إذا كانت أمة بلا ثقافة، هي أمة بلا هوّية، فليس هناك ثقافة بلا لغة، لأن لا تواصل إلا باللغة.
ولكن للأسف، لغتنا الفصحى، التي نتواصل بها مع العالم العربي، تُحارب بكلمات أعجمية، ولغتنا المحكية التي نتواصل بها مع بعضنا البعض على أرض المحروسة، هي أيضاً تُحارب، بألفاظ ومصطلحات غريبة، تصنع فجوة متسعة بين جيلين، وبتعبير أدق بين الماضي والحاضر!
من هذه الألفاظ: "فكك"، يخبط في الحلل"، "سيس"، "سيكة"، " أساسي يا زميلي"، "طحن"، "كراش"، "اشترى دماغك "، " إفتكاس"، وغيرها الكثير من الألفاظ الغريبة، والتي يُطلق عليها لغة "الروّشنة"!
هل يريد الشباب أن يقول لنا: "نحن لا نستطيع التواصل معكم بلغتكم، ونريد أن نتواصل بلغتنا؟
وهل هذه اللغة تدعم التواصل، ام تزيده بعداً وانشقاقاً؟
هل هو التمرد على مجتمعاتهم، تلك المجتمعات التي غيّرت أيضاً في لغتها: فأصبحت كلمة "كافر"، تطلق على "المؤمن". "ورجل الأعمال" على "النصاب"، و"الشاطر" على "اللص"، "طائع لله" على "القاتل" و"النائب" على "النائم في المجلس"....!
أم انهم يريدون الهروب من واقعهم، ومن عائلاتهم، ليستوطنوا عالم افتراضي آخر ـ غير عالم الانترنت ـ من صنعهم؟
إذا كانت لغتنا العامية، هي خليط من لغات عدة، فان المأساة، ان شبابنا يستمد مفرداته، من مكونات رديئة؛ تشير ـ دون ادراك منهم ـ إلى انحدارهم العقلي الثقافي.
هل يمكننا تدارك هذا الغياب في الحضور؟
يجب مراقبة، ما يقدم على المسرح، وفي السينما، وعلى شاشة الفضائيات.
يجب استعادة قيمنا: الروحية، والأخلاقية، والإنسانية، من الماضي، ومن الذين اختطفوها وسرقوها.
القراءة، ثم القراءة، ثم القراءة؛ فالقراءة حضارة.
وأخيراً، ليقترب الآباء من الأبناء بقدوة صالحة.
لنعد نحن الكبار أولاً، وسوف يعود الشباب حتماً.
أخبار متعلقة :