بوابة صوت بلادى بأمريكا

د. مريم المهدي تكتب : هل سيتوقف صعود الأسعار بمصر بعد حزمة ال190 مليارجنيه؟

 
    * المصريون يشكون الغلاء بعد ارتفاع التضخم لاعلي مستوي له منذ 5 سنوات :  وهل ستنقذ حزمة ال190 مليار , الجنيه المصري من فك التضحم ؟ 
 
     سبب زيادة الأسعار التي نلاحظها في الوقت الراهن هو ارتفاع معدلات التضخم. ووفق منظمة العمل الدولية، بلغ معدل التضخم السنوي على مستوى العالم أكثر من الضعف خلال الفترة من مارس/آذار 2021 إلى مارس/آذار  2022.  بلغ 9.2 في المئة، مقارنة ب 3.7 في المئة أثناء الشهر ذاته العام الماضي.  و ببساطة، التضخم يشير إلى الارتفاع في تكلفة السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة.  ويعني ارتفاع معدل التضخم زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الأطعمة والطاقة والنقل والملابس، ما يؤدي بدوره إلى رفع تكلفة المعيشة.
   _ يتسارع التضخم في مصر خلال فبراير لأعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات، حيث أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ان التضخم السنوي قفز إلى 31.9 في المائة في فبراير الماضي. ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية داخلية وخارجية ووسط تأكيدات حكومية على جاهزية الدولة لتقديم "حزمة دعم" جديدة للمواطنين.
     وقد ناقش اجتماع مجلس الوزراء بالتفصيل جمع القوانين التي سيتم من خلالها تفعيل تلك الحزمة الكبيرة فيما يخص تعديل وزيادة المرتبات والعلاوات التي تبدا اعتبارا من أول أبريل المقبل .
    تفاصيل التكلفة السنوية لحزمة الحماية الاجتماعية البالغة 150 مليار جنيه , حيث اوضح رئيس الوزراء الي ان 95 مليار جنيه من إجمالي مبلغ المخصص لزيادة الحد الادني للأجور وقيمة معاش  تكافل  وكرامة و55 مليار جنيه ستكون مخصصة لزيادة المعاشات . 
   وتوزع تلك الحزمة بواقع 1000 جنيه لكل موظف من العاملين بالجهاز الإداري للدولة , بالإضافة إلى رفع الحد الادنى للاجور, للدرجة السادسة لتصبح 3500 جنيه, 5000 جنيه للدرجة الخامسة , كما تم رفع الحد الأدنى لحاملي الماجستير والدكتوراه , وزيادة المعاشات بنسبة 15 % وزيادة القيمة المالية لبرنامج " تكافل وكرامة " بنسبة 25%. 
   ومن المتوقع ان يتجه البنك المركزي المصري لزيادة الفائدة في اجتماعه المقبل , بعد تلميحات جيروم باول رئيس البنك الفيدرالي الامريكي بانه قد تكون ثمة حاجة لرفع اسعار الفائدة علي نحو اسرع واعلى مما كان متوقعا لكبح جماح التضخم المستعصي .
 
 
  لماذا تكلفة الدعم تتزايد ؟ :
  إن مصر تتحمل , منذ بداية اندلاع الازمة العالمية التي لا تزال مستمرة . جزءا كبيرا من العبء الناتج عن ارتفاع اسعار السلع والمواد الخام الاساسية , وخاصة القمح والسلع التموينيه , والمواد البترولية التي مازالت تدعم جزءا كبيرا جدا منها, ولا سيما السولار ونابيب البوتاجاز. وهذا معناه  ان الامر لا يعني مجرد حزمة بقيمة ال 190 مليار جنيه , لكن هذا العبء اضافي , وتم اضافة مبالغ اضافية لما كان مخططا له, فمثلا فيما يخص دعم السلع التموينية والخبز تحديدا كان المخصص له من الدعم 97 مليارا , سنضيف اليها 54 مليار جنيه اخري ,بما يؤكد ان الدولة تسعي بقدر الامكان لان تساند المواطن في مثل هذه الظروف الصعبة.
 
