جيهان الغرباوى سيدة الأدب الساخر و مساعد رئيس تحرير جريدة الاهرام لـ " صوت بلادى ": فخورة بأنى كتبت جزء من بروفة التاريخ فى مصر
حوار : جاكلين جرجس
* بريد الجمعة خلق لدى الصحافة الإنسانية و حدث نوع من التوحد مع الشخصيات
* قصور الثقافة فى أسوأ حالاتها ، و المسابقات و الجوائز يدخل فيها اعتبارات كثيرة جدا
* الضحك وسيلة فعالة للاغتيال المعنوى .
* برنامج " هى و بس " يُعتبر إعلام تنويرى ؛ لكن برنامج "كلام الناس " اعتبره جريمة تريند !
* أسوأ أنواع العنف ضد المرأة هو غلاء الاسعار و الأزمات الاقتصادية
الكاتبة الصحفية جيهان الغرباوى تشعرك عند حديثك معها أنها شبيهة الروح و أنك تعرفها منذ زمن بعيد و كأنها جارة فى البيت العتيد أو ربما صديقة الطفولة بكل معانى الكلمة من براءة و ذكريات و ضحكات من القلب تشق عنان السماء ، فطبيعة شخصيتها الضاحكة و الساخرة مع ولعها بالسفر و الرحلات و المغامرة جعل من حديثنا رحلة شيقة مغلفة بخبرات السنين و مزينة بثقافة وفطنة واضحة ، تعشق عملها الصحفى تحبه لذاته و ليس لجاه أو نفوذ عملت كمحررة تحقيقات بمجلة صباح الخير مؤسسة روز اليوسف و مجلة الاهرام العربى و مجلة الاهرام الرياضى إلى أن وصلت لكرسى مساعد رئيس تحرير جريدة الاهرام ، لم تكتفى بنجاحها فى التحقيقات الصحفية بل قدمت للقراء أراء و حلول واقعية لمشاكلهم بعد توليها منصب رئيس صفحة بريد الجمعة بالاهرام ، تفخر بكونها كاتب ساخر فقد أجمع القراء أن لها اسلوبها الخاص الساخر الساحر في التهكم من كل شئ … قدمت كتب ساخرة منها " أكل العيش " ، " شغل حريم " ، " الصندوق الأحمر " ، " جيهان تحب السفر " ، و أخيراً كتاب " دلال الدنيا والأمل وأضواء المدينة" و هو كتاب يؤرخ حياة الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز ،اسمح لى عزيزى القارىء إذا كنت ممن يفضلون التكشيرة لا تقرأ هذا الحوار ، فبعضه جاد و أغلبه ساخر و يحتمل الابتسامة .
استمتعوا برحلة الحوار :
* متى و كيف و قعتم فى حب الأدب الساخر؟
فى الحقيقة لم اختر مجال الأدب الساخر لكن أنا ما اكتب فشخصيتى هى ما تقرأونه على صفحات الجرائد أو فى كتبى الساخرة ، تكوينى النفسى و شخصيتى مبنية على " المفارقة " أو المفارقات الكوميدية ،اقدر اشوف الفكرة و عكسها بشكل صارخ فتتكون النكتة ، و من هنا احببت القراءة فى الكوميديا و الأدب الساخر و اعتقد أن أى كاتب صحفى أو مؤلف عنده نفس الشىء بمعنى أن شخصيته حتما ستوجهه لمجال كتابة معين.
* بالرغم من نجاحك الباهر كصحفية تحقيقات إلا أنك فضلتى الكتابة فى الأدب الساخر هل ندمتى على هذا القرار يوما ما ؟
لم أندم أبدًا بل بالعكس أهم شىء للصحفى أن يكون صادقًا مع نفسه و قراؤه لذلك أنا اكتب ما أحب و أشعر به ، كما أنى أعتبر نفسى صحفية شاطرة و كنت بعمل تحقيقات أغلفة فى صباح الخير و روزاليوسف فى بداياتى و ضمونى للاهرام علشان كنت ناجحة فى التحقيقات ، و معروف أن الاهرام مش بتضم حد ليها الناس بتسعى للاهرام ، وقتها ضمونى مع مجموعة ممن الصحفيين عند بداية إصدار مجلة الاهرام العربى.
