ترامب، رئيس أمريكا رقم 45، هو رئيس مجنون. كما لو كان فى مصر شخص هرب من مستشفى الأمراض العقلية في العباسية ونزل فى الشارع مرشحاً للرئاسة، لكان موضوعه نكتة العصر لأجيال طويلة.
ولكن أمريكا هى بلد العجائب، سقفها فى بلوغ القمر والسير على سطحه، وأرضية البدروم هى انتخاب ترامب عام 2016 رئيساً إلى أن أنزله النظام الأمريكى من برجه العاجى إلى المثول يأتهامات جنائية أمام المحاكم الفيدرالية. جاء ترامب إلى البيت الأبيض على بساط الريح الذى تقول الساطير أنه حمل أربعين لصاً الى حيث لانعلم.
وبساط الريح هنا يتمثل فى المجمع الانتخابى الأمريكى Electoral Collage. هو هيئة غير منتخبة ولكنها تتولى توزيع الأصوات فى الانتخابات الرئاسية حسبما تتفق مع رأى الغالبية فى أية ولاية. وهذا عوار فى الديمقراطية الأمريكية لا أمل فى إصلاحه إلا بتعديل الدستور. وهو أمر فى حكم المسحيلات، ذلك لأن كل مجلس تشريعى فى كل ولاية من الولايات الخمسين يتحتم عليه الموافقة على التعديل بأغلبية الثلثين. وهنا تقبع الاستحالة.
نجم عن هذا أن فاز ترامب على هيلارى كلينتون عام 2018 وذلك لأن المجمع الإنتخابي قاده إلى ذلك النصر الحاسم. جاءت بالمعتوه إلى البيت الأبيض، وعادت هيلاري إلى منزلها بولاية نيويورك.
وعيوب ترامب هى أكثر من دودة القطن فى المحصول الموبوء. هو رجل عقارات وليس رجل انتخابات، هو لص سرق ثروة أسرته بإعتراف ابنة أخيه. هو لايقرأ وذلك بإعتراف أعوانه. وهو يكذب علناً وذلك بقرارات وزارة العدل. هو يرى أن الأرض تدور حول نفسها على محور اسمه دونالد ترامب. يستغل كل من يركع أمامه وكأنه إله من أيام الفراعنة فى مصر.
ويبلغ عدد مؤيديه 73 مليون أمريكي لأنه أجاد صناعة الكذب والتضليل، ومعظم الأمريكيين المؤيدين له يرون فيه إنتصار عنصر البيض على العناصر الملونة التى تزدحم امريكا بها.نداؤه هو أعيدوا أمريكا الى عظمتها السابقة " Make America Great Again. هذا نداء يبعث الخوف فى الجسد السياسي الأمريكي.
والواقع أن أمريكا لم تكسب أى حرب منذ الحرب العالمية الثانية، يلبس ترامب قبعة حمراء عليها ذاك الشعار الزائف. ويبيع القبعة بـ 25 دولار، وتفيض الملاعب والأماكن العامة بالقبعة الحمراء التى تعلن ولاءها لترامب الذى خسر الانتخابات عام 2020 وادعى أن خسارته كانت تزييفاً.
ولذا لايعترف حتى الآن بأن بايدن هو الرئيس الشرعى لأمريكا فى الوقت الحاضر.
وكان ترامب من أشد أعداء براك أوباما الأسود، وقال إنه مسلم ومولود خارج أمريكا ولذا فليس له أية شرعية وهى كذبة ضخمة.
وفيما يتعلق بالوثائق، يوجد قانون أمريكي اسمه، قانون الوثائق الرئاسية". أى أن أى شئ مكتوب صدر من البيت الأبيض فهو وثيقة رئاسية لايملكها الرئيس الأمريكي ولكنها ملك للدولة، وترامب يقول: كل هذه الوثائق هى من ممتلكاتى الخاصة ولهذا السبب، هاجم رجال المخابرات الفدرالية الأمريكية FBI منزل ترامب فى الثامن من شهر أغسطس الماضى لأستراداد تلك الوثائق التى هى ملك للدولة.
أرغى ترامب وأزيد وأدعى أن الـ FBI قد وضع فى منزله أدلة مزورة لتجريم ترامب. والواقع أن الحكومة استردت بتلك الغارة ماهو ملك للدولة وليست ملكاً للشخص. وصادر 15 صندوق من الوثائق وبها وثائق سرية. سرقها ترامب حينما غادر البيت الأبيض بعد هزيمته فى انتخابات عام 2020.
ورفع ترامب قضية على الدولة مدعياً أن أملاكه الشخصية (ومنها الوثائق) قد صدورت. وعين وزير العدل قاضياً خاصاً للنظر فى هذا الأمر. والقاضى أسمه ويموند ديرى والمعروف بنزاهته ومعرفته بقوانين الوثائق السرية. ومن المنتظر أن يصدر ديرى حكمه قبل انتخابات شهر نوفمبر المقبل.
ولمعرفتى الخاصة بذلك القاضى الفدرالي، فأننى لا أتوقع أن يفوز ترامب فى حرب الوثائق الحالية.
بل إن أسوار القوانين الأمريكية قد أطبقت أخيراً عليه وعلى أسرته وعلى جميع شركاته فى ولاية نيويورك. وأعلنت المدعية العامة لولاية نيويورك منعه وكل أفراد أسرته من مزولة أى أعمال فى الولاية لمدة 5 سنوات.
نهاية محتومة لرئيس أمريكى سابق، تحاصره 3 آلاف قضية فى العديد من الولايات بتهم تتراوح من اتهامات جنسية إلى شكاوى عن عدم دفعه أجور عماله. القانون بالنسبة لترامب هو كالطين الصلصال تشكله الأيدي التى تلعب به. ومن دواعى الدهشة أنه مازال يعلن عزمه على العودة إلى المنافسة حول الرئاسة الأمريكية عام 2024. ومن الواضح أن القضاء الأمريكي يعمل جهده لتوقيع عقوبات جنائية عليه للحيلولة دون عودته إلى المكتب البيضاوي.
أخبار متعلقة :