   * معدل تضخم تاريخي :
   واوضحت بيانات الجهاز المركزي للتغبئه العامة والاحصاء ان التضخم السنوي لاسعار المستهلكين في مدن مصر قد ارتفع باكثر من المتوقع الي   31,9 % في فبراير الماضي وهو اعلي مستوي في خمس سنوات ونصف العام , وذلك من  8 ,25 % في يناير السابق عليه.
 وبحسب بيان الجهاز , فان اهم اسباب ه1ا الارتفاع تعود إلى زيادة أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة  2 ,9 % , ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة  7 ,29 %, والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 5 ,19%, والالبان والجبن والبيض بنسبة 1 ,11 % , والزيوت والدهون بنسبة 3 ,4 % , والفاكهة بنسبة 8 , 10 % , والخضروات بنسبة  3 , 5 %, والبن والشاي بنسبة 7 % . وسجل معدل التضخم السنوي لاجمالي الحمهورية 3 ,2 % لشهر فبراير مقابل 10 % للشهر المماثل من العام السابق .
 
 
    * متى يتوقف صعود الأسعار بمصر ؟ : 
 تساؤلات عديدة تطرحها أزمة غلاء الأسعار منها: من المسئول عن الأزمة ومن الذى يضع آليات السوق ؟ وأين الأجهزة الرقابية ؟ وهل هناك آليات رقابية تمتلكها الحكومة ولم تقم بتفعيلها حتى الآن؟! وأين اللجنة العليا التى أعلن وزير التموين عن تشكيلها لتحديد السعر العادل لـ15 سلعة استراتيجية..وهو الأمر الذى طالب به العديد من خبراء الاقتصاد من أجل ضبط الأسواق ووضع نهاية لفوضى الأسعار ؟!
     ومع تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار مع استمرار تراجع الجنيه المصري امام العملات الاجنبية وشح السيولة الدولارية بما ينتج عنه صعوبة استيراد المواد الخام والسلع اللازمة للصناعات المحلية , واهمها خامات الاعلاف مثل الذرة وفول الصويا وهما عنصران أساسيان في صناعة اعلاف الماشية والدواجن والأسماك بجانب صناعة الزيوت بالإضافة للسلع التموينية الاساسية التي يحتاجها المواطن . ولن يتم السيطرة علي الأسعار وعدم تزايد تراجع قيمة الجنيه  بحزمة ال190 مليار جنيه فقط  .
 
 
   * غياب دور الدوله وكيف يتم ضبط اسعار الاسواق بمصر :
    * أن معظم الإجراءات التى أقدمت عليها الدولة بشأن خفض الأسعار سواء من خلال توفير السلع فى المجمعات أو فى المنافذ الخاصة بها لا ينتج أثرا إيجابيا نظرا لأنها لم تستطع تغطية السوق بأكمله، وبالتالى فيلزم بجانب هذه المنافذ أن            يكون هناك رقابة دقيقة على التجار من خلال أجهزة رقابية قوية قادرة على المواجهة ,لأن عدم الرقابة بالشكل المطلوب يؤثر على الجهود التى تبذلها الدولة لضبط الأسعار, في حين انه كان من الممكن أن يتم توفير السلع بشكل أكبر من خلال التوصيل  للمنازل عن طريق موقع خاص بالسلع المتوفرة وأسعارها فى منافذ الصرف حتى يتم زيادة قاعدة المستفيدين من السلع التي توفرها الحكومة حتى يتم إجبار التجار على الخضوع للأسعار التى تحددها الحكومة كجزء من حلول لابد ان تتبناها الحكومه .
 
 
  *  هناك اسباب لغياب دور الدولة الفعال  وفشلها  فى الرقابة على الأسعار, وعدم امكانية الأجهزة الرقابية القيام بدورها للسيطرة على الأسواق هو السبب الرئيسي لتفشي جشع التجار وما يقومون به من رفع للأسعار واحتكار السلع, نتيجة  لعدم وجود قوانين تفرض أسعار عادلة ,  بضرورة وجود لجنة عليا لتحديد سعر عادل للسلع الاستراتيجية حتى لا يتم ترك الأمر للتاجر يفرض فيه ما يشاء للسلع لحماية المستهلك. 
 
