أعلم أنه من غير اللائق أن أضع عنوان ميلاد السيد المسيح تحت عنوان "قصاقيص " آخر السنة. لكن هذا العنوان جاء امتدادا لعنوان العدد الماضي " قصاقيص "1." ميلاد السيد المسيح له المجد لا تكفيه صفحات وصفحات ، بل لا تكفيه الكتب ؛ لأنه النور الذي أشرق على العالم ليضيء ظلماته المتوارثة عن خطيئة أول البشرية " آدم ". في الحقيقة عيد الميلاد المجيد يمتد من الخامس والعشرين من ديسمبر حيث تعيد بعض الطوائف المسيحية حتى السابع من يناير في العام التالي مرورا بأول السنة الميلادية لأنها جميعا تصب في قالب واحد لأن ميلاد السيد المسيح واحد؛ اختلفت التوقيتات بين الشرق والغرب لكن الميلاد واحد والمعنى واحد والمناسبة الجميلة واحدة وهي الميلاد المجيد الذي أشرق بنوره على العالم المظلم. ميلاد السيد المسيح لم يكن ميلادا عاديا فلم يسبق ولم يأتي ولن يأتي مثله؛ طفل يولد من عذراء نقية لم يمسسها رجل؛ هذا الطفل هو "عمانوئيل " بمعنى الله معنا ؛ طفل أتي متجسدا من الروح القدس في أحشاء السيدة العذراء مريم النقية التي تربت في الهيكل منذ طفولتها وحتى بلوغها الثانية عشرة ليأخذها أو لتنضم إليه في منزله " يوسف النجار " وهو أقرب واحد إليها في عشيرتها لأنه لم يكن مسموحا في ذلك الوقت أن تبقى بعد هذا السن في الهيكل وكان لها بمثابة الأب لكن تحت مسمى الخطيب كما كانت الشريعة في ذلك الوقت . معنى تجسد الروح القدس في أحشائها ليس بالمعنى السهل أو الذي يمكن أن نمر به مرور الكرام ؛ الروح القدس هو واحدا من ثالوث مقدس " الآب والأبن والروح القدس " والثلاثة واحد ؛ لأن الروح القدس هو الرب المحيي المنبثق من الآب وهو الذي حل على السيدة العذراء لتحبل في السيد المسيح دون أن يمسسها بشر ؛ أو ليتجسد في داخلها أي يصبح إنسانا ؛ لكنه ليس إنسانا عاديا ؛ وكيف يصبح إنسانا عاديا والمتجسد بها هو الروح القدس ؛ لكنه الأبن الذي يحمل الناسوت واللاهوت في وقت واحد ؛ الناسوت الذي لم يفارقه لاهوته لحظة واحدة ولا طرفة عين ؛ أو ليكون الله المنظور ؛ لأن الله قبل السيد المسيح لم يكن يستطيع أن يراه أحد ؛ لأنه كما جاء في الكتاب المقدس بأن لا يستطيع الإنسان أن يرى وجهه ويعيش ؛ لكن برحمته على البشر وهم خليقته وصنعة يديد وليكونوا مؤمنين به أراهم ذاته المقدسة في صورة الأبن الإنسان المتجسد والمقدس بلاهوته الأزلي الأبدي . لماذا نندهش من تسميته ابن الله أو الله المنظور أو الحال في الجسد؛ هل يستطيع أن يجيب أحد عن سؤال " من هو الله؟! " بالتأكيد لا ؛ سوى بالكلمات المعهودة التي نسمعها بأنه الخالق للسموات والأرض وخالق البشر ؛ كل ما يقال وما نسمعه مضبوط 100%100 ؛ لكن أعود وأسأل من هو الله أو الأفضل أن أقول ما هو هذا اللاهوت ؛ فإذا كنا نعترف بكل ما نصفه به فلماذا نتعجب بأن هذا اللاهوت يمكن أن يحل في كل مكان ويملأ كل مكان ويخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء ؛ فلماذا نندهش إذا قلنا أنه يمكن أن يحل في أحشاء السيدة العذراء مريم النقية ؛ ليكون أمامنا مثل الإنسان الذي هو خلقه بيده بل الأفضل أن أقول صممه وصنعه بكل خلية فيه لو فحصناها لأذهلتنا وقال عنه عندما خلقه كما جاء في الإنجيل المقدس " نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " حتى إذا جاء في الجسد لا نستغربه ولا نندهش . الحديث في هذا الموضوع يطول ويمكن أن نظل ننتقل فيه بسهولة ويسر لنقول في النهاية أن هذا الأبن؛ الآب حال فيه وهو حال في الآب. ميلاد عجيب وجميل ولولاه لظللنا في خطيئتنا ومنها إلى الموت الأبدي. عيد ميلاد مجيد وكل عام والجميع وكل العالم بخير.
