ودّعنا 2022، وكل منّا يقول فى سره: «لقد كان عامًا بالغ الصعوبة». نستقبل العام الجديد، ومازال الأمل يحدونا أن ينظر لنا ولو بقليل من العطف وكم ولو ضئيل من الشفقة. نخرج من 2022 وكأننا خارجون من خلاط لم يترك مكونًا من مكونات حياتنا إلا هبده أو أمنية من أمنياتنا إلا رزعها. ورغم ذلك، مازال الأمل يسكن فى مكان ما فى داخل كل منّا. الميزة الكبرى فى صعوبة 2022 أنها أمَدّتْنا بنوع من المناعة تَقينا شرور الهبدات العنيفة. كما أنها لقنتنا درسًا قاسيًا فى ترشيد الشكوى، فكلما نشكو وضعًا صعبًا نُفاجَأ بأن الوضع التالى أصعب.
شخصيًّا، لدىَّ قائمة من الآمال والأمنيات بعدد أيام 2023 وربما أكثر. أتمنى أن نجد من وسائل التعبير ما يَقينا شرور الشكوى لبعضنا البعض، فحين يشكو إلىَّ سائق التاكسى من أن العداد ظالم، وأن العيشة نار، وأن احتياجات العيال وأمهم تُحتم عليه أن يلغى العداد ويمسك فى خناق الركاب ليحصل على ما هو أعلى من «البنديرة»، وأشكو له أننى لا أستفيد من برامج الحماية الاجتماعية التى يحصل هو عليها رغم أننى وغيرى من أقرانى القابعين فى وسط الهرم الاقتصادى من أكبر ممولى هذه البرامج عبر الأموال التى تُستقطع من راتبى والضرائب التى أسددها على هامش كل خطوة أخطوها، وأن راتبى محلك سر منذ عقود، تنتهى الرحلة بمعركة حامية الوطيس بيننا دون طائل.
ولو أُتيحت له فرصة للتعبير عن الصعوبات التى يواجهها بإنصاف، فسيعلم أن الست عيال الذين أنجبهم ويخطط لضخ المزيد ليسوا مسؤولية الراكب وليسوا فى رقبة الحكومة أتوماتيكيًّا، وسيعرف أن الحل فى مشكلات المعيشة لا يكمن فى أن يمد كل مواطن يده فى جيب المواطن المجاور له. حين نشكو لبعضنا البعض فى الشارع دون قنوات «مقنعة» أو «عملية» أو «فعلية» فإن الشكوى تتبدد فى الهواء. ومع كثرة التبديد يلوح خطر التراكم.
كما أتمنى من كل قلبى أن يشهد عام 2023 تفكيكًا للغم تشابك الدين مع السياسة مع الاقتصاد مع دخول الحمام وكذلك الخروج منه، فاللغم آخذ فى التعقُّد. وعلى الرغم من دعوات الرئيس المتكررة إلى تجديد الخطاب الدينى أو تنقيحه أو تطهيره، فإن التشابك آخذ فى التفاقم. وإذا كان الأفيون قادرًا على تخفيف الألم، فإنه يفعل ذلك لفترات قصيرة، لكن آثاره، بالغة الضرر، الناجمة عن طول فترة الاستخدام، مدمرة. أتمنى أن تُتخذ خطوات جريئة، وإن كانت موجعة كتلك التى تم اتخاذها فى ملف الاقتصاد، وسريعة، لكن مدروسة لفك الاشتباك. قفز الإخوان إلى الحكم بسبب عقود من مباركة الاشتباك، وهذه المرة الموعودون بالقفز قادرون على أن «يجيبوا عاليها واطيها». أتمنى أن يكون 2023 عام تصحيح الاقتصاد وتصويب الثقافة وإنفاذ القانون وفتح شباك التعبير وإغلاق باب خلطة رأى الشيخ بقرار الوزير ورأب صدع الأولويات. عام سعيد.
أخبار متعلقة :