* هل هناك مقاييس للتحقيق الناجح من وجهة نظرك؟
فى بعض التحقيقات شعرت أنها مهمة جدا و فى موضوعات بعد نشرها اكتشفت انها اثرت فى مجرى حياتى انسانيا و صحفيا و بكون فخورة بها و اشعر أنى كتبت جزء من بروفة التاريخ فى مصر ، فكتاب التاريخ ليسوا من يكتبوه فى الكتب فقط ،بل الصحافة يطلقون عليها بروفة التاريخ لأننا نكتب ما يحدث كل يوم فى مصر بشكل اسكتش أو بروفة إلى أن يتم تجميعه و وضعه فى كتب التاريخ.
* ما هو التحقيق الذى ظل عالقا فى الذاكرة و مع القراء ، و هل نلتم أى جوائز تقديرية عن تحقيقاتكم الملهمة؟
عملت مجموعة تحقيقات مهمة مثلا تحقيق عن اصحاب الطيارات و اليخوت الخاصة ( اللى محدش يعرف عنهم حاجة ) فى مصر يعنى أغنى أغنياء مصر كان التحقيق فى فترة التسعينات و كان تحقيق مهم جدا و عمل صدى واسع و ده اهم اسباب تعينى فى الاهرام.
و بعدها بفترة تحديدا شهر مايو قبل ثورة 25 يناير كتبت و قولت أن مصر (هتتقلب على وشها ) و حدثت احداث كبيرة جدا و غير متوقعة فى العريش فبدو سينا طلعواعلى مديرية الأمن و ولعوا فيها و قتلوا الظباط و رموهم فى سلة المهملات و صوروا فديوهات بالاحداث بنفسهم لينتقموا من الضباط و يذلوهم و يهددوا الشرطة فتم تكليفى بعمل تحقيق فى الموضوع و أنا كنت رافضة لسياسة الدولة ايام حسنى مبارك فاجتهدت جدا و ربنا وفقنى و قابلت الناس اللى قتلوا الظباط فى الجبل و كلهم كان عليهم أحكام بالإعدام و اصطحبونى بعربياتهم فى الجبال لأنهم كانوا عايزين يتكلموا و يحكوا ليه عملوا كده و يتكتب كلامهم فى جريدة حكومية عريقة زى الاهرام و كان سبب ما فعلوه أنهم شعروا بالظلم من الشرطة فقرروا الانتقام من الظباط ، وقتها كان سيادة اللواء مراد موافى محافظ العريش و أصبح مديرًا للمخابرات بعد ذلك ، كان مندهش أنى قدرت اوصلهم و اعمل التحقيق بالشكل ده و قدر شغلى جدا ، وتم نشر التحقيق فى الاهرام و رشح لجائزة كبيرة لكن للأسف لم أحصل عليها و كانت من صيب إحدى الزملاء، وقتها شعرت بفخر و اتاكدت من حبى لشغلى.
و بعد الثورة عملت تحقيق أخر غير مجرى حياتى تماما لأن الناس بعد 25 يناير كنت ضد الفوضى و العنف و رأيى أن الثورة لم تقوم للفوضى لكن الناس كانت محتقنة جدا و حصل حادثة عنيفة لظابط شرطة اتخانق مع سواق ميكروباص فالسواق نزل هو و زمايله و ضربوا الظابط بالمطاوى لولا وجود والدته رمت نفسها فوق الظابط و اخدته الاسعاف على مستشفى الشرطة بعدها عملت حوار مع الظابط فى مستشفى الشرطة و المعادى العسكرى فكنت اول من تقدم تحقيق متسلسل للحادث و كمان عن الشرطة !! فاصبحت أول صحفية تعمل ملف فى الاهرام عن المصالحة بين الشرطة و الشعب حتى لا تسقط الدولة.