رحيل مفيد فوزي
***************************
قصقوصة أتت في نهاية 22 في الحقيقة هي قصقوصة مؤلمة وحزينة وهي رحيل الإعلامي والمحاور كما كان يحب أن يطلق على نفسه مفيد فوزي رحمه الله؛ الجميع بالطبع سيرحلون كل واحد في ساعته؛ لكن الألم هنا هو علمي اليقين بأن كل واحد يرحل من أصحاب الزمن الجميل لا يتكرر مثله ثانية ؛ وكأن الجبل صخوره تتهاوي ولا تقوم له قائمة بعد ذلك ؛ في جميع المجالات ما أقصده . هل تكرر أحد من أصحاب الفن أو القلم أو أي مجال آخر، وهل تكررت بصمته؟ أبدا ، رحل مفيد فوزي ورحل برنامجه حديث المدينة وتاريخ طويل مع الصحافة والإعلام وروز اليوسف وصباح الخير وحوارات مع جميع شخصيات الدولة ومشاهيرها كانت تتسم بالصراحة والجرأة ؛ مفيد فوزي كان قامة عملاقة لها تاريخها ظُلمت في فترة من الفترات المظلمة بسبب جرأة قلمه ؛ قامة عملاقة متفردة الأداء والتميز وعلامة واضحة على الطريق الصحفي ستبقى طويلا يسير عليها تلاميذه فلقد كانت له مدرسته الخاصة ، كان شابا مع الشباب وشيخا مع الشيوخ ، شخصيته تجاري الجميع ؛ وقلمه يسير مع الجميع ؛ الكثير من الفنانين وثقوا به وكان يستشيرونه في أمورهم وكان حكيما في نصيحته لهم ؛ الكثير والكثير يمكن أن يقال عن هذا العملاق الصحفي والمحاور القدير ؛ لكن أفضل ما يمكن أن أنهي به كلماتي القليلة عنه هو أنه كان الزوج الوفي لزوجته الصحفية أمال العمدة والأب الحنون لأبنته الصحفية حنان ؛ رحل القامة الكبيرة مفيد فوزي لكن أعماله ستبقى طويلا في الذاكرة . رحم الله مفيد فوزي؛ قصقوصة حزينة كتبتها في نهاية العام وكنت أتمنى ألا تكون من قصاقيص آخر السنة.
