بوابة صوت بلادى بأمريكا

المفكر دكتور خالد منتصر لــــــ " صوت بلادى " التنوير قادم لا محالة بالرغم من أن الحراك سيكون بطيئًا

 

 

حاوره : چاكلين جرجس

 

ونحن فى مرحلة بناء الإنسان ما أحوجنا إلى إعمال العقل و التنوير لنسير على درب رواد الثقافة والحداثة حتى يتم بناء الإنسان على أساس شامل ومتكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعـد محاولات العبث بها، فحين تفجرت طاقات الإبداع فى مصر مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، كان رواد الوطنية كل في مجاله سبباً في تغير حال المجتمع ، وما ظهر في تلك الفترة من معالم إبداعية جماعيـة كان مسبوقاً بمقدمات فردية .

و فى هذا الحوار معنا أحد أحفاد رواد التنوير و الثقافة وهو الكاتب الصحفى الطبيب د . خالد منتصر دائمًا ما يغرد خارج النص ؛يضع يده على الداء فيقدم الدواء من خلال المناقشة بالعقل و المنطق يقوم برصد قضايا وإشكاليات مصرية وعربية يومية سواء فى مقالاته أو كتبه مثل  "الختان والعنف ضد المرأة" ،"وهم الإعجاز العلمي" "فوبيا العلم" و "بورتريهات بألوان الشجن"،"العلم بين المعمل والمسجد"، كذلك كتاب " لكم سلفكم و لى سلفى " و كان أحدث إصداراته " يوميات تنويرية " ،لم تنتهى مجهودات الدكتور خالد منتصر عند هذا الحد بل قدّم برنامج "خارج النص" برنامج "يتفكرون" ساعيًا لنشر الفكر التنويرى فمراثون التنوير طويل على حد قوله .

و إليكم نص الحوار :

 

بالفعل أحب بليغ حمدى بشكل شخصى و لكنى لا أقدسه كالدراويش أو المجزوبين فهو يتميز بعدة خصائص أولًا :الجنون الفنى فهناك اشخاص لديهم هندسة فنية بنائية صارمة لكنى أُحب الصيغة الأخرى من الفن و هى الجنون و الألهام الفنى مثل موتسارت ؛ ثانيًا: كونه وطنيًا حد النخاع فأجمل أغانى أكتوبر و فترة الاستزاف كانت من ألحانه ؛ ثالثًا: كان أنسان مظلوم و نفى خارج البلاد و عندما عاد عزف أجمل معزوفة فى عشق مصر و هى بوابة الحلوانى التى لا يستطيع أحد أن يغالب دموعه و هو يسمعها بصوت على الحجار ؛ رابعًا : كان متنوع يستطيع أن يلحن للنقشبندى تواشيح دينية مثل " مولاى إنى ببابك "و فى اليوم الثانى يلحن لعدوية أغنية شعبية ، عبقريته ظهرت فى العشرينيات عندما أقنع بها أم كلثوم وهذا فى حد ذاته معجزة فغير من أداءها و من مقدمتها الموسيقية ، بليغ حمدى كتاب كبير جدًا و ملحمة موسيسقة هائلةتحتاج إلى تلك الجمعية لتكشف عبقريته و حبه لوطن و أسباب حبى الشخصى له ، كذلك أن التركيز على الفن و تأثيره على الجمهور إحدى وسائل التنوير فالتنوير ليس كلامًا فى التراث فقط لكنه كلام فى العلم و الفن أيضًا .

 

ما يميز كتاب يوميات تنويرية أنه عبارة عن تجميع لبعض المقالات التى ينسجم و يتجانسفيها الخط التنويرى ، يُعد كتاب انتقائى لتلك المقالات ؛ لذلك فهو قد مر بتجربة الانتقاد و الهجوم أثناء نشر المقالات ، فعندما صدر الكتاب كان قد تخطى كل مراحل الاحتقان و المعارك من قبل النشر ؛ لكن وجوده ككتاب أثار بعض اللغط و الهجوم لكنى اعتدت على مثل هذه الاشياء ، و الكتاب صادر عن الدار المصرية اللبنانية و هى لها باع فى النشر بالخارج و على الإنترنت فأصبح متوفرًا لكثير من المتابعين خاصة فى امريكا و اوروبا . و  أرحب بنشر كتبى على المواقع الإلكترونية بصيغة pdf  ليستفيد منها أكبر قطاع من المواطنين خاصة الشباب ، و يؤسفنى  أن كتبى السابقة لم تحظى بفرصة النشر الإلكترونى .