* هل هناك ملفات أخرى قمتم بإلقاء الضوء عليها و طرح قضاياها مثل ملف الاقباط مثلا؟
طبعا كتبت كثيرًا عن الاقباط و لى اصدقاء مقربين مسيحيين ، أذكر من التحقيقات الهامة عن الاقباط فى احداث ثورة يناير وجود مذيعة قناة ctv لتغطية جمعة الغضب فى التحرير و طبعا كانت الفوضى تعم الميدان فبعض الافراد اشاعوا أن المذيعة اسرائيلية فقاموا بضربها و سحلها و الاعتداء عليها و كان أكبر حادث تحرش فى مصر بميدان التحرير و من انقذها من أيديهم كان ظابط مسلم فقررت عمل تحقيق صحفى معها و مع الظابط و بعد انتهاء التحقيق استمرالتواصل بيننا للاطمئنان على صحتها لأنها كانت فى حالة صحية و نفسية سيئة جدا.
أيضًا حادث كنيسة القديسين من التحقيقات المهمة جدا فى حياتى قضيت ثلاث أيام هناك على اعتبار أنى مسيحية لأن كان فى حظر تجول و ممنوع دخول الصحافة و الأمن كان منتشر جدا حول مستشفى مارمرقس و كنيسة القديسين طبعا كانت عائلات المصابين متحفظين جدا و مشحونين جدا فكنت قلقانة أنهم يعرفوا انى صحفية و مسلمة و على الجانب الأخر أمن الدولة منع دخول الصحفيين و منتشر فى كل مكان فكانت مخاطرة غير محمودة العواقب لكن حزنى على الضحايا و المصابين جعلنى انسى خوفى على نفسى ، و أتأكدت أن المعدن الطيب للمصريين بخير لما شفت ناس مليانة بالإنسانية و المحبة ،الجيران المسلمين للمصابين كانوا بيزوروا الاهالى و يقدموا لهم كل عون و مساندة معنوية ، المواقف دى اكدت لى أن الناس فى قلوبهم خير و محبة و رحمة حقيقية غير مصطنعة المواقف الصعبة اظهرت معدن المصريين الحقيقى ،فعلا المجتمع بكل مصائبه و طوائفه نجد ان هناك تمييز ليس تمييزا بين المسلم و المسيحى فقط بل بين الغنى و الفقير ، الرجل و المرأة اشكال كثيرة من التمييز ، لكن يبقى المعدن الطيب فى قلوب كل المصريين.
*هل هناك مواقف معينة محفورة فى الذاكرة من خلال تحقيقك عن حادث القديسين؟
من المواقف اللى مقدرش انساها دكتور شاب جراح كان بيخرج من العملية يدخل اللى بعدها فضل يتكلم معايا وانا قلت كلمة اضهرت أنى مسلمة و هو عرف بسرعة و قالى أنت مش مسيحية و قالى بالحرف ( انتوا مش هتشوفوا خير ... فقلت له بتقول انتوا على مين أنا لوحدى ومش تبع حد .. قالى البلد دى مش هتشوف خير و مش هتستمر على كده و حسنى مبارك مش هيكمل فيها ) لكن بعدها بقينا اصدقاء و اتكلمنا كتير وفهمنى أن المسيحيين هيصوموا 40 يوم على حسنى مبارك و بإرادة ربنا هيمشى و بالفعل قبل 40 يوم تنحى حسنى مبارك ،و فكرنى بحادث السادات مع البابا شنودة و أن الشعب المسيحى صام 40 يوم و بعدها تم مقتل السادات و قالى افتكرى الأحداث دى كويس طبعا فضلت فاكرة كلامه جدا لأن المسيحيين صاموا مرة تالتة 40 يوم وقت حرق كنائس المينا أيام مرسى و تم الاطاحة بيه ، و هنا أحب اسجل ملحوظة مهمة جدا ( أنى مأمنة بالله و صيام الأربعين يوم للمسيحيين و الله على ما أقول شهيد ).
* بعد كل هذه التحقيقات فى أماكن مشتعلة و مع شخصيات مثيرة للجدل أو حتى ضحايا... أين موقع الخوف فى حياتك؟
كان له موقع البطولة أو بمعنى آخر ( موقع متميز على ناصيتين ) لكن بحاول اسيطر عليه و استشرت صديق طبيب نفسى فى كيفية التخلص من الخوف لأنه معطلنى فكان رده : أن الخوف شعور انسانى طبيعى عند كل الناس و طالما الخوف بيجعلك تقدمى على فعل ما تريدينه فهو خوف غير مضر و ممكن نسميه ( الخوف صديقى ) لكن لو كان بيشل حركتك و حياتك و تفكيرك فده نوع من الخوف السىء نخاف منه لأنه بيعطلنا و يضعفنا.
