الدولة الحقيقية هى التى تستطيع تنظيم مؤتمر بقوة مؤتمر المناخ رغم كل المشاكل والعقبات والهموم الاقتصادية، تستضيف كبار رؤساء العالم وشخصيات من كل أنحاء الدنيا، يعيشون طوال تلك المدة فى أمن وأمان، البنية التحتية لمدينة صغيرة مثل شرم الشيخ تستطيع تلبية كل متطلباتهم، يستمتعون ويمرحون ويبتهجون ويتناقشون ويعترضون، لا ميليشيات متناحرة، كل ميليشيا تسيطر على منطقة أو حى أو مدينة، لسنا كانتونات وجزر منعزلة يخرج منها المواطن ويدخل بعد التفتيش.
الدولة هى التى تستطيع، عبر قوتها الناعمة، عمل مهرجان سينما قوى يحضره كل النجوم، الدولة هى التى تزدحم مطاراتها بالسياح هذا العام رغبة فى الدفء والبهجة وطلباً للفرح والانطلاق، الدولة هى التى تجهز بنيتها التحتية للمستقبل، الدولة هى التى تقيم مهرجاناً للموسيقى يسعى إليه كل النجوم، الدولة هى التى تلجّم الإرهاب الذى كان يمرح فى ربوع البلاد ويفجّر هنا ويدمر هناك، وبعد أن كانت مديريات أمن وكمائن جنود مستهدفة صار الإرهاب يلفظ أنفاسه بجعجعة ميكروفونات وعنتريات فضائيات، الدولة هى التى تقضى على وباء «فيروس سى» الذى كان يستهدف مصرياً من كل خمسة، تنقذ هؤلاء الغلابة من مستقبل مظلم، تليف وسرطان كبد واستسقاء.. إلخ، الدولة هى التى تطلق مبادرات للاكتشاف المبكر للسكر والضغط، ولا تنتظر حتى تنتشر فيها الكوليرا أو الملاريا، الدولة هى التى لا يسطو فيها كل يوم شخص على بنك مهدداً موظفيه، الدولة هى التى تستطيع أن تنام فيها دون أن تضطر لحماية بيتك بشومة أو بسكين أو مسدس، أو تمر على لجان فى الشوارع يقف فيها بلطجية ليسألوك إلى أين أنت ذاهب؟!
الدولة هى التى لا تتفجّر فيها سبعون كنيسة فى لمح البصر بأيدى عصابة تريد الحكم على جثثنا.
نعم هناك مشاكل ومشاكل طاحنة، نعم هناك سلبيات، وهناك ظروف اقتصادية طاحنة، لكن هناك دولة، هناك مفردات الدولة التى نريد لها إصلاحاً لا خراباً، وعندما نعترض لا نعترض بعرض الشماتة أو الكراهية أو الغل أو الحقد أو رغبة التدمير والفناء، ولكن بغرض التكاتف لصناعة مستقبل لهذا الوطن الذى يستحق كل الخير وكل الحب.
أخبار متعلقة :