كأس العالم لكرة القدم
*************************
كأس العالم لكرة القدم لا يأتي سوى مرة واحدة كل أربع سنوات ؛ فكان من نصيب هذا العام أن يأتي بين شهري نوفمبر وديسمبر ؛ ومن الجميل أن تكون له قصقوصة من قصاقيص آخر السنة ؛ قصقوصة جميلة ومفرحة ؛ تمتعنا بها بالفن الكروي الجميل ؛ في الحقيقة تركت مشاهدة كرة القدم منذ فترة طويلة ؛ كنت مشجعا لأحد الأندية في وقتها ؛ لكن بعد جيل عمالقة الكرة لم تعد تستهويني ؛ لكن أبدا لم أضيع متعة مشاهدة كأس العالم ؛ فهو يوحد العالم كله على أرض الملعب ؛ هذا العام كان من نصيب قطر ؛ في الحقيقة إنجاز كبير ونظام رائع تشكر عليه دولة قطر ؛ وإن كان احتفال البداية لم يرق لي لأنه خرج عن موضوع التقديم العالمي وُحصر في مشاهدات عربية وعقائدية وكان المفروض أن يكون عالميا ؛ أيضا أنتقد بعض المعلقين وأقول أن البعض في أسلوب تعليقهم أثناء المباريات التي يكون الطرف الآخر فيها أحد النوادي العربية يكاد يخرج بالتعليق من الفن واللعبة الجميلة إلى التعصب غير اللائق بمناسبة رياضية ؛ كأس هذا العالم كانت له مفاجآت فلقد خرجت أندية كبيرة من الدور الأول وقاومت أندية حتى وصلت للأدوار التالية وحتى النهاية ؛ كم كنت متأثرا وأنا أشاهد الكأس هذا العام ومصر تخلو منه ؛ ويمكن أن هذه السبب الرئيسي في ملحوظتي السابقة بأنه لم يعد يستهويني تشجيع أي ناد بعد زمن عمالقة الكرة ؛أحيانا أفكر هل أصبحت الرياضة وكرة القدم بالذات لها زمن أيضا فكما فقدنا الزمن الجميل في الفن السينمائي والمسرحي والطرب والقلم أيضا تدريجيا سنفقد الزمن الجميل لهذه اللعبة ؛ ولم لا وقد غزاها التعصب وأصبح قبول أي شاب مسيحي بأحد النوادي في هذه اللعبة شيء أقرب إلى المستحيل وإلى أين ستأخذنا الرؤوس المتعصبة في كل مجال لست أعلم ولذا أقول : توحد العالم كله على ملعب لكرة القدم ؛ ليت الديانات كلها تتوحد تحت أسم الله الواحد ؛ ليت العالم كله يتوحد تحت راية الإنسانية . ملحوظة أخيرة عن كأس العالم؛ كنت أتمنى كما نجحت قطر في تنظيمه أن تخرج عن الفكر الذي يقلل من شأن أي مكان وهو الفكر الجاهل والمتعصب وما حدث من أقاويل عن استغلال هذه الفرصة وأسلمة بعض الأجانب؛ بالتأكيد فكر مثير للشفقة ولا يصح أن يحدث . كل أربع سنوات وأنتم والعالم كله بكل الخير والسعادة والمحبة ونرى مصرنا الحبيبة في القائمة المرة القادمة بإذن الله.
الحمل شنودة وذئب التطرف
*******************************
لست أعلم ماذا أقول عن هذه القصقوصة ؛ هل هي محزنة أم مضحكة باكية أم مندهشة ؛ هذه المرة الأولى التي أكتب فيها عن اسطورة الطفل شنودة ؛ اسطورة وكأنها أتت من عب الخيال ؛ لم أكن أود أن أكتب عنها في آخر السنة ؛ التي تعد سنة الحزن عليه وعلى أبويه اللذين تبنياه ؛ لم أكن أود أن يأتي عيد الميلاد المجيد وهو بعيدا عن الحضن الدافئ الذي رقد فيه منذ أيامه الأولى في الحياة . حضن التبني لأب وأم دائما يكون أحن من حضن الذين أنجبوا ؛ لأن هذا الحضن تبني لأنه لم يرزق بنعمة الإنجاب ؛ حضن متلهف على أن يسمع كلمة بابا وماما ؛ وعندما وجدا هذه النعمة وأصبحت قطعة من قلب الأب والأم خطفها ذئب التطرف كحمل وديع لا يملك سوى صرخة اللهفة لأن يعود إلى الحضن الذي أغدق عليه حنانا أقوى من حنان الأبوة والأمومة الحقيقية ؛ صرخات شنودة ودموع الأب والأم اللذان تبنياه لم تجد أي صدى لها في قلب ذئب التطرف ؛ أُنتزع شنودة بكل قسوة من الحضن الدافئ وألقىَ في برودة الملجأ وأتى العيد وهو يصطك من جفاء الحياة ؛ قصة شنودة الذي اُنتزع من الأب والأم اللذان تبنياه قصة تشبه حكاية الغولة التي تسللت واختطفت الطفل ؛ الغولة هنا هي وزيرة التضامن الاجتماعي المحجبة التي زادت من ترسيخ فكرة أن الحجاب أداة مظهرية فقط لا تمت للعقيدة أو الإيمان بصلة ؛ بأي حال جئت ياعيد على الحمل شنودة .