* أوصفى لنا شعورك عند تلقيكم مسئولية بريد الاهرام بعد رحيل قديس الاهرام الصحفى البارز الاستاذ عبد الوهاب مطاوع؟
فى الاول أحب اقول أنى أول ست و غالبا أخر ست هتمسك المنصب ده و تكتب بريد القراء(لأنهم هيندموا أنهم عملوا كده ) قبلى كانت مرشحة لمسؤولية البريد الاستاذة سناء البيسى لكنها اعتذرت عنه لأنها كانت على المعاش و عايزة تعتزل و ترتاح ،فرشحونى لكتابة البريد و كانت صدمة كبيرة ( مش ليا لكن لجريدة الاهرام كلها الحقيقة )فالصدمة الاولى أنهم جابوا واحدة ست و التانية أنها عيلة صغيرة فى السن و تكون مسؤولة عن باب كبير جدا و لازم اللى يكتب فيه يكون كبير و الصدمة الأكبر أنها تطلع " جيهان الغرباوى" المعروف عنها أنها كاتبة ساخرة أو كاتبة كوميديا ،و كان شعورى أن الناس دى اتجننت و أن رئيس التحرير عمل حاجة غريبة جدا.
* هل حدثت مفارقات كوميدية عند تعينكم مسؤولة عن بريد الاهرام؟
قرار تعيينى نفسه كان فيه مفارقة كوميدية و احب دايما اقولها لما اتصلوا ليبلغونى قرار التعيين قالى رئيس التحرير تعالى لمكتبى فى الاهرام كنت وقتها إجازة و سافرت العين السخنة للفسحة و احرجت اقوله أنى مسافرة و قولت له حاضر هاجى على المكتب و طبعا مروحتش فبعدها بيومين علقوا اسمى فى لوحة الاعلانات و مصر كلها عرفت أنى اتعينت رئيسة صفحة بريد الجمعة و كلمنى ناس كبار فى الجريدة يقولوا لى انت فين مبروك التعيين تعالى حالا فقلت لهم اجى ازاى أنا لسة ليا يومين فى حجز الرحلة و انزل عشان بقيت رئيسة الصفحة!!( اسيب البحر و الشمس و انزل القاهرة يعنى أنا لسة عايزة انزل البحر و اتفسح انت عارف اليومين هنا بكام ) !! كان ليا استاذ فى الصحافة تقريبا شتمنى قالى يومين ايه يا جيهان انت بقيتى رئيسة بريد الجمعة !و طبعا رجعت القاهرة مضطرة حزينة على اليومين اللى ضاعوا منى و مكانش فى بالى ابدا أن ده قرار عاقل و كنت حاسة انى هتحارب و حصل بالفعل .و الغريب و المدهش أن التجربة نجحت و أنى حبيتها و مع الوقت حبيت البريد و القراء و مشاكلهم و ظهرت الصحافة الانسانية أن يحصل نوع من التوحد مع الشخصيات و تحسى بيهم و انك اتعاطفتى معاهم و بقيتى جزء من حكايتهم.
لكن ازعم أنى كنت صحفية تحقيقات شاطرة و لما حد يعرف يكتب تحقيقات ودى العمود الفقرى للصحافة فيقدر يكتب كل أنواع القوالب الصحفية .... صفحة بريد الجمعة جعلتنى اقرا مشاكل القراء فى مصر من2013 وجدت فيه صحافة إنسانية من لحم و دم بسبب علاقتى بتحرير هذا الباب بالرغم أن هذا الباب فى فترة الاستاذ عبد الوهاب مطاوع كان يغلب عليه الطابع الرومانسى أو الحزين أو الرصين أو الوقور إلا أنه كان بعيد كل البعد عن أن يكون بسيط أو كوميدى لكن بفضل الله استطعت الرد على المشاكل فى فترة صعبة جدا و معقدة فى تريخ مصر فيها مشاكل اقتصادية و سياسية كبيرة فكانت بتوصلنى مشاكل حقيقية لا مجال للسخرية أو الضحك فيها لكن بالرغم ذلك اشعر أن المفارقة الكوميدية موجودة و حاضرة و استطيع أن التقطها فى كلمة أو سطر و يحدث ذلك سواء فى بريد الجمعة أو فى مقال أو تحقيق ؛لكن اكثر شىء اعتز بيه انى كاتب ساخر و كاتب كوميدى او بكتب صحافة ساخرة.
