بوابة صوت بلادى بأمريكا

بينَ الغريزةِ والعقل !! بقلم باسم أحمد عبد الحميد

 
للإنسانِ غريزةٌ جنسيةٌ إذا تنبَّهَتِ احتدَّت، فاستحالت إلىٰ عاطفةٍ، فشهوةٍ، فاندفاعٍ فوريٍّ لا يكاد الإنسانُ يدري ماهو فاعلٌ فيه . 
ولكنَّ للإنسانِ أيضًا عقلاً إذا تنبَّه لم يحتدَّ، ولكنه يتأمل في أناةٍ وتبصُّر، فيستحيلُ إلىٰ وجدانٍ يدري الإنسانُ ما هو فاعلٌ فيه ..
وكلنا سواءٌ في الغريزة، بل إننا والحيوانَ سواءٌ فيها، ولكننا نتفاضلُ في الحبِّ الوجدانيِّ الذي ينشأ عن التعقُّلِ والتبصُّر، فندري ما نحن بسبيله من التقربِ للجنسِ الآخر، فنُقَدِّر الصفات، ونزِنُ الفضائل ..
والحبُّ الغريزيُّ هو حبُّ العاطفة، حبُّ الشهوةِ والنظرةِ الأولىٰ، وهو بعيدٌ عن الحبِّ الوجدانيِّ الذي يزِنُ ويُقَدِّر ويعرفُ القيمَ البشريةَ العالمية..
حبُّ العاطفةِ هو الحبُّ الأعشىٰ القصير، وحبُّ الوجدانِ هو الحبُّ الفهيمُ البصيرُ الذي لا مِراءَ فيه. وهناك نوعان من السعادة،  كما أن هناك نوعين من الحب؛ فإن سعادةَ الغرائزِ هي سرورٌ زائلٌ كما نجد في لذةِ الأكلِ والشُّرب ..
وهو سرورٌ عاطفيٌّ لا يَلبَثُ أن ينطفئَ متىٰ أُشبِع، لكنَّ السعادةَ المقيمةَ هي ثمرةُ الوجدانِ والتعقل، وكذلك الشأنُ في الحبِّ العاطفيِّ الذي ينشأ من أولِ نظرة، إذ هو سرورٌ زائلٌ مبنيٌّ علىٰ الإبهار فحسب، فإذا كان حديثًا بين الطرفين، فربما انصرفا دون عودة ..
ولكنَّ الحبَّ الوجدانيَّ الذي تعتمد فيه علىٰ التعقُّلِ والتبصُّر ووزنِ القيَمِ البشرية- هو أكثرُ من السرور؛ لأنه سعادةٌ مقيمة..
إذن لا صحةَ في تفسيرِ الحبِّ علىٰ أساسِ الغريزة. والاستهزاءُ يرافقُ الحبَّ لا شك، لكنَّ الحبَّ هو أساسُ العَلاقةِ التي تنمو وتزدهر..
وحينما تحِبُّ بشكلٍ مُطلَق،  فعليكَ أن تختبرَ هذا الحب:
هل وصلَتْ عَلاقتُكما لمرتبة السموِّ والطهارةِ والقداسة،  بحيث تقهقرَتِ الغريزةُ أمام هذه الاعتبارات أم ماذا؟!!
ولكنَّ الحبَّ ينتمي إلىٰ أصلٍ واحدٍ هو التعلقُ الذي بدأ مع الأمِّ واستمر، وجعل الحنانَ والرقةَ والجمالَ والمودةَ والرحمةَ أسسًا جميلةً في عَلاقتنا بمن نحب ..
وحينما تحبُّ امرأةً في الواقع، فإن أساسَ كلِّ حبٍّ هو الأم، في وجهِها وقامتِها وصوتِها؛ لأننا قد نشأنا علىٰ أن نُكبِرَ من شأنِ الصفاتِ التي تتحلَّىٰ بها أمهاتُنا..
وهنا نخلُص بأن الحبَّ العظيمَ ليس حبَّ النظرةِ الأولىٰ ( حب العاطفة) والتي تتحكمُ فيه الرغبةُ والشهوةُ في كثيرٍ من الأحيان، وإنما هو حبُّ الوجدان، حبٌّ يدفعُنا للجمالِ والرقي ..
كلُّ يومٍ فيه تتفتحُ زهرة،  أو ينمو غصن، لتصيرَ العَلاقة بين اثنين كحديقةٍ وارفةٍ تفيضُ بهاءً وأزهارًا وازدهارًا مع إشراقةِ كلِّ يومٍ جديد..

أخبار متعلقة :