بينما كانت والدة عمر تدهن يديها بالفازلين لترطيب يديها، بعد غسيل الأواني المنزلية، كان عمر مستلقياَ يتابع بمتعة عالية برنامجاً وثائقياً عن الحيتان، صاح بحماس انظري يا أمي لهذه الحيتان يا لها من مخلوقات مميزة، انظري لضخامة رؤوسها وكبر حجمها يقولون في البرنامج إن رأس حوت العنبر يشكل ثلث جسده، وهو أكبر الحيتان ذات الأسنان ورأسه هذه هي التي تحتوي على العنبر وهي المادة الشمعية الزيتية التي يستخدمها ليتمكّن من تركيز صوته، تخيلي أنها كانت تستخدم صناعيا في الصابون والعطور.
أجابت والدة عمر: نعم لقد سمعت بالتأكيد عن هذه المادة المفيدة، والتي تستخدم أيضاً في صناعة العطور، ولكن جشع الإنسان للحصول عليها، جعله يقتل بشكل وحشي هذه الكائنات الكبيرة الجميلة، لدرجة تهديدها بالانقراض
بعد أن انتهى البرنامج، انتبه عمر لما تفعل أمه حيث بدأت أيضا بترطيب وجهها ودهنه بالمادة البيضاء نفسها، فقال لها وهل مادة الترطيب التي تستخدمينها الآن تحتوي على العنبر؟
أجابت الأم: لا إن هذه المادة تدعى الفازلين، ثم ابتسمت كأن خاطرا مرّ في بالها وقالت: لكن هل تدري بأنه بالإمكان خلق رابط تاريخي بين هذه المادة وبين الحيتان التي كنت تشاهدها منذ قليل على التلفاز؟
استغرب عمر وتساءل: كيف يكون هناك رابطا بين مادة الفازلين والحيتان، ما الرابط العجيب؟
قالت الأم: إذا سأقص عليك قصة الفازلين.
"كان الكيميائي البريطاني روبرت تشييزيبرو يعمل على استخراج الكيروسين من زيت حيتان العنبر ويحاول البحث عن طريقة أخرى للحصول على الطاقة في بنسلفانيا فقد كانت الحيتان مهددة الانقراض جراء الصيد الجائر لها كما أخبرتك منذ قليل.
بعد بحث طويل وجد هذا الكيميائي ما كان يبحث عنه، باكتشاف النفط كمصدر كبير للطاقة، لكن الأمر لم يتوقف هنا، فلقد قادته المصادفة إلى اكتشاف غير مجرى حياته تماما ..عندما اشتكى العمال المستخرجين للنفط بشكل متكرر من وجود ما يشبه الشمع الذي كان يلتصق بالمضخات الفولاذية فقاده فضوله إلى فصل هذا الشمع وتجربته على جراح في جسمه، فتفاجأ بفاعليته الكبيرة على هذه الجروح، وأطلق على هذه المادة بلسم الفازلين وانشأ شركة لتصنيعه ..
ثم حاول الترويج لهذه المادة لكن دون جدوى ، لكن ظروف الحرب العالمية الأولي دفعت في اتجاه استعمال هذا المنتج على نحو واسع نظرا لإصابات الجنود .. كان إيمان روبرت بالفازلين إيمانا قويا وراسخا لا يتزعزع إلى حد أنه اعتبر أن عمره الطويل الذي شارف على المائة كان بفضل منتجه الساحر الفازلين الذي كان يدهن به جسمه يوميا."
أنهت الأم حديثها مبتسمة وتابعت: هل عرفت الآن بأن هناك رابطاَ بين الفازلين والحيتان.
هرش عمر رأسه وهو يأخذ وضعية التفكير بالأمر ثم ضحك وقال: " نعم، يبدو بأن هناك رابطاً عجيبا، وأماً رائعة مثلك تتقن سرد الحكايات المفيدة، لقد قررت استخدام الفازلين فلقد أعجبتني فكرة العيش مائة سنة، هاتي العلبة يا أمي"
أخبار متعلقة :