بوابة صوت بلادى بأمريكا

إدوارد فيلبس جرجس يكتب : الرقص ليس مهنة الراقصات فقط

 
 
      ندين الراقصات بالرغم من أن رقص الأجساد يقاس فضيلة إذا قورن برقص العقول والفكر؛ تعرية الأجساد قابل للتوبة أما تعرية العقول قد تتشبث بالخطيئة للنهاية ولا أمل في العودة؛ عندما أشرع في كتابة موضوع ما؛ تبدأ الأفكار تناوش القلم؛ في أي اتجاه يجب أن يسير؛ هل الكلمات يجب أن تكون جادة ورزينة أم تحكمها السخرية والتهكم. ما يحدث في السياسة الآن و تقلبات الفكر وضياع العقول والمصالح المشبوهة على مستوى العالم يُغري القلم بأن يجمح وينطلق نحو السخرية والتهكم وألتمس له كل العذر؛ الجموح له أسبابه وقد فرغت الرؤوس من محتوياتها والألسنة خلت من مقولة الحكمة فجاءت النتائج شرسة من أعمال وأقوال تتجه دائما نحو الخطيئة ولا تعرف لا قوانين السماء ولا إنسانية الإنسان على الأرض؛ تدفع العالم بكل قوة إلى نهاية لا تبشر بالخير سواء كانت دموية؛ أو سلوكيات اجتماعية يحكمها فكر يزيد في دمويته عن أسلحة الدمار . القلم يُصر على تشبيهها برقصات لراقصات لا يجدن سوى إثارة الغرائز وكل اهتزازة لعريهن تقود أشد الناس تقوى إلى الخطيئة؛ ليس من الخطأ أو العيب أن يستخدم القلم ما يعن له من الأوصاف أو التشبيهات مع مثل هذه الحالات؛ بل مهما بلغت الأوصاف والتشبيهات من تدني فالقلم يراها أقل من الحقيقة؛ لا أبالغ إذا قلت أن رقص العقول على مستوى العالم تدنى في خطيئته أكثر بكثير من الرقص المبتذل والعري الجسدي ؛ رقص الساسة والحكام ومن يدعون أنهم أصحاب عقول وعقولهم قد دخلت في منافسة مع الراقصات وياله من عري.                                                                                                              
تحت هذا العنوان ثلاث رقصات تختلف في اسلوب الأداء لكن يجتمعن على خطيئة واحدة؛ خطيئة الفكر والعقل.                                                                     
       
رقص الرئيس الأمريكي وحلف الناتو
*******************************
وهي رقصة العري الفاضح؛ رقصة لا يمكن أن تمارسها من تبقى لها ولو بضع قطرات من دماء الحياء؛ وأي حياء تبقى وهو يجذب معه حلف الناتو إلى رقصة الاستربتيز وعريها المقزز؛ الجميع اجتمعوا من أجل الإيقاع بضحية واحدة؛ الضحية هي روسيا ومحاولة الإيقاع بها حتى يخلو لأمريكا السيطرة على العالم كله جارة معها أذيالها من المتحالفين معها؛ لا يهم ما يمكن أن يحدث من وراء هذه الرقصة المقززة للعالم كله ولشعوبهم أيضا. هبوط أخلاقي حاد في العقل والفكر كدعارة الرقصة الفاضحة. ما وصلت إليه رقصة الرئيس الأمريكي والناتو في تعاملهم مع الحرب الروسية الأوكرانية هو السبب في سقوط ألاف الضحايا من الجانبين ولا نستبعد أن تشمل العالم كله في حرب عالمية ثالثة. ما أشار للقلم كي يكتب مجددا عن الحرب الروسية الأوكرانية وأبعادها المخيفة هو الزيارة السرية للرئيس الأمريكي مؤخرا للعاصمة كييف ووصفي لها بالسرية جاء على حسب ما قالته صحيفة "نيويورك تايمز" أن الزيارة إلى كييف تمت بشكل سرى لمخاوف أمنية. كان من المقرر أن يقوم الرئيس الأمريكي بزيارة لوارسو تستمر ليومين، ونفى المسئولون مرارا أن يكون هناك أي خطط أخرى يمكن أن يعلنوا عنها بشأن زيارة أوكرانيا أثناء وجوده هناك وأصدر البيت الأبيض جدولا زمنيا لأعمال الرئيس يُظهر أنه لا يزال موجودا في واشنطن، وأنه سيغادر في المساء متجها إلى وارسو، في