كلمة فكر لا تعني الفكر الإيجابي فقط؛ لكن قد تتضمن أيضا الفكر السلبي؛ بل يمكن أن تذهب إلى معنى اللافكر ؛ يوجد فكر سوي ويقابله في الاتجاه العكسي الفكر غير السوي الذي لا يتورع عن ارتكاب أسوأ الأفعال؛ كل فكر يتفتق عن أشياء تفيد الإنسانية له كل الاحترام بعكس الذي يتفتق عن أشياء تقلل من إنسانية الإنسان وتفعل كل ما هو مضاد لها ؛ وكم من أفكار تقابلنا في الحياة تثير الدهشة وكأنها تعيش على كوكب لا بشر فيه . أستعرض هنا بعض الأفكار على سبيل المثال وليس الحصر التي قد تأخذنا إلى الدهشة من تفاهتها؛ أو تأخذنا الى احترام العقل الجميل الذي لا يلد سوى نفحات من النور.
هكذا تكلم المسيح:
****************
الأفضل أن أبدأ بالفكر الجميل وهو كتاب من تأليف الكاتب طلعت مطر وتقديم عادل مصطفى؛ بعنوان "هكذا تكلم " المسيح " وهو كتاب للرد على ما جاء في كتاب نيتشه هكذا تكلم " زرادشت ". أتوقع لهذا الكتاب ان يكون من الكتب لتي تحمل الأفكار الجميلة. أولا: أسوق بعض العبارات التي جاءت في الكتاب عن السيد المسيح بقلم الكاتب :يقول الكاتب طلعت مطر كان ميلاد المسيح علامة فارقة في مسيرة البشر، فانقسم التاريخ الى ما قبل وما بعد، والسالكون في الظلمة أشرق عليهم نور عظيم، وكان النور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه.
ويوضح طلعت مطر انه في كتابه الذي يحمل عنوانا كبيرا "هكذا تكلم المسيح؛ المسيح وتجاوز الفكر الديني “بأنه محاولة لإدراك النور قبل أن يدلهم الظلام وتتلاشى الإنسانية، وتنعكس هذه المحاولة من إعادة التفكير في كلمات السيد المسيح، الذي جاء ليبشر المساكين ويعصب منكسري القلوب وينادى للمسبيين بالعتق والمأسورين بالإطلاق؛ ويسير الكاتب بكلماته مكملا أن المسيح جاء ليحررنا من عبودية المادة وقيود النواميس، وينقل الشريعة من لوحي الحجر الى قلب الإنسان، لتصبح مكتوبة في قلوب من يفهمون رسالته ويعون تعاليمه، جاء ليصالح الأرض مع السماء وينادي بالإنسان الأعلى، لا كالذي نادى به نيتشه في "هكذا تكلم زرادشت" وكان عكس ما قاله السيد المسيح من كلمات خاصة بالإنسان؛ التي تنادي بالأنسان الحر الذي ينتمي للسماء، الأنسان المتجاوز لسلطان الجسد وسلطان الأنا، إنسان الحب والخير والجمال، وهذا هو غرض الكاتب من كتاب هكذا تكلم المسيح؛ المسيح وتجاوز الفكر الديني. من البديهي ما دمنا ذكرنا نيتشه أن نقدم نبذة مختصرة جدا عنه فهو كاتب وفيلسوف ألماني الجنس .