ظهرت الحماية الدولية لحقوق الإنسان أول ما ظهرت من اجل حماية مجموعة أو أقلية من الناس .خشية ان تكون دولة ما تعامل تلك المجموعة أو الأقلية معاملة تتنافي مع مبادىء الحريات المعترف بها ،في الدول المتمدينه وأولي صور تلك الحماية كانت حماية ثم تطور الامر إلي حماية الحقوق المدنية والسياسيات للأقليات .
ثم إنتقلت الدول الكبرى من مبدأ حماية الأقليات إلي الحماية الدولية للحقوق الأساسية للفرد ،حق الهوية الشخصية فنصت معاهدات عدة علي إلغاء تجارة الرقيق قبل الحرب العالمية الاولي.
ويعيب مبدأ حماية الأقليات الذي تقرر بعد الحرب العالمية الأولي أن الدافع إليه كان سياسيا وليس إنسانيا ، وانه كان مقصورا علي الدول المنهزمه ،او التي إتسعت رقعتها او الجديدة فلم يمتد إلي باقي أعضاء الجمعية وانه كان مقصورا علي الأقليات ولا يمتد إلي باقي المواطنين .
ولقد أثبتت الحرب العالمية الثانية فشل نظام حماية الأقليات .فمن جهة كانت الأقلية الألمانية في بولندا .المجر .تشيكوسلوفاكيا ،ويوغوسلافيا،في يد السياسين الأجانب لتحقيق الأحلام التوسعية الألمانيا النازية .
الأمر الذي ادي بأوروبا مباشرة إلي الحرب العالمية الثانية .ومن جهة ثانية لم تجد حالات إنعدام الجنسية التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولي ،وفي حالات لصيقة بحقوق الإنسان حلا في نظام حماية الأقليات ومن ناحية ثالثة أثبتت حوادث الإضطهاد والتعذيب التي حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية .
إن حماية حقوق الإنسان يجب ألا تترك لحماية الدول ،بل يجب وضعها تحت حماية دولية ،ومن ثم ظهر تفكير جديد في المحيط الدولي مؤداه ان حقوق الفرد تتبع من عضويته في المجتمع الدولي ،وليس من مركزه كمواطن ،ولذا فهو صاحب حقوق وملتزم بواجبات ومسؤليات تجاه أشقائه خارج حدود الدولة التي ينتمي إليها ، وقد وجد هذا التفكير صدي في التصريحات والإعلانات التي سبقت ميلاد الأمم المتحدة ،كما جاء ميثاق الأمم المتحدة معبرا عن هذا التفكير الجديد ،فنص في كثير من نصوصه علي التعاون الدولي لإحترام ومراعاة حقوق الإنسان وحرياتة الأساسيه .وعلي ان ٱحترام حقوق الإنسان امر لازم لإستتباب السلام والأمن الدوليين وفضلا عما سبق ،فقد قامت الأمم المتحدة بٱعداد إتفاقية لإزالة كافة آشكال التفرقة العنصرية وإتفاقية إبادة الجنس البشرى .
إضافة إلي ذلك ٱجراءات اتخذتها لرعاية الأمومه والطفولة .
ان نظام حقوق الإنسان بمصادره التاريخية والفلسفة والسياسة هو تعبير عن التطور التاريخي للتجربة الغربية في العصر الحديث وهو تعبير عن أوضاع الحقوق السياسية والإجتماعية للفرد الأوروبي ، التي تجسدت في الأنظمه الدستورية والقانونية وفي الواقع الإجتماعي السياسي في هذه المجتمعات وهي حقوق وإن ٱعتبرت لصيقة بالشخصية الإنسانية ،إلا أنها إستندت إلي تطور فلسفي وسياسي وقانوني يتمثل في الإنفصال بين المرئي واللا مرئي وإلي الفكرة العلمانية ،وعلي تبلور هوامش بين الفرد والسلطة وبين السلطة والمجتمع والفرد والمجموع واستناد التجربة الغربيه إلي مجتمع مدني متبلور هيكليا ،وإلي حيوية مؤسساته وأفراده ،ويذهب بعضهم إلي القول إن الفلسفة التي تنهض عليها مكونات نظام حقوق الإنسان هي تعبير عن الإنسان الغربي فنظرة تحليلة إلي مكونات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين تكشف الجوهر الفلسفي لمفهوم الانسان والحقوق .