حين أنه كان قد قطع الطريق بالفعل إلى أوكرانيا. زيارة  سرية غريبة لا يعرف أحد ما ورائها ؛ سوى أنها تقوم في الأساس على تأجيج الصراع من خلف الكواليس ، في ظل غياب كامل للجيش الأمريكي عن ميدان المعركة ، تتورط فيه أوروبا الغربية ، بمساعدات عسكرية تقدر بمليارات  من اليورو ، وقد لا يخلو الأمر من وجود عسكريين أوربيين ومرتزقة في العاصمة الأوكرانية كما نسمع من الأحاديث الروسية ومعنى هذا أن الأمر  قد لا يقتصر الأمر على التكلفة المادية  الباهظة ، وإنما يحمل نطاقات سياسية واسعة تسببت في تداعيات الحرب واستمرارها ؛ ووصفت نيويورك تايمز زيارة الرئيس الأمريكي لكييف باللحظة المحورية في الحرب ، سواء في الداخل او الخارج ؛ مخالفة لما يقوم به بعض الحلفاء من ضغوط على أوكرانيا لبدء التفاوض على اتفاق سلام قد يشمل التخلي عن أرض لروسيا وأيضا مخالفة لما يحدث في الولايات المتحدة وقد طالب رئيس مجلس النواب الجديد كيين مكارثى وبعض الجمهوريين بنهاية لما أسموه " شيك على بياض لجهود الحرب ". المفروض والمطلوب الذي يجب أن يتحول إلى الواقع في الحرب بين روسيا وأوكرانيا والأزمة التي طالت العالم كله وخاصة الجانب الفقير أن يتوقف رقص الرئيس الأمريكي وهو على ما يبدو أصبح غير قادر على الفكر المضبوط  ويكرس الموضوع من أجل المصلحة الشخصية التي قد  يكون الغرض الأول منها محاولة تحقيق نصر سياسي يزكيه لفترة ثانية وهذا ما يُطلق عليه حلم إبليس في الجنة ؛ لأن الرقص أبدا لن يصل إلى أعتاب الخير وأن كل يوم  يمضي في هذا الطريق ساحبا معه أوروبا الغربية لن يكون لصالحهم ولا لصالح العالم ؛ بل سيزيد الأمور تعقيدا وتطورا نحو الأكثر حدة وشراسة وتوقعات بخراب أكثر ليس لروسيا أو أوكرانيا فقط بل لأمريكا نفسها ومعها الدول الأوربية المنساقة خلف رقصاتها العارية المخزية جارة شعوبها إلى مصير مجهول. إن أصحاب العقول وليس الذين تسوقهم الرقصات المبتذلة ينادون بالحل السياسي ؛ هذا الحل الذي لا يستطيع أن يقوده أحد سوى أمريكا ؛وهذا يتطلب أن يبتعد الرئيس الأمريكي عن رقص الفكر العاري  ويستخدم ما تبقى له من عقل ؛ لكن من أين سيأتي هذا العقل وهو يعلن في زيارته لبولندا أن بلاده الولايات المتحدة الأمريكية _ ستعلن مع شركائها عن عقوبات جديدة بحق روسيا، بالرغم من معارضة البعض سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين له وتابع في خطابه في بولندا بأنه سيقف بجانب " كييف " وأن أكثر من 150 دولة ستمدها بالأسلحة وكأنه يسكب البنزين على النار لتشتعل أكثر وأكثر ؛ هذا علاوة على المساعدات المالية الإضافية التي أعلن عنها في خطابه التي تقدر قيمتها بنصف مليار دولار، لتضاف إلى أكثر من 50 مليار دولار تم تقديمها بالفعل . أعلم أن البعض قد يستهجن التشبيه بعري الرقص المقزز ؛ لكن في الحقيقة استخدام هذا  التعبير هو أدق وصف لسياسات خلت من العقل ولا تنظر إلى ما سيتسبب من خراب على مستوى العالم إذا استمرت في دفع أوكرانيا وتشجيعها على المضي في الحرب مع روسيا ولا ينظرون إلى ضحايا الحرب حتى الآن وما يمكن أن يحدث مستقبلا  وكأن البشر سواء من العسكريين أو المدنيين الذي يلقون حتفهم مجرد خراف تساق للذبح وأن الأزمة العالمية والتي تضررت منها أمريكا ودول أوروبا أيضا لا تمثل شيئا والمهم هو الوصول إلى النجاح في الفكر الشيطاني للقضاء على روسيا أو تحجيمها لتصبح أمريكا هي المهيمنة على العالم كله وخلفها حلف الناتو . 