تأثر بنظرية التطور، فبنى نظرياته التي تهدف إلى هدم الدين -المسيحية خصوصاً- ليتحدث عن بناء الإنسان المتفوق وبنى عليها نظريته " التكرار الأبدي " ؛ففي سلسلة التطور، كل نوعٍ أوجد نوعاً جديداً متفوقاً عليه ، وكان تطور تلك الأنواع ناتجٌ عن الانتخاب الطبيعي، حتى وصلت حلقة التطور إلى نوع الإنسان وهنا توقف التطور -بحسب نيتشه- ولا سبيل إلى إكمال مسيرته إلا عن طريق تطور الإنسان إلى نوعٍ جديد ليصل إلى الإنسان المتفوق " أو الإنسان الأعلى " وهذا ما أوضحه في كتابه " هذا هو الأنسان " . لكن هذا التطور، ولأنه متقدمٌ جداً في سلم الحياة، يتطلب كلا نوعي الانتخاب -الطبيعي والاصطناعي ولأن الانتخاب الطبيعي قائمٌ أساساً على القوة و«البقاء للأصلح»، فلن يبقى إلا أقوى الأفكار وأقوى البشر. ومن هنا نتبين سبب تمسكه بأخلاق القوة وإرادة القوة التي بنى عليها نظرياته الأخلاقية. وهذا ما دعا " هتلر " أن يتشبث بنظرية نيتشه الرجل الخارق أو الإنسان الأعلى، وكان ينعت نفسه بهذا الوصف في الكتاب الذي كتبه بنفسه " كتاب كفاحي “بيد ان الكثير من مؤيدي فلسفة نيتشه يفصلون بين ما فعله هتلر وما ارتكبه من جرائم وفكرة الإنسان الأعلى التي ابتدعها الفيلسوف نيتشه. هذه نبذة مختصرة جدا عن نيتشة الذي يدين بالمذهب " الزارادتشي " وهم أتباع " زرادشت “وهو بالطبع مخالف للديانات والعقائد الإلهية وقد تأتي فرصة قادمة لنتحدث عن هذا المذهب.
أود أن أعلق تعليقا بسيطا عن الكلمات التي وردت في كتاب طلعت مطر عن السيد المسيح بأنه استمدها نصا من داخل العقيدة وأعتقد أن داخل الكتاب سيكون الكثير أيضا وأتنبأ بأنه لا بد وأن يكون قد عرج على الموعظة على الجبل؛ تحية لكل فكر جميل يبني ولا يهدم لأن السيد المسيح جاء ليبني الإنسان لا ليهدمه؛ جاء ليخلص الإنسان لا ليهلكه؛ جاء ليسلم الإنسان درعا يحميه من أفكار الشيطان اللعينة ويفتح أمامه أبواب الفردوس.
ملحوظة هامة: أنا لم أقرأ من كتاب " طلعت مطر “سوى هذه المقدمة؛ لأن الكتاب لم يصل حتى الآن إلى أمريكا؛ قررت أن أكتب عن هذا الكتاب لأن الكلمات تتكلم حسنا عن السيد المسيح؛ لكن لا أعلم ما قد يحمله من فكر آخر داخل طياته ؛ لكن كلمات المقدمة المأخوذة عن السيد المسيح أعجبتني وتمشيا مع المثل الذي يقول " الكتاب يقرأ من عنوانه " وقد تأتي فرصة لأن أقرأ الكتاب بالكامل ويكون لي جولة أخرى معه .
آيس كريم المجانين :
*******************
((قبل أن أبدأ في كتابة هذه الفقرة؛ أقول آسف لأنني سأنتقل فجأة من الفكر الجميل في الفقرة السابقة إلى فكر المجانين في هذه الفقرة ؛ أو الفكر المتدني في الفقرة التي تليها ))
أغلى آيس كريم أكلته في مصر قبل الارتفاع الجنوني في الأسعار كان لا يزيد عن 20 جنيها وأغلى آيس كريم أكلته في أمريكا لا يزيد عن 7_10 دولارات؛ في الحالتين كنت أتعجب لأن الأسعار ارتفعت؛ لكن ما أخذني إلى أفاق الدهشة البعيدة ما قرأته عن آيس كريم ياباني. لم أصدق أولا ما كُتب عنه؛ لكن عندما تناولته عدة مواقع محترمة صدقت ومع التصديق ضربت كفا بكف على هذا العالم الغريب الذي أصبح ينتج من الغرائب ما يشبه حكايات الأساطير لكن للأسف أساطير تافهة. دعوني أذكر الخبر كما قرأته