بوابة صوت بلادى بأمريكا

د. محمد ضباشه يكتب : البحث عن الذات

عندما يبحث الإنسان عن ذاته داخل سراديب الماديات تطفو على السطح ما أسماه عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد- الهو- وتعنى طبقا لنظرية التحليل النفسي جميع التصرفات البهيمية التي لا تراعى القوانين أو الأعراف الإجتماعية ولا يلتفت هذا الإنسان إلى صوت الأنا بكل قيوده أو صوت الأنا الأعلى التي تعني الضمير ومجموع القيم الإنسانية، ولهذا يكون قد فقد هويته كإنسان لأنه تخلى عن أهم ما يميزها ألا وهي العاطفة والحب والعيش في جماعة له ما لهم وعليه ما عليهم. وقبل أن نبدأ في عملية البحث عن الذات لابد أن نسأل أنفسنا، أى ذات نبحث عنها؟ إن كانت الذات التي أشرت إليها في الفقرة الأولى فهي تجد ضالتها في جلب المال، شعارها الغاية تبرر الوسيلة، كافة وسائلها في البحث شيطانية عدوانية لا ترتقي للأخلاق الحميدة ولا تراعي أى شيء لا يخدم مصلحتها كالقانون أو الدين والأعراف الإجتماعية، وما أكثر هؤلاء في عصرنا يتلونون كالحرباء من أجل خدمة ذاتهم الشهوانية. أما البحث عن الذات الواقعية التي تعيش في جلباب تعاليم الأديان والأخلاق الحميدة على العكس تماما، نجد أنها في صراع دائم مع ذوي الذات المادية، وهذا صراع ممتد منذ وجود الإنسان على الأرض فالنفس دائما أمارة بالسوء إلا من رحم ربي، ولا تزال نظرية البقاء للأقوى تطل برأسها كالشمس على العالم والشاهد ما تفعله إسرائيل في فلسطين وسوريا ولبنان والقوة العظمى تقف خلفها ولو على حساب السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. ولهذا نجد أن فكرة البحث عن الذات سواء للأفراد أو الدول باتت صعبة وخاصة في دول العالم الثالث لأنها لا تجد الوسائل التي تمكنها من ذلك، ونجد ذات فاضلة تستطيع أن تحيي مدينة افلاطون وتنشر فيها قيم الحق والخير والجمال، مدينة تغرس في نفوس الجميع من الطفولة بذور المحبة والتمسك بالقيم النبيلة، تطمس في أعينهم الأنانية وحب التملك والسعى اللاهث خلف المادة ويكون شعارها الإنسان فوق البنيان والاستثمار في البشر أفضل بكثير من الاستثمار في الحجر، مدينة يؤذن فيها فجر الضمير كى يختفى الفساد والجشع والإرهاب والجهل، مدينة يكون عنوانها نحن نستطيع أن نجد للإنسانية مكانا بيننا.

أخبار متعلقة :