ويستند هذا المفهوم إلي الإعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابته ،وفق ماجاء في ديباجة الإعلان .وتحدد المادة الأولي من الإعلان الأساس الفلسفي :ولادة الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء ،ويرتبط بهذا الأساس مبدأ:ان لكل إنسان حق التمتع بكل الحقوق والحريات دون تمييز بسبب العنصر أو اللون او الجنس او اللغه او الدين او الرأي السياسي او رأي آخر ،دون تفرقة بين الرجال والنساء وقد استند العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافة والحقوق المدنية والسياسية إلي الأساس الفلسفي نفسة وهو الإنسان في إطار الفلسفة الليبرالية بمصادرها الأساسية والمذهب الفردي .
اما المجموعة الأسيوية وتجسد في ٱعلان بانكوك -نيسان/أبريل 1993حيث ذهب الإعلان إلي القول بانه يجب ان نبقي في الأذهان آهمية الخصائص القومية والإقليمية وآيضا الخلفيات العديدة التاريخية والثقافية والدينية وكان وفد الهند ٱينذاك قد قدم مذكرة لجدول اعمال المؤتمر العالمي بالنيابة عن مجموعة دول آسيا في آيلول /سبتمبر 1992ومؤدي المذكرة التي بلورتها الهند والمؤسسة علي فكرة الخصوصية التي جاء بها إعلان بانكوك ,ان مبدا العالمية -بالرغم من ذكره في الوثيقة- يعتبر كأنه ثانوي بالنسبة للخصائص المحلية والإقليمية وللمبدأ المقدس القائل بعدم التدخل ، وقد بذلت خلال الأ عمال التحضيرية عدة محاولات لجعل فكرة العالمية نسبية .
وتقدمت إيران بإقتراح يدخل في إطار هذا المسعي ويري بعضهم ان نظام حقوق الإنسان يمثل أداة لتفكيك وقهر الثقافات غير العربية ومحاولة لبعث الفوضي في مجتمعات الجنوب.
وان هذه الثقافات غير الغربية ,تستند إلي مفاهيم اخرى ورؤي للعالم وأديان ،وأنماط ثقافية ،قد لا تتفق مع النمط الغربي .
وان هذه المحاولة الامبراطورية لصناعة العالم علي مثال الغرب تمثل نزعة لتصفية مصادر الغني الثقافي في العالم كله .
وان ذلك كله يشكل جزءا من توظيف مفاهيم حقوق الإنسان من قبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في عهد كارتر وفي عهد بيل كيلينتون وجيل ما بعد الحرب العالمية الثانيه ولا سيما محاولة ربط المساعدات الخارجية بمشروطية تطبيق حقوق الانسان.
اما الدول ذات الثقافة الإسلامية التي تطرح انظمتها مسالة الخصوصية والإختلاف ٱزاء نظام حقوق الإنسان
ومن ناحية اخرى هناك قوي غير حكومية تربط بين هذا النظام وبين جروح العلاقة مع الغرب وترفض بعض مكونات هذا النظام تأسيسا علي الهوية وذلك علي الرغم من ان بعضها يطرح تجاوزات سلطاتها إزاءهم بأعتبارها ضد نظام حقوق الإنسان !
وهو تناقض يجد تفسيره في توظيفه لمنظمات حقوق الإنسان في الدعاية السياسية السلبية ضد السلطات الحاكمه في دولهم .
ومن كل ما سبق نستخلص ان هذا النظام العالمي منذ ان نشأ إلي الآن قد ينصف مظلوما وقد ينصف ظالم لان المطروح علي كل الاصعده له اهداف وابعاد لكل من يستخدمة فقد تستخدمه دول بغية الاستيلاء علي مقدرات دول اخرى بحجة أنها تنتشل فئه من الظلم والطغيان من آخر بحجة انهم حامي حمي حقوق الإنسان والعكس بالعكس لذا ينبغي توخي الحذر جيدا ان لكل نظام له اهداف ومصالح ولم يوجد من العدم ولم يرسخ ويؤصل دون اسباب وعلينا ان نعي ان ما يخدم الانسانيه يكون خالي من الاغراض والاطماع والخطط .
أخبار متعلقة :