كشفت العديد من الدراسات الحديثة عن " التعليم وهندسة الفكر الإخواني" عن استراتيجية جماعة الإخوان من أجل تنشئة وتجنيد أجيال جديدة تتنتمي لفكر وإيدلوجية الجماعة المتطرفة عن طريق التعليم وهو النهج الأساسي الذي اتبعه مؤسس الجماعة في مصر "حسن البنا" في زيادة عدد أفراد التنظيم في مصر ومن ثم العالم.
* ووفقا لهذه الدراسات : يرى حسن البنّا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في التربية والتعليم الوسيلة الأساسية والمثلى في تحقيق الهدف الأسمى للجماعة المتمثل في تطبيق الإسلام كنظام شامل، ويعتبر أن طريقة تحويل المجتمع المصري تتحقق من خلال منظومة التعليم .
ومنذ عام 1935 طالبت الجماعة بتعديل أسس التعليم تعديلاً جذرياً، بحيث يقوم على أسس إسلامية حقة، كما اعترضت بمرارة على المدارس المسيحية.
* لابد لنا من أن ندرك أثر ذلك في انتشار الجماعة ونفوذها في صفوف التلاميذ وأولياء الأمور والمدرسين والمدرسات".
التربية والتعليم هدف رئيس للمشروع الإخواني :
كان وسيظل الهدف الأساسي للبرامج التعليمية لدى جماعة الإخوان هو تدريب المنتمين إليها وتزويدهم بالمهارات من أجل نشر أيديولوجية الجماعة وفكرها.
* وكان التركيز في التدريب على إنتاج نخبة من الدعاة. ويورد روزن أن المرشد العام، حسن الهضيبي، دعا في عام 1951 إلى تأسيس مدرسة إخوانية مخصصة للتدريب على الدعوة في كل إقليم إداري للجماعة، وفي عام 1953 أسست الجماعة أكاديمية لشؤون الدعوة في القاهرة، بهدف تخريج وعاظ ودعاة أكفاء يمكنهم التنافس مباشرة مع علماء الدين التقليديين والعاملين في الحكومة على جذب قلوب المصريين العاديين وعقولهم واستمالتهم، وخاصة الشباب منهم.
* وقد اتجه الإخوان إلى إنشاء مدارس خاصة تقوم بتدريس مختلف المواد إلى جانب المواد الدينية، وقد برز هذا الاتجاه منذ سبعينات القرن الماضي وتوسع بشكل كبير في التسعينات، خاصة مع تراجع قدرة الدولة على استيعاب العدد الكبير من الطلاب في المدارس الحكومية .
* واستمر الاهتمام بالتعليم طوال مسار الجماعة، فبعد أن وضع البنّا أسسه وسطّر فلسفته ومنهجه، لعب الهضيبي دوراً رئيسياً في إعادة هيكلة الجماعة، والتركيز أولاً على الدعوة والتعليم، ومحاولة التأثير في السياسة من خلال الهياكل والمؤسسات الاجتماعية، بدلاً من مواجهة النظام أو الانسحاب من المجتمع، لتكون هذه الاستراتيجية هي المعتَمَدة لتحقيق الامتداد المجتمعي والتوسع الجماهيري .
* وتجري عملية التربية في مؤسسات وأماكن/ فضاءات خاصة، حيث يلتقي فيها أعضاء الجماعة وقياداتها ويتواصلون ويتفاعلون بشكل أسبوعي أو شهري، من أجل توطيد العلاقة بينهم واستيعاب أيديولوجية الجماعة. وتنقسم هذه الفضاءات إلى سبعة كيانات هي: الأسرة- الكتيبة- الرحلة- المعسكر- الدورة- الندوة- المؤتمر، وتقع ضمن شبكة تراتبية محكومة بمستويات العضوية.
* في هذا السياق، نشطت المدارس الإخوانية في عهد حكم السادات، الذي اعتمد سياسة انفتحت على الإخوان وسمحت لهم بالعمل في الميدان الخيري والاجتماعي والتربوي .
* وشرع الإخوان في تنشئة الأطفال من أجل تجنيدهم في سن مبكرة ابتداءً من سن التاسعة، ويبدو الأمر شائعاً في العائلات التي ينتمي فيها الآباء والأعمام إلى الإخوان، حيث يتم التركيز على أطفال أعضاء الإخوان بشكل خاص. أو أن يكون هؤلاء الإخوة الجدد قد نشؤوا في عائلات متدينة والتقوا بأعضاء الجماعة في أثناء سنواتهم الدراسية، . ومع ذلك يتم فحص هؤلاء الأعضاء بعناية قبل قبولهم، ليكون التجنيد بداية لعملية طويلة ومتعددة المراحل يتحول من خلالها العضو الجديد الواعد إلى "أخ" في جماعة الإخوان المسلمين .
