من المؤكد عندما نفكر فيما ينتجه غياب العقل ورعونة السلوك الناتج عن القوة والبطش علينا أن نعود إلى الجذورالضاربة في أعماق التاريخ لنوضح كيف انتقلت فكرة الهدم الذي أراد بها أبرهة الحبشي هدم الكعبة ضاربا بكل القيم الانسانية والأخلاق النبيلة عرض الحائط، ولقد أراد الله أن يحميها من تلك الأفكار العابثة .
مات أبرهة ومازالت أفكاره الهدامة تطل برأسها من حين لآخر، حيث نرى مسليمة الكذاب يركب على غروره لهدم قيمة الصدق، ونجد ذلك في عصر الخلافة، وجوه كثيرة لأبرهة تمكنت من الوصول لسدة الحكم بفكرة الهدم وتشويه الآخر لخدمة مصالحهم الشخصية.
والشاهد على ذلك ما نراه في العصر الحديث من ضعف في كل مناحي الحياة التي هدمت مكوناتها بنفس طريقة أبرهة دون أن نشعر وكأنه يعيش بيننا لهدم كل ما نملكه من مقدرات نتعكز عليها في طريقنا نحو الحياة، نجد أبرهة في تعليم فاشل تم تحويله إلى سناتر ودروس خصوصية تستنزف جيوب البسطاء، نجده في مغالاة الأطباء في أجور الكشف والعمليات الجراحية، نجده في جشع التجار والغلاء الفاحش في أسعار السلع بلا رقيب، نجده في التخاذل عن تقديم الخدمة للمواطنين بطريقة محترمة بعيدة عن الرشاوي، نجده في غياب معظم الدول العربية عن محاربة الفقر ورعاية الفقراء والبسطاء، والمجال هنا لا يتسع وإنما هي إشارة لفكرة الهدم الناتجة عن غياب العقل وقوة النفوذ والتحكم في مقدرات الشعوب.
وإذا أردنا أن نعود إلى فكرة البناء علينا ألا نختزلها في بناء الحجر دون بناء البشر، لأنهم هم القاطرة التي تجر الحياة إلى مستقبل الإبداع والابتكار، وأن نكون قادرين على إحياء منظومة القيم والأخلاق النبيلة التى تعد حجر الأساس في بناء دولة عصرية جديدة تعيد أمجاد الحضارة العربية
التي علمت العالم معنى الحياة.
أخبار متعلقة :