رقصة إيران لامتلاك السلاح النووي.
***************************
ولماذا لا؟ أليست لها مقومات الراقصات؛ ولماذا لا تُبدع أكثر وتزيد من مساحة التعري وتجعل من الهزات شيطانا للإغراء؛ العالم يزداد في شره فلماذا لا تفوقه بشرها المثير للشكوك دائما؛ امتلاك إيران للسلاح النووي يقفز في خطورته على كل الرقصات؛ ليس على الدول العربية فقط بل على كل العالم؛ أن تقع في يد طفل شرير بندقية معبأة بالذخيرة  ؛ لا ندري ماذا سيحدث ؟ إذا لم يجد من  يوجهها نحوه يمكن أن يوجهها إلى أسرته أو إلى نفسه والنتيجة معروفة ؛ إيران منذ أن قضت على شاه إيران " رضا بهلوي "  عندما حدثت الثورة الإسلامية انقلبت إلى راقصة شريرة تحاول أن توقع بكل من حولها وحتى البعيد عنها ؛ تحولت إلى تخصيب اليورانيوم ليس من أجل صناعات السلام كما تزعم لكنها تسير في الاتجاه المضاد من أجل امتلاك السلاح النووي لتصنع لها أسما وسط الدول الكبرى ؛ أسم شرير ومخيف للقريب منها والبعيد ؛ خطواتها ليست فيها أي براءة ؛ خطوات راقصة في ماخور لا تعرف سوى النجاسة ؛ وكأن العالم ينقصه أن يزيد شره شرا جديدا متمثلا في عقليات لا يعلم ما بداخلها من شرور سوى الله ؛ إيران في مساعيها لامتلاك السلاح النووي كالزئبق ؛ حتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تستطيع الإمساك بها أو تحديد ما وصلت ؛ دائما في مناوشات تخلو من الصدق والحقيقة عما تفعله في تخصيبها لليوارانيوم وإن لم تُتخذ الحيطة سيُفاجأ العالم بتهديداتها النووية وويلا للعفة من تهديدات راقصة لا تخطو خطوة إلا إذا كان الشر والخطيئة هما هدفها . منذ فترة بسيطة نشرت الوكالة الدولية للطاقة الّذرية أنها تمتلك  يوارنيوم مخصب بنسبة 84%  بعد أن كان في مستوى 60% وكالعادة نفت إيران مراوغة بأن هذا التقرير الصحفي الذي نشر عن الوكالة الدولية هو تقرير كاذب ؛ مستمرة في ألاعيبها الراقصة بالرغم من تأكيد وكالات إخبارية أن مراقبين من هيئة الطاقة الذرية رصدوا في مفاعلاتها يورانيوم مخصب إلى مستويات أدنى بقليل من المطلوب لصنع سلاح نووي، وفقا لاثنين من كبار الدبلوماسيين ويشير التقرير أن نسبة 86% تقل 6% فقط عن درجة النقاء المطلوبة لصناعة سلاح نووي ؛ بالرغم من أن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق أن أجهزة الطرد المركزي لديها مهيأة لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60% فحسب. ومن تحترف الرقص الفاجر من المؤكد أنها تحترف الكذب أيضا وهذه هي المرة الثانية في فترة قصيرة التي يكتشف فيها المراقبون أنشطة مشبوهة متعلقة بالتخصيب. المفاوضات مع إيران في هذا الشأن ما أن تبدأ حتى تتوقف لا لسبب سوى الرقص الإيراني المشبوه في هذا الشأن؛ فبالرغم من عودة المباحثات في أبريل 21 بعد توقفها في عام 2018 في عهد الرئيس ترامب وقد سبق أن توقفت عام 2105 إلا أنها توقفت ثانية وفي يناير الماضي أعرب مدير الوكالة الذرية مؤخرا عن قلقه بشأن "المسار" الذي اتخذه برنامج إيران النووي، محذراً من أن الإيرانيين "جمعوا ما يكفي من المواد النووية لصنع العديد من الأسلحة النووية". خطوات إيران نحو امتلاك أسلحة نووية واضحة وبين التوقف عن التعاون مع وكالة الطاقة الذرية الدولية والعودة ثانية ما هو إلا رقص " راقصة متعودة دايما " وهي جملة ترددت في مسرحية كوميدية بمعنى الحنين دائما للعودة للخطيئة وها هي إيران متعودة دائما أن تُظهر الطاعة وعدم الذهاب بعيدا في تخصيب اليوارانيوم وفي نيتها عدم التوقف عن فكرة امتلاك أسلحة نووية؛ لقد أكد وكيل وزارة الدفاع الأمريكي كولن كال، الرجل الثالث في البنتاجون أن "إيران كانت تحتاج لـ 12 شهراً لإنتاج قنبلة نووية في 2018.. والآن تحتاج 12 يوماً".  أتخيل ماذا سيحدث لو امتلكت إيران الأسلحة النووية بالفعل ومارست بها جميع الرقصات الشريرة وصولا إلى العري بلا حياء؛ شر يعف الشيطان عن فعله.
