دراسته بالاعتراف بتلك الوظيفة مستقلة عن صفة الزوجية، قياساً على ما شهدته وظائف كثيرة تماهت مع التطور البشرى.. وهو الرأى الذى لم يذكره أى عالم دين فى مصر أو خارجها!
يقول أستاذ الفقه المقارن فى دراسته: آن الأوان فى عصر الجمهورية الجديدة التى تعتمد تقنية الرقمنة، ومع صحوة إنصاف المرأة التى بدأت جزئياً وتدرّجت حتى نهض العالم إليها اليوم بمعناها الشامل، أن يتم الاعتراف بوظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» مستقلة عن صفة الزوجية، وأن تُذكر فى حضارة التقنين، بحيث يتم إدراجها ضمن الوظائف التأمينية فى ظل سياسة التمكين الاقتصادى للمرأة، أو إدماج المرأة فى التنمية، مشيراً إلى أن هذا ما يهدف إليه فى هذه الدراسة المختصرة، التى يتحدث فيها عن (شبهات الرافضين لتقنين حق السعاية فى وظيفة «ربة المنزل»، وأسباب تقنين هذا الحق كما يبين تكييفه الفقهى، وطرق تقدير مستحقاته، وأثر تقنينه عملياً).
نحن إذاً نتحدّث عن حالة شديدة الخصوصية، وهى امرأة لا تعمل، وقد تكون فضّلت رعاية البيت والوظيفة ومساندة الزوج «معنوياً» وتحمّلت أعباء الأسرة.. امرأة لم تسهم فى رأسمال عمل زوجها، ولم تحصل أيضاً على نصيبها العادل من المكانة الاجتماعية كامرأة عاملة، ووهبت عمرها وكرّست حياتها لهذا الزوج ولأسرتها.. فهل تستحق أن تكون مكافأة «نهاية الخدمة»، بالطلاق أو وفاة الزوج، هى الرمى فى الشارع؟
يتحدّث أحدهم عن «حق الكد والسعاية» لـ«المرأة العاملة» متناسياً تماماً فكرة «المحفظة المالية» التى يوضّحها الدكتور «الهلالى»: ليس كثيراً على الزوجين أن يشتركا فيه، فهناك شخص فيهما شارك بالكسب، والآخر شارك بالأمانة والحفظ.
نعود إلى ما طرحته «شيرين فتحى»، وهو طرح شديد التفاؤل، لكنه من صميم الإنسانية والعدل، فهى تطالب بأن تأخذ الزوجة نصف الثروة حال الوفاة أو «الطلاق».. وهذا النظام متبع فى كل الدول المتقدمة، لكننا للأسف فى بلد تحصل فيه الزوجة على «نفقة المتعة والمؤخر» من محكمة الأسرة، ويتحايل المطلق للتهرّب من نفقة المطلقة - الحاضنة، لدرجة أن بنك ناصر الاجتماعى ينوب عنه حتى لا يجوع الأطفال.. أما شقة الزوجية فعادة ما يتخلص منها بعقد إيجار ويدخل أمه أو شقيقته فى دخله «بدعوى نفقة» ليتهرّب من مسئولية أطفاله.. نحن يا عزيزتى بحاجة لتغيير ثقافة مجتمعنا بأكمله، ليكون أبسط تعاليمه أن الزواج «شراكة وعلاقة إنسانية».
أخبار متعلقة :