الجنيه المصري وصرخة طائر الدم.
**************************************
كثيرون بالتأكيد سيندهشون من العنوان لأنهم لا يعرفون وجه الشبه أو العلاقة بين الجنيه وطائر الدم؛ لأنهم لا يعرفون طائر الدم؛ طائر الدم حقيقة وليست قصة من الخيال؛ أنا لم أر طائر الدم لكن قرأت عنه ويقولون أن أجمل صرخة لطائر هي صرخة طائر الدم وهو يموت. طائر الدم عندما يشعر بقرب نهايته يحلق مرتفعا في الفضاء ثم يترك نفسه ليهوي على أحد الأشجار الصنوبرية ذات الأشواك الحادة فتنغرس الأشواك في قلبه ويطلق صرخة النهاية قبل أن يموت ويقال أنها أجمل صرخة لطائر؛ الجنيه المصري يطلق صرخة الموت لكنها ليست أجمل صرخة بين العملات؛ حلق قديما وقد ارتفع شأنه بين العملات وكان سيدا على الدولار ؛ لكن تحليقة الآن لأعلى فهي تحليقة الموت كطائر الدم ؛ لم يحلق من ذاته لكن الحكومة النجيبة والتي بلغت من الذكاء مالم تبلغه حكومة من قبلها !!!! أخذته وحلقت به لأعلى لكي تهوي به على شجرة شوكية ليطلق صرخة النهاية ؛ وكم كنت أتمنى أن تهوي الحكومة معه لتطلق أسوأ صرخة بين الحكومات ؛ لست أعلم ماذا حدث للجنيه وما الذي يدفع به إلى هذا الانهيار السريع ؛ قصص وحكايات تُحكى عن السبب وكأنها ثرثرة على النيل وشيشة التحشيش ؛ ماذا تنتظر هذه الحكومة ؛ لقد أطلق الجنيه صرخة الموت لكنها أسوأ صرخة بين تهاوي العملات التي سبقت وتهاوت في بلدان كثيرة ؛ لأن هذه العملات أبدا لم يرفع لها الدولار يده بالتحية كما كان الجنيه المصري قديما أيام الملكية التي صورها الإعلام الفاسد على أنها كانت خرابا على البلد . أرجو ألا يقع الرئيس السيسي في خطأ الرئيس عبد الناصر ووثوقه الذي زاد عن حده بمن حوله وكانت العاقبة وخيمة؛ أرجو أن يسارع بإقالة حكومة الفشل ويأتي بحكومة جديدة ربما تستطيع أن تخرج الشوكة من قلب الجنيه وتصوم وتصلي بجانبه فربما يعود للحياة.
أرجو ألا تكون أزعجتكم قصاقيص آخر السنة ففيها الجميل أيضا. فقط مع بداية السنة الجديدة نرفع أيدينا لله ونطلب منه أن تكون قصاقيص العام القادم كلها جميلة وكل عام وأنتم ترفلون في أثواب السعادة.
أخبار متعلقة :