فى حوار لجريدة صوت بلادى مع اللواء اشرف فوزى الخبير الامنى المصرى بعد الجدال الذى تناولت مواقع التواصل الاجتماعى. كان الحوار التالى :
الدين الإبراهيمي” مصطلح جديد يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فى محاولة لبث “السم فى العسل” والتلاعب بالأديان الثلاثة والخلط بينها.
محاولات الترويج لما أطلق عليه "الدين الجديد" حاولت شرح طبيعته على أنه يجمع بين الديانة اليهودية و الميسيحية والإسلام، من أجل ارساء السلام والوحدة بين كافة الشعوب لتتحقق الجملة الشهيرة بأحد الأفلام المصرية "إنهم يدعون إلى دين جديد"
اوضح اللواء اشرف فوزى،أن الهدف الظاهر منه هو محاولة التغاضي عن النزاعات بين الشعوب على خلاف الحقيقة، مُستندًا إلى مفهوم جديد لحل النزاعات والصراعات القائمة على أبعاد دينية، وهو " الدبلوماسية الروحية
وأشار إلى أن " الدبلوماسية الروحية" تمثل مبادرة لتحقيق السلام العالمي عن طريق التقارب بين الأديان السماوية للوصول إلى دين مشترك، وإبعاد النصوص المختلف عليها بواسطة إعادة قراءة النص الديني، وترجمته عبر ما يُعرف بدبلوماسية "المسار الثاني" أو المفاوضات غير الرسمية، والتى تجمع رجال الأديان الثلاثة معًا بجانب الساسة والدبلوماسيين لترجمة المشترك الديني على الأرض.
واضاف اللواء اشرف،كذلك فإن هناك الكثيرين من الساسة يرون أن مستقبل العالم يتوقف على السلام العالمي الذي سيتحقق عبر تلك الديانة كمدخل جديد لحل النزاعات فى العلاقات الدولية، وطرح بديل لنظرية “صامويل هنتنجتون” حول “صدام الحضارات”، وكذلك نظرية "فوكوياما" حول "نهاية التاريخ"، مؤكدًا أنه بتلك الآلية سيكون مستقبل العالم رهن قرارات تلك الآلية التي ستكون هى أساس مركز الحكم العالمي.
وتابع الخبير الامنى المصري : "بعض المجتمعات محلية ستدعم هذا المفهوم عبر ما يسمى بأسر السلام، و"الحوار الخدمي"، كما أنه من الخطورة بمكان أن هناك عدد من الكيانات العلمية الداعمة للفكرة، كجامعات الدولية مثل “جامعة هارفارد” ومشروعها الذي يرصد رحلة النبي إبراهيم بين عشر دول من أجل ترسيخ الفكرة بين الدول المختلفة.
أن “الإبراهيمية” مصطلح دينيٌّ عقائديّ يرتبط برمز دينيٍّ ـ بالإجماع ـ؛ فإن الدعوة إليها لم تكن بعيدة عن السياسة ومراميها، ولا منفصلة عن مؤسساتها ومخططاتها، وخدمةِ مشاريعِها، لا سيما في الواقع المنظور الذي يشهد حضورًا كبيرًا لـ
“الإبراهيمية” في أرْوِقة السياسةِ ودهاليزِها.
أوضح اللواء أشرف فوزى،ولا زال العالم يَسمع أصداءَ الإبراهيمية تترد خلال الإعلان عن اتفاقية التطبيع الإماراتيّ البحرينيّ ، وعلى ألسنة جميع الأطراف، بل إنّ الرئيس الأمريكيّ السابق “ترامب” الذي رَعت إدارتُه الاتفاقَ، وأَشرَف عليه، قد سماه “اتفاق إبراهيم”، كما سبق أن ذكرنا.
و استطرد الخبير المصرى حديثه لجريدة ايجيشبان جارديان، أن «استحضار اسمِ إبراهيمَ والمسائلِ الدينيةِ ليس مِن ابتكارات ترامب» .
واستعرض أبرز المحطات التي شهدت استدعاء “الإبراهيمية” في السياسة المعاصرة، لا سيما في مجال السعي الأمريكيّ الغربيّ لتسوية الصراعات، فيقول:
«عندما أشرف الرئيس الأمريكيّ السابق جيمي كارتر على اتفاقٍ آخَر للتطبيع بين إسرائيل ومصر في ١٩٧٨ و١٩٧٩، وهو المسمَّى باتفاقات كامب ديفيد، التي وقّع عليها أنور السادات ومناحيم بيغن، قال كارتر حينها: “دعونا نتركِ الحربَ جانبا، دعونا الآن نكافئْ كلَّ أبناءِ إبراهيم المتعطشين إلى اتفاق سلامٍ شاملٍ في الشرق الأوسط، دعونا الآن نستمتعْ بتجربةِ أن نكون آدميين بالكامل، وجيرانًا بالكامل، وحتى إخوة وأخوات”.