دون تحريف ولو وجدت نفسي لا زلت عاقلا بالتأكيد سأعلق تعليقا مجنونا حتى أتساوى مع هذا الجنون! دخلت شركة "سيلاتو" اليابانية موسوعة جينيس للأرقام القياسية بعد إنتاجها أغلى "آيس كريم" في العالم بثمن خيالي ومكونات تبدو غريبة ونادرة، ووفقا لما أعلنته الشركة، فإن تناول أغلى آيس كريم في العالم يكلفك نحو 6696 دولارًا للقطعة الواحدة، ويتميز بمكونات تعد الأفخم والأكثر ندرة وتوجد عادةً في قوائم المطاعم الذواقة. ذكرت موسوعة جينيس، عبر موقعها الرسمي، أن تكلفة "قطعة الآيس كريم" الرائد اللذيذ المسمى بـ"ياكويا" تبلغ 873.400 ين ياباني أي (5469 جنيهًا استرلينيًا و6696 دولارًا أمريكيًا)، وهو مبلغ يكفي لشراء سيارة مستعملة، على حد وصفها وأضافت : لم يكن صنع أغلى آيس كريم هو الهدف الوحيد لسيلاتو، إذ أرادت دمج المكونات الأوروبية واليابانية معًا وفي سبيل ذلك أحضرت الشركة رئيس الطهاة " تادايوشي يامادا" الذي يعمل في أحد المطاعم المعروفة بابتكاراتها الغريبة وقال أن السبب في ارتفاع سعر هذا الآيس كريم هو مكوناته، خاصة الكمأة البيضاء النادرة المزروعة فى ألبا بإيطاليا والتي يبلغ سعرها مليوني ين ياباني (ما يقرب من 12000 جنيه استرليني أو 15192 دولارًا أمريكيًا) للكيلوغرام الواحد وأيضا أوراق الذهب الصالحة للأكل وأيضا يضاف فوق كرة الآيس كريم زيت الكمأة . تصف شركة سيلاتو أحدث ابتكاراتها "ياكويا" بأنه "جيلاتي غني وناضج مع رائحة حسية وفريدة من نوعها"، بفضل تلك المكونات المعقدة اللذيذة وقال أحد ممثلي سيلاتو في بيان لموسوعة جينيس: "لقد استغرق تطويرنا أكثر من عام ونصف، مع الكثير من التجارب والأخطاء للحصول على هذا المذاق الفريد. ماذا تظنون ما سيكون عليه تعليقي ؛ هل أملك سوى التعليق بقباحة ؛ لكن سأمسك قلمي ولا أدعه يجمح من أجل الحياء ؛ هل هو من العقل أم الجنون أنتاج هذا السيد المحترم " من الآيس كريم " في وقت العالم كله يضج ويئن من ارتفاع الأسعار وخاصة المواد الغذائية وللأسف بعض الدول وصلت شعوبها إلى حد الصعوبة في الحصول على قوتها اليومي الضروري ؛ لكن ما جعل الدماء تغلي في عروقي ما قاله ممثلا لشركة " سيلاتو " بأن هذا السيد المحترم " الآيس كريم " استغرقوا أكثر من عام ونصف لتطويره ؛ مع الكثير من التجارب والأخطاء للحصول على هذا المذاق " ؛ ألا يعلم هذا السيد غير المحترم الذي أدلى بهذا البيان لموسوعة جينس أن لقاح فيروس " كورونا " تم انتاجه في ستة أشهر فقط . لو كنت أملك هذا المبلغ لأحضرت هذا " السيد المحترم " من الآيس كريم وطلبت من شركة إعلام كبرى أن تصورني وأنا ألقى به في القمامة لأقول لشركة " سيلاتو" التي أنتجته أن منتجكم وفكركم وكل من اشترك في انتاجه هذا هو مكانه.! البشر يموتون من الجوع وأنتم تزيدون من ألامهم وتتلذذون بأوجاعهم.. عجبي!!!!!!!
