تستيقظ صابرين مبكراً كي تفتح النافذة الزجاجية لتتنفس نسمات الصباح المعطرة برائحة الزهور، تري عربية عم سعيد محملة بعيدان القصب ومن خلف العربة أم سعاد تُشعل كومة من القش لتدفئ مولود الجاموسة قالت : ألف مبروك.. الله يبارك فيكِ ..يزعق من تحت البطانية اقفلي دلفه الشباك يا باردة.. لم تسمع شيئاً وظلت واقفة إلي أن قام من على السرير مغلقنا النافذة بقوة ، وراح يثرثر ببعض الكلمات التي تمزق الأفئدة.. تركت النافذة ثم سارت إلي غرفة المطبخ في عراك مع أنفاسها كي تُحضر كوباً من الشاي حاولت أن تفتح جهاز الراديو وتضبط مؤشره علي أغنية محمد عبد الوهاب من غير ليه ثم ابتلعت قرص مهدأ حتى تردد الأغنية.. يعلو صوته مش تبطلي الأعمال دية وهو جاحظ العينين سرعان ما بصق علي وجهها.. فبرزت خطوط الامتعاض التي تغُرقها في نهر الدموع المتساقطة.. خرج مسرعاً راكباً حماره الذي يسير به إلي الحوض القبلي، يري الأرض شراقي لم تظهر حبة نبات باحثاً عن الفأس الذي يقلب به (السراديب الطينية ) كي يُغرس بذرة النبات، لكن وجد يده الخشبية مكسورة تحت جزع النخلة ثم جلس علي كومة نبات النجيلة الجافة.. ينظر إلي مجري الماء المتدفق من ترعة الحفظية .. بينما هي تلملم ملابسها المعفرة بالتراب ثم تغمسهم في مياه الغسالة ضاغطة علي مفتاح التشغيل.. تتوه عيناها بين عكار المية ولفات الملابس فوق المروحة حتى تمرغها في دهاليز صومعتها، تحاول أن تُشعل شمعة كي تكشف عن باب الغرفة رأتهُ واقفاً بجلبابه الأبيض.. يمد يده إليها وهي تقترب منهُ واضعاً يده علي شعرها المموج الذي يميل إلي الاصفرار، ومن حولها الرجال يضربون الدفوف.. تجاهرت عالياً إحداهن مبروك عليكِ ..ابتسمت.. يمرر يده علي كنوزها المد سوسة بين خيوط فستانها الشفاف فأمتلك مفاتيح الأبواب وهو يضحك.. فوجئتْ بصوتٍ عالٍ أفزع أحلامها فولت بالهروب إنهُ زوجها ناطقاً أحضرتِ الغدا ؟..صمتت برهة ثم قالت : لا.. ليه ؟.. لآن الغسالة دايره ..أيه.. لم يستطع الانتظار فانهال عليها بالضرب.. تحاول أن تدافع عن كرامتها لكن دفعتهُ إلي الحائط بشدة وفلتت من بين ذِراعيه مسرعة إلي الشارع تصرخ عالياً أنا حرة.. أنا حرة. تزاحم البشر علي الجسر يهمسون بعضهم البعض في سيرتها التي فاحت في القرية.. جلس علي المصطبة يضرب كفاً علي كف واضعاً راحتيه علي خديه ...
أخبار متعلقة :