" المرأة " فى ثقافتنا العربية الاسلامية ، وفى الموروثات التى ندرسها ، ونقرأها ، وفى مقررات التعليم ، وفى اسلوب تربية الأسرة الأبوية ، وفى مفاهيم الشرف ، وبنود قوانين الأحوال الشخصية ، والمواد الاعلامية بكافة وسائلها ،
واللغة الذكورية التى نتحدث ونكتب بها ، وفى المعانى التى ترددها الأغانى ، وغالبية الأعمال الدرامية فى الاذاعة والتليفزيون والسينما ، هى " كائن " غير مستقل بذاته ، ليس حرا بالفطرة ، ليس كاملا فى العقل والتمييز والأهلية ، دوافعه شيطانية ، انتقامه بشع وكيده مرعب .. " مخلوق " بطبيعته نجس ، مصافحته تنقض الوضوء . اسم المرأة عار ، لا تعطيه لبناتها وأولادها ، جسم المرأة من أوله لآخره عورة ، حركتها ، مشبوهة ، محرضة على الشهوات والغرائز . وجودها أصلا عبء ، يجب بيعه لأول واحد يدفع أى ثمن . وهى
فضيحة ، يجب بمجرد البلوغ ( أو ربما قبله ) أن يتم سترها ، وقبل الستر يجب الختان . والمثل يقول :
" يا جايبة البنات يا شايلة الهم للممات " .
وظائف المرأة التى تعطيها شرعية للبقاء ، هى طاعة الرجل دون نقاش ، خاصة فى امتاع شهوات الرجل البدائية الحسية ، الطعام والنكاح وولادة الذرية . وهى لا تستحق الا ذلك ، لأنها مخلوقة من ضلع أعوج .
والنتيجة أن المعلوم من الدين ومن الثقافة ومن الفضيلة بالضرورة ، هو
أن" الوصاية " واجبة على النساء .
" امتلاك المرأة " مقدس لا نقاش فيه . ألا نسمع مقولات : " مراتى وأنا حر فيها " .. " أختى أنا اللى أحكمها " .. " الست بتاعتى " . وغيرها من مقولات الاستعباد المقنن ، والتبعية المقدسة .
والتناقضات الواضحة ، فى هذه الموروثات البدوية الصحراوية ، هى كيف تكون المرأة ، "الكائن الأضعف " ، ورغم ذلك فهى " القادرة " بمجرد اظهار خصلات من شِعرها ، وان كانت طفلة ، أن " تعفرت " غرائز ونزوات وشهوات الرجال ( الكائن الأقوى ) ، تنسيهم تعاليم دينهم ، وتدفعهم بسهولة متجاهلين معصية الله وغضبه . وأستحضر هنا مقولة نزار قبانى :
" ينعتون الأنثى بالمخلوق المعوج وهم على اعوجاج خصرها يتقاتلون ".
كيف تكون المرأة " الكائن الأضعف " ، الشيطانى ، المدنس ، المشبوه ، ثم نعهد لها بالمسئولية عن " شرف الذكور " ، و " عرض الذكور " ، سواء قبل الزواج ، من الأب والأخ والعم والخال ، أو بعد الزواج من الزوج ، والذين يتباهون بالقتل والذبح ، لاستعادة شرفهم ؟؟.
حتى القانون يعطى حكما مخففا ، للزوج الذى قتل زوجته الزانية على فراش الزوجة ، هى وعشيقها ، لأن " شرفه " الموجود " حصريا " فى جسد زوجته ، تمرمط فى الطين ، و" عرضه " مدفوع الأجر ، المهر والشبكة والعفش ، قد استهزئ به ، على سريره الشرعى . أهذه عدالة قانونية ؟؟. كيف يخفف الحكم على جريمة قتل ؟؟؟.
وكيف المرأة المشكوكة فى شهادتها أمام المحاكم ، وحسن تمييزها
للأمور ، تعطى أذنيها دون مقاومة ، لتحريض ابليس على الرذيلة ( المحصورة فقط فى النصف السفل من جسدها ) ، هى التى ترعى وتنشئ الأجيال ، وهى
" المسئولة " عن تربية الأطفال ، وتحديد نوعية رجال ونساء الدولة فى المستقبل ؟؟. المهمة التى لا نتوقف عن تمجيدها ، وتقديسها ، ومن أجلها تترك المرأة تعليمها الرفيع وعملها المرموق ، اذا تعلمت وعملت ؟؟.