* هل كنتم تتوقعون الفوز بجائزة احمد رجب لاحسن كتابة ساخرة عام 2005 من نقابة الصحفيين ..؟
كنت اتوقعها قبل 2005 و عندما لم أحصل عليها تخيلت أنها فقدت اهميتها بالنسبة لى ؛لكن بعد فوزى بها كانت فرحتى بقيمتها الادبية عظيمة جدا و اكثر من فرحتى بقيمتها المادية خصوصا بعد أن تعرفت على شخصية عظيمة مثل الاستاذ احمد رجب و اجريت معه حوار اذكر عندما دعتنى نقابة الصحفيين للتحكيم عن الأدب الساخر لجائزة احمد رجب ، تذكرت على الفورقصة شارل شابلن لما اتقدم لمسابقة مين أكثر شخص يقدر يقلد شارلى شابلن و لما اتقدم ليها بنفسه فاز بالمركز الثالث ، فى رأيي المسابقات و الجوائز يدخل فيها اعتبارات كثيرة جدا فى رأيي أن الجوائز ليست دليلاً أو علامة على شىء فالجائزة الحقيقة أن يصدقك القراء لأنه دليل على صدقك و وضوحك معهم.
* الشاعر الغنائى العظيم مرسى جميل عزيز كتب فى مطلع إحدى أغانيه للفنان الكبير عبد الحليم حافظ جملة لا ننساها " ..ضحك و لعب و جد و حب .." فكيف يجتمع الضحك أو السخرية مع مآسى و أحزان المواطن الكادح؟
هى بتكون ميكانيزم أو طريقة دفاعية نفسية معروفة و هى الدفاع عن النفس من خلال الضحك لأن لو مضحكش تصبح الكرامة فى وضع سىء لشعور الشخص بالإهانة ولأنه لا يستطيع الرد أو الدفاع عن نفسه فيشعر بحزن و ألم أكبر من قدرة الشخص على التحمل ، و يتحول الحزن إلى خطر يهدد الصحة و الحياة ؛ لذلك الضحك يعتبر درع لحماية الشخص و من قديم الزمن يضحك المصريين للدفاع عن صحتهم و كرامتهم و كنوع من المقاومة بالظبط زى مقاومة الاحتلال.
مثلا :السخرية أو الضحك بيحمى الشخص فى عمله سنجد فى الصحافة بيحميه فى حالة عدم وجود حرية للصحافة فبيستخدم الكتابة الساخرة لتمرير أفكار كبيرة و مهمة لو تم كتابتها بجدية ستحسب على الصحفى و تتم مجازاته وربما يتم إيقافه عن الكتابة فالأفضل هنا للصحفى أن يكتب بالإسلوب الساخر خاصة وأن هذا الإسلوب مؤثر أكثر فى الناس ؛ فالضحك هو وسيلة من وسائل التأثير الأعمق عند كتابة كلام بشكل جدى الناس متوقعاه ،الضحك فيه دهشة و مفاجأة فبالتالى الصحفى بيدافع عن نفسه نفسيا و قانونيا ؛كما أن الضحك و السخرية عند المصريين وسيلة للاغتيال المعنوى بمعنى لو مدير فى العمل و الموظف لا يستطيع انتقاده خوفا منه فيبدا الموظف باطلاق القاب ساخرة على المدير بحيث أن باقى الموظفين عندما يروا المدير يتذكروا الاسم الساخر اللى اطلقه عليه زميلهم و بالتالى يتم اغتياله معنويا بسقوط كبرياء و المدير و الهالة التى تحيط بيه فيتم تدميره و اغتياله معنويا لذلك نجد أن الضحك ملازم للأزمة فإذا كان المواطن مغلوب على امره فيبدأ باغتيال النظام أو الحاكم أو السلطة معنويا ، الضحك وسيلة فعالة للاغتيال المعنوى.