إذا انهارت الأخلاق انهار الفن بالتبعية:
**********************************
للأسف بعد أن كانت بلادنا يحكى عنها في الفن؛ نمرمنذ فترة بأزمة ثقافية و أخلاقية و قيمية و فارق حضاري تزداد هوته بشكل سريع جداً ليبعد بنا تماما عما ينبغي أن نكون عليه الآن ! نعم تصدرت الرداءة و ساد التدني بالمجتمع و تفشت الملوثات السمعية و البصرية بسبب تطورات العصر و تغيرات أذواق الجماهير ، إذ أصبح المبرر الرسمي المتصدر لكافة الانتقادات ( الجمهور عاوز كده ) ،أسباب ليست أكثر من شماعة تعلق عليها الأخطاء لكل مذنب مقصر ليخلي مسؤوليته فحسب ؛ لكنها في واقع الحقيقة المرة مصيبة كبرى يجب على الجميع التوقف أمامها و الاعتراف بها دون خجل أو تبرير إن كنا بحق نريد الإصلاح ، نحن دون المستوي الذي يسمح لنا بالتنافس ؛ فنحن الآن بحق نمر بأصعب أوقات حيث تتراجع المعايير الأخلاقية وتتصدر القدوة السيئة المشهد كله علي كافة المستويات ؛ فكلما استنشقنا الهواء تخنقنا رائحة الفساد و التدني التي تنبعث من كل شيء تراه أعيننا و تسمعه آذاننا و تدركه عقولنا في ثقافتنا و فنوننا وتعليمنا وقس على ذلك الرياضة و التربية و الأخلاق . يجب على المسؤولين عن الثقافة في مصر، أن يكون لهم دورا بارزا وجوهريا خلال هذه المرحلة، في مواجهة العبث المنتشر، في كل جوانب الثقافة والأدب والسينما والغناء، التي رسمت هذه الصورة السيئة عن مصر في محيطها العربي والإقليمي. الجميع يتساءلون: ماذا حدث؟! وأين دور المعنيين عن الثقافة في مصر، وأين خططهم وبرامجهم لمواجهة تتار العبث بالذوق العام...؟ أكثر من شكل حدث في الفترة الأخيرة من بعض من يدعون أنهم فنانين أمثال محمد رمضان ؛ هذا الممثل والمغني لا يمت للفن بصلة لأن فنه مشاهد من البلطجة تسئ إلى الأجيال الصغيرة ؛ أما عن ما يدعيه من قدرته على الغناء فهو ليس إلا نسخة مكررة في أسلوب وملابس المغنيين الأمريكيين من الدرجة العاشرة أو الأدنى وفنهم المتدني ؛ وهذا ما شوهد في حفلته الأخيرة بمدينة أتلانتيك سيتي بأمريكا ؛ مظهر بائس لا يمت من قريب أو بعيد إلى واجهة مصر الفنية بفنانيها وكم أترحم على فنانينا الذين رحلوا وتركوا خلفهم تراثا من الفن والطرب نعتد به حتى الآن بالرغم من مرور عشرات السنين . أما هذا المغني ولا أحب أن أقول المطرب لأن الطرب له احترامه الذي ذهب للغناء في إحدى الدول العربية فليس أكثير من مستجدي يقف على ناصية الطريق كل ما يهمه ما يوضع في كفه؛ هذا المطرب الذي مدح البلد الذي غنى فيه وهو يمد يده وكأن مصر أصبحت لا شيء بجانبها؛ أما هذا المغني الآخر فقد مثل أسوأ تمثيل للمطرب المصري وهو يرتدي ملابس نسائية ويضع في أذنه قرطا؛ مجرد أمثلة وغيرهم وغيرهم من هم أسوأ وأسوأ لو اتيحت لهم الفرصة ولست أريد أن أقول الجميع إلا من رضى عليه ربي ولا يزال يتمسك بأهداب ما تبقى من تراثنا الفني ؛ لا مجال هنا للتعداد ؛ لكن أسأل بمرارة هل هؤلاء هم واجهة مصر الفنية !!!!! صرخة إلى التعليم كي يفوق لما يجب أن يكون ويدرس الأخلاق والثقافة ويهتم بأن تخرج أجيالا تتحلى بهما ليكونوا واجهة حقيقية لمصر في كل الميادين.
أخبار متعلقة :