في سنة ١٩٩٣ حين تم توقيع اتفاقيات أوسلو بين الزعيم الفلسطينيّ الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء حينها إسحاق رابين، قال الرئيس الأمريكيّ بيل كلينتون أثناء إشرافه على حفل التوقيع في البيت الأبيض: “لأجل هؤلاء يجب أن نحقق نبوءةَ إشعياء بأن صرخة العنفِ لن تُسمع في أرضكم، ولن تَصنع الدمارَ والخرابَ داخل حدودِكم، إن أبناء إبراهيم، أي نسل إسحاق وإسماعيل، انخرطوا معا في رحلة جريئة، واليومَ مع بعضنا بكل قلوبنا وأرواحنا، نقدم لهم السلام”.
لكن في سنة ١٩٩٤ خلال التوقيع على اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والأردن، لم يُجدّدِ الرئيس كلينتون إشارتَه إلى إبراهيم، إلا أنه قال: “في فجر هذا السلام لهذا الجيل، في هذا المكان القديم نحتفل بالتاريخ، وبإيمان الأردنيين والإسرائيليين”، واستشهد كلينتون حينها ببعض المقاطع من القرآن والكتب اليهودية المقدسة، بَيْد أن كلينتون في ذلك الوقت كان قد تَرَك مهمةَ الإشارةِ إلى النبيّ إبراهيم لنظيره الملكِ حسين الأردنيّ، الذي قال في خطابه: “سوف نتذكر هذا اليومَ طيلةَ حياتِنا لأجل أجيال المستقبل من الأردنيين والإسرائيليين والعرب والفلسطينيين، كلِّ أبناء إبراهيم”.
وأضاف الخبير الامنى ولاحقا، عندما تدهورت العلاقاتُ بين الملك حسين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في سنة١٩٩٧، كَتَب له ملكُ الأردنّ رسالةً لمعاتبته، أشار فيها مجدَّدًا إلى إبراهيم، حيث قال: “إن أسوأ حقيقةٍ جعلَتْني أَحزَن هي أنني لا أجدُك إلى جانبي في العمل لتحقيق إرادةِ الله للمصالحة النهائية، لكل نَسل أبناءِ إبراهيم”» .
وفي هذا السياق لتوظيف “الإبراهيمية” برز في الأفق مصطلح “الدبلوماسية الروحية”، ا، وقد عرّفه اللواء اشرف فوزى الخبير المصرى بأنه: «مسار من مسارات التفاوض، تستهدف حلَّ النزاع أو منعَ حدوثِه، من أجل بناءِ سلامٍ دينيٍّ عالميٍّ، يتم عبر الجمع بين القادة الرُّوحيين والساسة داخل آلية المسار الثاني للتباحث حول القضايا الحساسة محل النزاع، بهدف التوصل إلى مشترك عبر تقارب الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام ـ المسيحية ـ اليهودية)، أو ما يسمى بالديانات الإبراهيمية.
إن الدبلوماسية الروحية هدفها المعلن هو تحقيقُ السلامِ العالميّ، وحلُّ النزاعات، وتحقيقُ التنميةِ المستدامة، عبر مكافحة الفقر ومسبِّباته، والاضطلاعِ بخدمات ومشروعات تنموية تكرس الولاء للفكر الجديد؛ لكن غرضها الحقيقيّ تحقيق المصالح ، وتدمير الأديان السماوية، خاصة الإسلام والمسيحية، وإضاعة الحقوق، وتزييف التاريخ، وتغيير الواقع، لصالح المخططات .
اختتم اشرف فوزى،الدين الإبراهيميّ العالمي الجديد ” المزعوم “، فهو يهدف بدون مواربة إلى إلغاء الأديانِ القائمة، .ومن مخاطر الإبراهيمية كذلك أنها تؤدي إلى إضاعة العبادات التي شرعها الله تعالى، وفتْحِ البابِ واسعا للتلاعب بها، والابتداعِ فيها، والانحرافِ بها عما شرعها الله تعالى، شكلا ومضمونا،
إننا أمام صورة ماكرة من صور “القوة الناعمة”، التي تقوم على محاولة الوصول إلى تحقيق الأهداف عن طريق نشر الأفكار، وتهيئة البيئة فكريًّا ونفسيًّا، وإيجاد ثقافات وقناعات، تخدم مخططات الأعداء ، وتحقق لهم الوصولَ إلى ما عجزوا عن نيله بالقوة الخشنة، معتمدين على الاستغلال السياسيّ للدين.
أخبار متعلقة :