المفروض لو كان الرجل هو الجنس الأعلى نفسيا وأخلاقيا وعقليا ودينيا ، كما يقال ، فعليه أن يقوم هو بمهمة تربية وتنشئة الأجيال ، حتى نضمن أجيالا نافعة صالحة ، أليس هذا بديهيا ؟؟.
كيف يكون الرجل هو الأقوى ، عقليا ، ونفسيا ، مكتمل الأهلية ، يحسن التمييز ، قادرر على ضبط انفعالاته ، وهو " يرمى يمين الطلاق " فى لحظة غضب أهوج، لأن زوجته تأخرت فى تحضير الغذاء ، أو جريت لرؤية أمها المريضة قبل أن تموت ، أو ليس لها مزاج للنكاح ، أو نسيت تأخذ اذنا من سيدها الزوج وخرجت لشراء أكياس قمامة مثلا ، أو عارضته لتكمل الابنة المتفوقة تعليمها ، أو اكتشفت تحرشاته ، وخيانته ، وتعاطيه للممنوعات ، ونكاحاته فى بيت دعارة ، وفلوسه غير القانونية .
بكل بساطة ، المرأة تخوض حربا شاملة ، منذ الميلاد وحتى الموت ، حرب كل شئ فيها متاح ككل الحروب التى تحتل وتستعمر وتخرب . حرب تمنعها
أن تكون " انسانة " ، تملك نفسها ، وليست فى " عهدة ذكر " ، أو " على ذمة زوج " ، أو " فى كنف مِحرم " ، أو " وراء ضل راجل " . وأغلب الفقهاء الذين يقدسهم المسلمون والمسلمات ، رسخوا لهذه الحرب ، وخططوا لها معاركها ، وأسلحتها المتجددة .
حرب شرسة متنمرة ، تأبى الا أن ينتصر " الذكور " ، لأنهم " خلفاء الله فى الأرض " ، حراس الفضيلة والشرف الذكورى الذى لا ينتفض الا بسبب الجنس ، حتى لو أحاطته مظاهر عدم الشرف ، من كل اتجاه .
كيف المرأة هى " الأضعف " ، ولكنها فعليا ، فى العرف والثقافة والموروثات الدينية ، هى المقيدة بجميع الأغلال ، والسلاسل ، وهى
" المحاصرة " بجميع الأسلحة ، " المملوكة " من جميع ذكور العائلة ، وذكور الجيران ، وذكور الحى ؟؟.
لو كانت المرأة ضعيفة ، كما يقولون ، فانها لا تحتاج الى كل هذا الكم من الأغلال والقيود ، والفرض والاجبار ، وتجمع وتضامن تجمع الحشود الغاضبة ، لتبقى تحت السيطرة . هكذا يقول المنطق السوى . فنحن لا نحاصر الضعفاء ، بل فقط الأقوياء .
أعتقد أن هناك خوفا هائلا من الرجال ، اذا تركوا المرأة حرة ، تملك نفسها ، وجسمها ، وقراراتها ، واختياراتها ، وعقيدتها ، وأخلاقها ، وتحدد مصيرها من الألف حتى الياء، كما يفعل الرجال .
---------------------------------------------------------------------
من بستان قصائدى
-------------
لكننى أحبك
------------------
ربما أكون متقلبة المزاج
صعبة الارضاء .. عصية المنال
ربما تكون تصرفاتى غير مفهومة
لكل النساء والرجال
ربما لا أكترث لتلوين شعَرى وأظافرى
لا يستهوينى الا عناق الخطر
ورحلات تشدو على ايقاعات المحال
قد أكون سريعة الغضب وسريعة الملل وسريعة النسيان
أختفى فى لحظة مثل القهوة سريعة الذوبان
قد أكون بائسة يائسة
ألهث وراء الظلال
كثيرة الشكوى والبكاء
وأحيانا أتشبه بالنعام
وأدفن رأسى فى الرمال
ربما أبدو على عكس ما أكون
ربما أنا وهم
ربما ينتهى مصيرى الى الانتحار أو الجنون
لكننى ..... " أحبك "
أخبار متعلقة :