بوابة صوت بلادى بأمريكا

صافرة !! بقلم حمادة عبد الونيس

 
راكضا فيها ركض الوحش في البرية حاملا على عاتقه مخلتيه يطوف بهما القرى والنجوع يبيع ويشتري ،ماهرا في كل شيء حتى ختان الذكور اتخذه وسيلة سريعة للاغتناء، كل شيء في القرية متاح مباح !!
مرزوق أبو خضرة أو مرزوق الجن شاب ثلاثيني نزل القرى والنجوع قادما من مدينة الإسكندرية بداية الأمر عمل بائعا للتوابل والعطارة ينزل القرية يقضي فيها أسبوعا كاملا يوزع بضاعته ثم يجمع ثمنها نهاية الأسبوع منتقلا إلى القرية المجاورة !
يوما بعد يوم توطدت علاقاته بالأهالي فدخل بيوتهم آكلا شاربا كأنه واحد منهم فاستمع إلى خصوصياتهم وأسرارهم دونما دراية منهم شيئا فشيئا أخذت النساء يحكين له أسرارهن طالبات مشورته في حل بعض المشكلات التي تواجههن فهو في نظرهن متعلم ومتنور وابن حلال لا يرفع عينه في وجه فتاة ولا امرأة يخاطب الكبيرة "يا أمي "والصغيرة يا "أختي "!
ذات غداء دعاه  عطوة  الغلبان  لتناول الغداء معه بعد صلاة الجمعة وأخبر زوجته فعمدت إلى ذكرين من البط السوداني فذبحتهما ونفخت في نيران الفرن فزغردت فخرج الفطير متورد الخدين !
ارتدت سلوى أحسن ثيابها ومشطت شعرها وتعطرت وقدمت الطعام والابتسامة نور يتلألأ في وجهها :
اتفضل يا أسطى مرزوق ،لقمة بسيطة تليق بمقامك !
نظر إليها شاكرا حسن وفادتها والعرق يلجمه إلجاما فالمرقة تتصاعد أبخرتها يفوح منها رائحة السمن البلدي  ،وذكرا البط ممددان كخروفين برقيين ينزان دهنا!
يتناول الهبرة وراء الهبرة يشيعها بنظرات الاشتياق ،وقد فتح أذرة القميص الذي لم يعد يتحمله من شدة الحرارة بالرغم أن الجو بارد واليوم آخر جمعة في شهر طوبه !!
تسلمين يا ست الكل!!
عمل يدي وحياة سيدي !!
قل لي يا أسطى مرزوق ،لك في تصليح الموتور ؟!
قصدي موتور الغسالة !
لي في كل حاجة يا ست الكل ؛ كل شيء سيصبح فل الفل !
عطوة الغلبان لا يكف عن القهقهة :
نورتنا يا أسطى مرزوق !
يسلم أصلك كلك ذوق !
في سرعة البرق ،يحل مرزوق مسامير الغسالة ،يفحص الموتور يرسل عطوة إلى دكان الحدادة لشراء ملف نحاس وبعض المسامير !
يذهب في عجالة قاصدا مدينة رشيد حيث أمره الأسطى مرزوق !
حقك علي يا أسطى مرزوق ،عطلتك عن لم فلوسك من عند الزبائن !!
ولا يهمك يا ست سلوى أنا خدامك !
تخدمك العافية يا مرزوق قصدي يا أسطى مرزوق !
نظرات تتبعها نظرات  تضطرم النيران في الجسد ؛بطك حلو يا سلوى قصدي يا ست سلوى !
ولا يهمك سلوى خدامتك ورهن إشارتك ،كل جمعة البط في انتظارك يدفيك ويطفئ نارك!
دخل عطوة الدار حاملا الطلبات فوجد الغسالة تنعر كأنها رجعت شبابا من بعد شيخوخة أصابتها!
العدة يا أسطى مرزوق!
يا رجل يا طيب والله أنت كريم وأنا اجتهدت فلفيت الموتور ورجع أحسن من الأول وفر العدة لمرة قادمة !
ذاع صيت الأسطى مرزوق فطلبته جل النساء يصلح غسالة أو ثلاجة أو بوتوجاز أو مكواة !
وهمت كل أسرة تعرض عليه بنتا من بناتها لكنه رفض رفضا قاطعا :لله في خلقه شؤون ،لا تضغطوا علي وكل شيء نصيب !
كلكم أهلي وناسي !
يبيع ويشتري ويصلح الأجهزة التالفة ولم يعد يرحل عن القرية ففتح محلا شاملا لقطع الغيار وخصص فيه جزءا للملابس الحريمي وشارك عطوة الغلبان في إدارته !
فلما كثرت عليه الطلبات قسم الوقوف فيه بينه وبين عطوة وسلوى كل واحد يقف وردية بالتناوب فجرت الأموال في يد سلوى حتي حسدتها نساء الحي !
وذات مساء خلت بها هنومة بنت ذكية:
بنت يا سلوى ،طول عمرك صديقتي من أيام الطفولة !
شاركيني يا أختي معك والسر في بئر !
كم تدفعين يا هنومة ؟!
أدفع لك عمري يا قمري !!
حلاوتك زادت يا بنت كأنك رجعت بنت بنوت من جديد !!
بطلي القر يا شر !
غدا ترجعين مثلي !
دمت لي يا قلبي !

أخبار متعلقة :