* واستطاع الإخوان إنشاء مدارس لهم في جميع محافظات مصر، حتى بلغ عددها 174 مدرسة سنة 2012، حين وصول الجماعة للحكم، وقد تم مصادرتها كلها عام 2013 بعد سقوطهم، بالإضافة إلى خدمات تعليمية أخرى متنوعة؛ مثل (أنشطة ما بعد المدرسة، والمخيمات الصيفية للمراهقين، والتدريب المهني والدروس المسائية، والدروس التكميلية للأطفال، والتي توفر بديلاً عن التعليم الرسمي الذي تسيطر عليه الدولة).
* ويشكل التعليم حلقة من حلقات مشروع الإخوان في هندسة المجتمع ككل، ويكون ذلك عبر مراحل ووسائل عدة؛ ومن أجل إنجاح ذلك المشروع عملت الجماعة على مسارات متوازية: المسار الدعوي / الأيديولوجي، والمسار التنظيمي والتعبوي، والمسار التعليمي / التربوي "البيداغوجي"، وربطت هذه المسارات كلها بحياة المصريين اليومية وبهمومهم وتطلعاتهم.، إذ يُراد لهذا المشروع بناء فرد جديد Homus Islamicus يتنصل من ولائه وهويته القديمة ليتقمص هوية جديدة فردية وجماعية، وهي الهوية الإخوانيه لذا فان الأيديولوجة الإسلاموية بشكل عام والإخوانية بشكل خاص،تبني أيديولوجيتها على مجتمع مُتخيَّل لا تاريخي، مجتمع "المدينة المنورة" في بداية أيام الرسول محمد ﷺ والخلفاء الراشدين من بعده.
* امتداد جذور الإرهاب الفكرى والمادى فى التعليم الجامعي بمصر ،الذى استولي عليه الإخوان حتى اليوم :
الأمثلة والأدلة كثيرة على امتداد وتغلغل جذور تيار الإخوان المسلمين ببعض كليات بعينها وسيطرته على كثير منهت وعلي سبيل الرصد في هذا الصدد فقد كتبت الاستاذه منة ابو سنه الأستاذة بكلية التربيه قسم اللغةالإنجليزية جامعة عين شمس كشاهد عيان "
" وتتجلى هذه الجذور فى مؤسسة التعليم فيما يُعرف بكليات التربية، التى تعد وتؤهل وتدرب المدرسين للعمل بمجال التدريس فى المدارس الحكومية العامة وغيرها. عاصرت تلك التجليات، التى أقل ما يُقال عنها إنها إرهابية فكريًّا ومعنويًّا، منذ تعيينى معيدة بكلية التربية قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس فى يناير 1968، وهى تُعرف بأنها الكلية الأم لكليات التربية، التى يبلغ عددها اليوم 28 كلية فى جميع أنحاء الجمهورية.تبين لى خلال فترة عملى بالكلية أن المناخ السائد فى كليات التربية محكوم بفكر الإخوان الإرهابى، فأى أستاذ يستطيع أن يواجه تهمة التكفير وقت أن يشاء، الأمر الذى يُفضى بدوره إلى تكبيل العقل، وإذا أصبح عقل الأستاذ مُكبَّلًا، فعقل الطالب بالضرورة مُكبَّل، الأمر الذى يُفضى إلى سيادة وغلبة الفكر الإخوانى الإرهابى الإجرامى. وأنا هنا أركز على حالة واحدة متميزة لأنها تختص بالإبداع فى التعليم، وتمثل مثالًا صارخًا لذلك التغلغل. وتتعلق تلك الحالة بمشروع الإبداع فى تعليم اللغة الإنجليزية، الذى أسسته بمركز تطوير اللغة الإنجليزية التابع لكلية التربية عندما كنت أعمل مديرة له فى الفترة من 1990 إلى 2000، وكان هذا المشروع فى إطار الدعوة القومية إلى تطوير التعليم، والتى تمثلت فى القرار السياسى الذى اتخذه الدكتور فتحى سرور عندما كان وزيرًا للتربية والتعليم، وكذلك فى إطار مشروع متكامل عن الإبداع والتعليم العام الذى تقدم به د. مراد وهبة، أستاذ الفلسفة بالكلية، فى عام 1986، وبناء عليه عقدت عدة ندوات عن تطوير التعليم الأساسى «من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية» من