عندما ترقص ثقافة الفكر 
******************************
تكمن الخطورة في رقص ثقافة الفكر في نوعيتها  التي لا نعرف لها اتجاه وإلى أي خطيئة تتجه وما أسهل أن تتجه إلى الخطايا البربرية والدموية والوحشية؛ أبسط مثال أسوقه هنا محاولة قتل الكاتب والروائي الذي أنتج للأدب والفكر ما سيظل التاريخ يذكره للنهاية؛ الكاتب والروائي المبدع نجيب محفوظ؛ عندما فسر أصحاب الفكر الراقص روايته " أولاد حارتنا " على أنها عيب في الذات الإلهية. ومنذ فترة قصيرة فوجئت وبدهشة شديدة بحديث للدكتور مصطفي الفقي مدير مكتبة الإسكندرية السابق؛ وقد رقص فكره رقصة غريبة لم أكن أتوقعها؛ رقصة جامحة أبعدته كثيرا عن الجو الذي عاش فيه لفترة زمنية ليست بالقصيرة بين جواهر الكلمات؛ وهي فترة كافية لأن تريح الفكر من رقصاته السابقة على افتراض أن خطواتها لم تكن بعيدة عن الخطيئة. غرابة الحديث جاءت طعنه في أحقية نجيب محفوظ بجائزة نوبل قائلا بالحرف الواحد أن الكاتب الكبير توفيق الحكيم كان أحق بالجائزة من نجيب محفوظ ولست أفهم لماذا لم يتوقف رقص فكره للحظة لكي يستبدل كلماته بكلمات أرقى ويقول " كنت أتمنى أن ينال توفيق الحكيم جائزة نوبل مثل نجيب محفوظ " وليت حديثه الراقص توقف عند هذا الحد ؛ لكن الرقصة اشتدت هزاتها عندما أردف قائلا " أن لجنة نوبل لم تمنح الحكيم الجائزة لأنه يكتب في الإسلاميات "  ؛ أتخيل لو كان نجيب محفوظ لا يزال بيننا حتى الآن  ؛ هل يا ترى كان سيرقص فكر الفقي ويقول هذا الحديث وإذا أتته الجرأة وقالها ؛ لو كان الإرهاب نشطا حتى الآن  كم كانت عدد الطعنات التي ستوجه ثانية إلى عنق نجيب محفوظ  مستندة إلى فكر راقص مثل فكر الفقي الذي خرج على طريقة  الناس العاديين الذين تخرج كلماتهم عشوائية دون تدقيق أو تمحيص بأن جائزة نوبل تمنح لأعداء الدين . من الأخطاء التي وقع فيها الدكتور مصطفى الفقى أيضًا أنه انحاز إلى فكرة الأفضلية (فلان أفضل من فلان) وذلك لا يتفق مع المنهج الفكري المضبوط، المتابع لجائزة نوبل والفائزين يعرف أن عالمنا العربي مظلوم تمامًا فيما يتعلق بها، فلدينا نحو عشرة أشخاص في مصر فقط يستحقون جائزة نوبل منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وطه حسين والعقاد ويوسف إدريس وغيرهم الكثير، بالتالي لا يوجد مجال للأفضلية. ومن النقاط المهمة أيضًا التي تحتاج وقفة هي ظن الفقي أن توفيق الحكيم كاتب إسلامي، وفى ذلك خلط بين الكاتب ذي الصبغة الإسلامية والكاتب الذي يوظف بيئته وثقافته وهويته في الفن، مثلما فعل توفيق الحكيم في أعماله التي اعتمدت على التراث الديني مثل "أهل الكهف"، فهي ليست مسرحية دينية إنها مسرحية فلسفية، وهكذا، بالتالي فإن وصف توفيق الحكيم بأنه يكتب في الإسلاميات ليس دقيقًا. فهل غزا الرقص فكر الفقي على كبر أم كان موجودا في صورة مستترة ولم يخرجه إلا بعد وصوله إلى نهاية المطاف!!!!!

أخبار متعلقة :