* يقال على المصريون أننا شعب ابن نكتة لأنه يحول مآسيه إلى ابتسامة و ضحكة ، هل يمكننا التأثير على سلوك و سيكولوجيا المواطنين بالضحك و السخرية؟
الضحك لصيق بالشخصية المصرية و السخرية أيضًا لأن الشخصية المصرية عندها مهارة و موهبة اكتشاف الشىء و عكسه هو ما يصنع المفارقة و الضحك و النكتة فهى موهبة مفيدة و من وجهة نظرى أن الضحك مفيد نفسيا و اجتماعيا ، و الضحك يستطيع تغيير سلوك الناس للافضل بعض الناس ترفض الضحك وقت المشاكل و تعتبره سلبية و تفضل ردود الافعال القوية والايجابية من خلال إيجاد حلول فعالة على ارض الواقع لكن أنا ضد هذا المنهج و المواطن يلجأ للسخرية لأنه لا يستطيع أن يقوم بأى عمل اقوى لتغيير الواقع.
* بما أنك عاشقة للضحك هل كان هناك تجارب فى كتابة السيناريوهات الكوميدية؟ و ما هى خططك القادمة؟
بتمنى جدا أن أخذ خطوة ناحية كتابة المسرحيات لكنها لم تحدث حتى الأن ربما لعدم دراستى الكافية لكتابة المسرحيات الكوميدية، لكن كان فى تجربة كتابة مسلسل إذاعى كوميدى فى إذاعة الشباب و الرياضة رمضان الماضى و نجح الحمد لله بالرغم أنه كان أول محاولة لكنه ضم ابطال و فنانين منهم طلعت ريهام عبد الغفور و طلعت زكريا انعام سالوسة و أبو الحسن ، حاليا بخطط لعمل فيلم كوميدى.
* دلال الدنيا والأمل وأضواء المدينة لماذا اخترتى الفنانة الراحلة دلال عبد العزيز تحديدا بطلت كتابك الاخير؟
كانت صدفة و بعتبر أن الكتاب ده هو اللى كتب نفسه (و زى مانا اول و تقريبا اخر ست تمسك مسؤولية بريد الاهرام غالبا كده هكون أول و أخر واحدة تكتب عن سيرة حياة الفنانة دلال عبد العزيز ) ، وقت مهرجان الاسكندرية السينمائى كانوا هيكرموا الفنان الكوميدى الراحل سمير غانم و دنيا و دلال عبد العزيز ففكرت اعمل كتاب عن سمير و دلال لكن وجدت أن الناقد الفنى طارق الشناوى قام بالفعل بعمل كتاب عن سمير غانم ؛ لكن دلال لم يكتب عنها أحد من قبل ، و وجدت بعد البحث و الاطلاع أن دلال شخصية ثرية جدا كانت مؤمنة بالتعليم و التطور و هى صاحبة الفضل فى أن يظل لسمير غانم ذكر عند الجيل الجديد من خلال المؤسسة العائلة التى صنعتها دلال و من خلال اولاده.
الغريب بالنسبة لى أن اسرة دلال لم يهتموا بالكتاب و فكرته و أنا كنت متخيلة أنهم سوف يعجبون بالفكرة و يدعمونى بالمعلومات و كانت طموحاتى أن يتم تحويل الكتاب لفيلم أو مسلسل لكن لم أجد أى صدى لدى أسرة دلال.
* فى رأيكم هل تدعم وزارة الثقافة الأدب الساخر و كتابه؟ و ما تقييمكم لأداء الهيئة العامة لقصور الثقافة فى نشر الوعى المجتمعى؟
فى رأيى لا يوجد دعم للأدب الساخر أو غيره لأن كل الميزانية تذهب لأجور الموظفين و بالكاد تستطيع دعم المهرجانات السينمائية المعدودة ، بالنسبة لقصور الثقافة زمان كان لها تأثير كبير ودور عظيم لكن حاليا هى عبارة عن مكاتب و موظفين وقصور الثقافة فى الاقاليم فى أسوأ حالاتها ، مثلا قصر ثقافة المنصورة الذى كان يطلق عليه قصر ثقافة ام كلثوم تم هدمه لم يعد له وجود و أذكر أنه كان يضم مكتبة و سينما و مسرح و مرسم و نادى أدب و كان له دور هام فى نشر الوعى و الثقافة ؛ ومع تراجع دور قصور الثقافة ظهر العنف و التطرف و الجهل و الجريمة.
