بوابة صوت بلادى بأمريكا

إبراهيم الديب يكتب : فاصل شحن

من عادة حمدي أنه يعود متأخرا للبيت ، في الثانية صباحا أو أكثر، فيلقي السلام على زوجته ترد عليه بغضب وبلهجة وأسلوب  أقرب لاستجواب رجال الشرطة للمجرمين  :
-أين كنت كل ذلك الوقت  ؟ ولماذا لم تتصل بي؟ ولماذا تنظر إلي هكذا  ألست زوجتك.؟ يرد عليها حمدي بلهجة غضب أشد :
- هذا ليس شأنك إنني رجل ولا يحق لك أن تحاسبينني كلما تأخرت قليلا خارج البيت ، يعلو صوتها مهددا له أنها لن تبقى معه دقيقة واحدة في البيت بعد الآن ثم تخبره للمرة الالف ندمها على الموافقة من الزواج  منه ، تتصل بأهلها وبعد وصولهم للبيت بسرعة  يبدأ بينهم وبين حمدي نقاش، في محاولة من أهل الزوجة معرفة أسباب الخلاف بينهما ، والمفاجأة أن حمدي لا يعرف أسبابا غير أنه تأخر بالخارج، وفصل تليفونه الشحن فلم يستطع الإتصال بها ليخبرها بذلك ، يعلو النقاش حينا ويهدأ أحيانا أخرى بين الطرفين  ، ثم تتدخل وتقتحم الزوجة النقاش وتطلب من والدها أن يطلب سيارات ، نقل العفش لأنها جمعت  كل ملابسها ،و لن تعيش مع هذا الرجل بعد الآن لحظة واحدة ، فيطلب منها والدها الهدوء والتريث مذكرا لها أننا نقترب من آذان الفجر و لا توجد أي وسيلة لنقله الآن ،ثم فترة صمت خيمت على الجميع .....أو لم يكن هناك ما  يقال أو يستحق النقاش بعد أن بدا الموقف شبه دلع هزلي ولا يستحق هذه الضجة المفتعلة من قبل الزوجة ...
 بعد وصول أهل حمدي للبيت متأخرين بعض الوقت عن أهل الزوجة لبعد المسافة نسبياً  يبدأ نقاش بين عائلة حمدي وبين أهل زوجته يتناول  كل شيء مطروح على الساحة ،ما عدا مشكلة الزوجين ليكون حديثاً شاملا في السياسة و الاقتصاد والرياضة وذكريات العائلتين وماضي كل منها... ، فيسود بين الطرفين جو من الود العائلي والدفء و السماحة ،وسعة الصدر التي يحسد الناس عليها  من يتمتع بتلك الصفات الجميلة، يتناول حمدي ريموت التليفزيون ويبدأ في المرور على القنوات كسرا للملل.... ثم  على أحد الشاشات فيلم أكشن يضرب فيه البطل كل الناس التي يقابلها من يعرف ، ومن يجهل، لعله يفعل ذلك من باب الحيطة ،أو وفرة في القوة، حتى يظن من يشاهد أنه سيخرج من الشاشة ليضربه . يطلب منه والد زوجته التوقف عنده  لأن الفيلم مثير جدا و قصته مشوقة وحواره سلس علاوة على روعة تصويره بتوقف حمدي بناء على رغبته قبل أن يثني على ثقافة حماه السينمائية العميقة وعلى معلوماته الغزيرة.... قبل أن يستطرد هو الآخر و يضيف  معلومات مهمة عن الفيلم وحياة بطله فاندام الذى انتقل من بلجيكا للعمل في هوليود، قبل أن يقول له حمدي :فعلا معك حق لقد شاهدت هذا الفيلم قبل ذلك عدة مرات ولا أمل مشاهدته وخاصة أنه بطولة نجمه المفضل الذي يجمع بين الوسامة والقوة ويحظى بالقبول لدى قطاع كبير من المشاهدين...  الجميع يتابع الفيلم المدهش بشغف شديد مستغرقا فى تفاصيله ، وغالبية الحضور قد نسي لماذا هو موجود في بيت حمدي، ومنهم من يغط في نوم  عميق على الأنتريه  في مواصلة  لنومه السابق الذي  استيقظ منه على خلاف مع حمدي مع زوجته ،و يأتي لحل المشكلة التي تتمثل في تأخر حمدي الذي لم يتصل بزوجته لأن تليفونه فصل شحن . يستخرج والد الزوجة سيجارة من علبته ليشعلها لتتم الفائدة بمتابعة الفيلم والاستمتاع به ،من وجهة نظر حمدي الفلسفية أن إشعال حماه سيجارة من علبته  الخاصة و في بيته إهانة بالغة له، و تعدي عليه شخصيا قبل أن يقسم حمدي أنه لن يشعلها إلا من علبة حمدي نفسه ،فالرجل في بيته على كل حال وأبو زوجته  وهو صاحب بيت قبل أن تكون له حق الضيافة ، إن لم يكن صهره ، ينادى على زوجته بعصبية ويطلب منها أن تعد شايا لوالدها يتناوله مع السيجارة ،  ثم يستطرد مؤنبا نفسه لأنه تأخر أن يطلب من زوجته أن تعد عشاء للجميع  ،وبعد أن يتناوله الجميع يؤذن للفجر ،فتنصرف مجموعة من الرجال للمسجد للصلاة ، ونساء الجيران والأقارب  في العودة لبيوتهن... 
وهكذا في كل مرة  يبدأ حمدي وزوجته بالطلاق ،ونقل العفش ، وعدم استحالة العيشة بينهما دقيقة واحدة واتهامات متبادلة بين الزوجين، واستقواء كل منهما بعائلته  وينتهون بالعشاء ،ومشاهدة أفلام فاندام .

 

أخبار متعلقة :