الحفظ والتلقين والتذكر إلى ثقافة الإبداع فى مختلف المواد الدراسية، وقد ركزت هذه الندوات على ضرورة تطوير كليات التربية، وفى عام 1990 تم تأسيس «سيمينار الإبداع» بالكلية تحت إشراف د. مراد وهبة، وقد شارك عدد من الشباب أعضاء هيئة التدريس بالكلية فى الحلقات النقاشية فى ذلك السيمينار، وعلى الرغم من المقاومة المكتومة أحيانًا والمعلنة أحيانًا، كانت أصوات المقاومة للمشروع ترفع راية التكفير بدعوى أن الإبداع صفة مطلقة من صفات الله عز وجل وتارة تحت شعار علمى مزيف يدّعِى أن المشروع يلغى الذاكرة، فى حين أن المشروع يوظف التذكر لصالح الإبداع، وبعد حرب ضارية استمرت قرابة السنوات الست، قرر عميد الكلية إغلاق سيمينار الإبداع بصفة نهائية فى يوليو 1997، وأعتقد أن هذا المشروع لو كان قد قُدرت له الاستمرارية لأحدث نقلة نوعية فى نظام التعليم بما يدفع مصر إلى الدخول مشاركًا فى حضارة القرن الواحد والعشرين بجدية ونجاح " .
وفى عام 1997 أصدر رئيس الجامعة قرار مجلس كلية التربية بتأسيس مركز للإبداع والتعليم يتبع كلية التربية، ولم يُنفذ القرار حتى يومنا هذا والسؤال الآن: ما الحل بعد تغلغل تيار الإخوان المسلمين بكلياتوالتربية وغيرها ؟
بعد ان فقدت الجامعة رسالتها، العقلانية والمنهج العلمى والتنويري القائم علي التكفير والتنمر والقضاء على الفكر العقلانى ، ماذا بعد ان فقدت الجامعة هذه الرسالة، فمَن الذى يمكن أن يعثر عليها ويردها إلى الجامعة؟.
* وانا اوؤيد ما صرحت به الأستاذة مني ابو سنة في ان المطلوب إذًا ننتقد ونعد الأساتذة المؤهلين علميا وثقافياعلي الاسس التعليميه التنويريه اسوة بالتعليم في دول العالم المتحضر قبل ان نتنقد الطلاب وأن هذا النقد والاعداد ليس بالأمر الميسور لأننا اعتدنا نقد الشكل دون المضمون، ومثال ذلك ادعاء نقص الإمكانات المادية من معامل وأماكن للمحاضرات أو استيراد الوسائل التكنولوجية مثل كمبيوتر لكل طالب أو تابلت سواء فى مرحلة ما قبل التعليم الجامعى أو مرحلة التعليم الجامعى. هذان أمران مطلوبان، ومع ذلك فهذان الأمران ليست لهما فاعلية إن لم يرتكزا على هدف وعقل وثقافة فكر مستنير بحتمية سرعة تأسيس واعداد عقل مؤهل علميا وثقافيا حقيقي غير مزيف ينشغل بادعاء التدين تارة والاستخفاف بعقول الاجيال تارة اخري وليس ادل علي ذلك. ما تشهده المجتمع المصري من أحداث ارهابيه فرديه مؤسفه ولكنها مؤشر خطير يؤكد تغلغل الإرهاب الفكري والاجتماعي . من وهذا الواقع الجلل القائم علي عاتق أساتذة كليات التربية وجميع جامعات مصر قبل الطلاب!! بالتطوير المبني علي النظم التعليميه العالميه والأصالة وجزورنا الحضاريه وهويتنا المفقوده .
وبكل وضوح نتسائل هل التطوير الذى تقوم به وزارة التربية والتعليم الأساسي والعالي الآن يستهدف إعادة بناء عقل المدرس والطالب على أساس مبادئ العقلانية والمنهج العلمى والتنويري بهدف اجتثاث العقل الإخوانى الإجرامى من مجال التعليم برمته؟. والاجابه الصادقه حتي الان لم يتم هذا علي ما يجب ان يكون واذا استمر وضع التعليم هكذا دون التطويري الجزري لن تقوم للتعليم قائمة فى مصر بعد اليوم.
وهذا ما لا نصبو اليه ونتمناه ، فثمة أمل فى بناء جيل جديد متسنير من المدرسين والطلاب على حد سواء لصنع أجيال واعية تنهض بمصر .
أخبار متعلقة :