      * كيف يتم تحديد هامش الربح : _ 
 أن  اهمية دور الحكومة في تعديل قانون الاستثمار بحيث يسمح لها بتحديد هامش ربح عادل للتجار, حيث إن القانون الحالى يحظر على الحكومة تحديد هامش الربح . ولا نغفل  إن قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار لم يجرم الاحتكار ولكنه يجرم الممارسات الاحتكارية كونه ينص على فرض رقابة الاجهزة المعنية لضبط حركة الاسواق والسيطرة على ارتفاع الأسعار, والعمل على توفير السلع الأساسية للمواطنين من خلال ملاحقة المحتكرين والمتلاعبين بالأسواق من خلال  (جهاز حماية المستهلك ) ومباحث التموين ,لافتا إلى صعوبة اثبات الجريمة الاحتكارية . كما  أن الجهاز لا يتحرك إلا وفقا بعد صدور شكوى من المستهلك وأغلب الشكاوى المقدمة للجهاز بشأن قطاع السلع المعمرة والسيارات أى أن الاغنياء هم المستفيدون من القانون وليس المواطن الغلبان الذي يذهب لشراء ما يحتاج إليه من طعام وشراب.  وفيما يخص جهاز حماية المستهلك برغم تعديل العديد من بنود ه  أثناء مناقشته فى لجنة التشريع  بمجلس النواب , واقترح  استحداث مادة فى القانون تنص على أن تضمن الدولة السعر العادل للمنتج  إلا أن رجال الأعمال والتجار والمستوردين واتحاد الغرف وقتها اعترضوا على الاقتراح وخرج القانون دون أن ينص على السعر العادل.
 
 
* غياب قاعدة بيانات عن الموردين وتكلفة الانتاج ووضع اليات لتنفيذ قانون حماية المنافسة  ومنع الاحتكار :
* أن أهم الآليات التى يجب أن تمتلكها الحكومة لأداء دورها الرقابى بشكل أمثل هو ( قاعدة بيانات )  تضم المنتجين والموزعين والتجار, وتكلفة سلاسل الإنتاج للسلع الغذائيه والغير غذائية  , لكن للاسف نحن ليس لدينا جهة مسئولة عن عمل قاعدة بيانات للسلع والمنتجين, وبالتالى يظل المتحكم فى الأسعار هم الكبار الذين يتحكمون فى سلاسل التوريد, نحن ليس لدينا بيانات حتى عن المصانع الكبيرة أو حتي تكلفة علبة اللبن ,وهامش الربح على كل عبوة , حتى نعرف هل السعر عادل أم لا, مادام لا يوجد قواعد بيانات بالتالى لا يمكن ضبط الأسعار وسنظل تحت رحمة المنتجين . أن السعر متباين من مكان لاخر ومن محل لاخر و الرئيس نفسه اعترف بهذا وبالتالى لا يوجد جهة مسئولة عن تحديد الأسعار فى مصر فكل تاجر أو منتج يحدد السعر كيفما يشاء, لأن كل واحد لديه عوامل كثيرة تتحكم فى السعر كايجار للمحل وكهرباء ونقل ومستلزمات انتاج  .   وفيما يخص مواد قانون حماية المنافسة فالحكومة لا تستطيع تفعيل المواد وتحديد أسعار عادة لأنها لا تمتلك قواعد بيانات , كما أن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ليس لديه قواعد بيانات وليس لديه كفاءات ومهارات بشرية بعدد كاف حتى يستطيع القيام بدوره الرقابى المفروض أن هذا الجهاز يقوم بحصر أى منتج حصته فى السوق أكثر من 30% ويضعه حتى الملاحظة والرقابة مباشرة لأنه فى هذه الحالة سيكون قادرا على التأثير على السعر بعيدا عن آليات العرض والطلب, سيكون لديه فرصة أن يمارس الاحتكار وتخزين السلع والتحكم بالسعر ,  ودور الحكومة وضع آليات عن طريق قواعد البيانات حتي تكون على علم بتكلفة الانتاج وهامش الربح المفترض, وهذه من أهم  الاليات والطرق فى الفترة القادمة لمواجهة ارتفاعات الأسعار, ومنع الاحتكار , ولكن القانون الحالى لا يتيح تفعيل هذه الآلية .والمواطن هو من يدفع الثمن .

أخبار متعلقة :