* هل قمتم بزيارة سفينة لوجوس هوب و هى اكبر معرض عائم للكتاب في العالم و التى كانت ترسو فى مدينة بورسعيد ؟ فى رأيكم إذا كنا نملك سفينة مماثلة تجوب العالم حاملة التراث و الثقافة المصرية فهل ستكون داعم قوى لتاريخ و ثقافة مصر؟
لم أقم بزيارتها بسبب ضيق الوقت و التكلفة المادية لكن كان عندى بعض الفضول لزيارتها و لم أقرأ عنها ما يشدنى لزيارتها ، طبعا ستكون داعم لصورة مصر الحضارية و الثقافية و قوة مصر الناعمة ، لكن مصر فى الوقت الحالى غير منتبهة لدعم افكار الثقافة و الكتب و الفنون و العمارة و غيرها.
* برامج المرأة أصبحت برامج للتريند مغلفة بدعاوى تثقيف المرأة و هى فى الحقيقة تدس السم فى العسل لكل فتاة و زوجة و أم .... فما رأيك كإمرأة فى مثل هذه البرامج؟
أحب برنامج " هى و بس " فأفكاره تمثلنى بنسبة 70% و اصدق مذيعته و لا اشعر أنه إعلام تريند ، لكن برنامج "كلام الناس " اعتبره جريمة تريند ، و مذيعته يجب أن تتم محاسبتها هى و القناة و إذا كان فى ميثاق إعلامى و رأى عام كان الرأى العام يحاسبها فالفرق بينهم أن مذيعة "هى و بس " تستضيف ضيوف متخصصين لمناقشة قضية أو موضوع ما غالبا ما يكون حول العلاقات الإنسانية و الزوجية و هى تضيف رأيها و فى رأيى أنها تقدم إعلام للمرأة مميز و له لون خاص و يمكننا اعتباره إعلام تنويرى لأن المرأة مقهورة جدا جدا فى مصر ؛لكن برنامج " كلام الناس " تعمل بطريقة الاحتراق الذاتى لذلك فهى غير متخصصة وبتقول كلام فارغ و هى تعلم و سعيدة لأن الناس تتابعها و خصوصا واننا نعيش فى اوضاع مليئة بالازمات اقتصادية و اجتماعية و اخلاقية و مادية و غيرها كثيرا و الأزمة دائما تنشىء إسفاف ، فالاسفاف هو الأخ التؤام للأزمة و هو ما يقدمه البرامج و القنوات فى الوقت الحالى و من قبل.
*كتبتم أن زيادة الاسعار في حد ذاتها نوع من أنواع العنف ضد المرأة .. هل لنا بمزيد من الإيضاح؟
الست هى روح البيت .. هى السر ،هى الرواية الأهم لكل التفاصيل والأحداث والمشاعر ،نسبة كبيرة من الستات في مصر مقهورات جدا ..تعيسات عاطفيا ..يتحملن فوق الطاقة و أحيانا مستضعفات لدرجة ( الغلب ) !. ؛ كما أن المرأة هى الأم التى ترعى فعند حدوث أزمة اقتصادية يمثل ضغط و طحن و استفزاز للمرأة لان لأب لا يحمل هم الأزمة بشكل كامل إذا كان موجود اصلا ، فاقصى شىء يقوم به ترك مصروف البيت فى يد زوجته و اتصرفى انت فتجد المرأة أن عليها عبء توفير نفقات المنزل بهذا المبلغ و قد يكون بسيط ، فالازمة الاقتصادية تتسبب فى البطالة و عدم إتاحة لفرص العمل و إذا وجدت عمل و حدث نوع من التحرش بها و هو يعتبر نوع من العنف لن تجد المرأة عمل بديل بسبب الأزمة الاقتصادية و البطالة مما يسبب ضغط نفسى على المرأة و لذلك مجازيا اعتبر ان أسوا انواع العنف ضد المرأة هو غلاء الاسعار و الازمات الاقتصادية و عدم وجود بدائل للعمل.
أخبار متعلقة :