التنوير مراثون طويل و لابد لكل مثقف فى مصر أن يعرف أنها معركة طويلة النفس التنوير لا يعرف الولادة بدون ألم هو مخاض و معركة للأسف لابد أن تمر على جسر من المعارك التى تصل فى بعض الأحيان إلى الدم كما حدث فى أوروربا فى عصر التنوير الذى مهدت له معارك البروتستانت و الكاثوليك وكانت فيها الكنيسة متزمتة و كان هناك صراع بين العلم و الكنيسة انتهى بانتصار العلم على هذه التفسيرات المتزمته و الدرس الذى لابد أن نعيه أن تجديد الخطاب أو الفكر الدينى حدث من المفكرين و الفلاسفة و هذا الذى سيحدث فى مصر و العالم العربى فالتجديد لن يأتى من رجال الدين .

 

بكل تأكيد ؛ و أضيف أن طلب رجال السياسة من رجال الدين أن يجددوا الفكر هو جهد بدون طائل، فعندما تحول الدين إلى مؤسسة لها رجال يحافظون عليها فكان لابد لنا أن نعرف أنه لا يمكن لرجل دين أن يتنازل عن سطوته و سلطته و البيزنس الذى صار علامة و ضروريا لبقاء هذه السلطة الدينية ، فلا يمكن أن يتصدى رجل دين بهذه البساطة للتنازل عن سلطته ، لكنى أؤمن أن التنوير قادم لا محالة مع الأخذ فى الاعتبار أن الحراك سيكون بطيئًا ، لكن التاريخ يراهن على التنوير .

أصحاب المزاج السلفى و معهم رجال الدين هم السبب فى هذا الهجوم ؛لأن كلمة العلمانية ستسحب البساط من تحت أقدامهم ، و ستفقدهم سلطتهم لأن العلمانية تقوم على أعمدة ثابتة المواطنة ، احترام القانون ، أنها دولة قانون لا دولة فتوى ، و أن الكفاءة هى المعيار و ليس الدين أو الطائفة ،كل هذه الأركان التى كنا فى زمن سابق نقولها باختصار و ببساطة فى شعار " الدين لله و الوطن للجميع " هو معنى العلمانية الحقيقى بدون أن ندخل فى فروق تفصيلية و اكاديمية هذا الشعار الذى رفعته ثورة 1919 كان بذرة العلمانية فى مصر و التى ضاعت فى مهب الريح و إعصار ما بعد الهجرة إلى بلاد النفط و الذى ضاع معه هذا الشعار فلم يتبقى منه إلا القليل .

 

  نجد فى أى تاريخ ما هو معلن و ما هو مسكوت عنه ،و عندما أقراء فى التاريخ الإسلامى أجد كثيرًا من المسكوت عنه و العديد من الجوانب التنويرية التى أخفيت عمدًا وقت أن انتصر ابن تيمية على ابن رشد ، و وجدت أن هناك مدارس و مذاهب إسلامية مستنيرة كانت تناشد العقل مثل فرقة المعتزلة لكنى اتحدى و أراهن أى شخص يقرأنا الأن أن ينزل إلى المكتبات و يطلب من صاحب المكتبة أن يبيعه كتب المعتزلة لن يجد ببساطة لن يجد كتابا واحدا كاملا ؛ فهذه هى مشكلة الإخفاء المتعمد و هذا السلف الذى اقصده هم مثل هؤلاء تيار الإستنارة داخل التاريخ الإسلامى الذى تم دفنه و إسدال الستارة عليه ، لم تعد هذه التيارات العقلانية المستنيرة موجودة وليس لها مصادر ، لكنها تحتاج إلى شخص اكاديمى يبحث و يحفر لتظهر للنور مرة أخرى و هذا غير متوفر لأى انسان بسيط ؛ بينما الكتب التى تنشر الخرافات و الفكر الرجعى المتزمت موجودة بالملايين فى كل مكان وعليه تصدر المشهد أفكار ابن تيمية واختفت أفكار ابن رشد .

 

  التيار الرجعى و تيار الاسلام السياسى يفزع و يصيبه الرعب من استخدام العقل و لهم شعار مشهور " لا تجادل يا أخى " او بمعنى أخر كما قال محمد حسين يعقوب " العقل كالحمار أركبه حتى تصل إلى باب البيت و بعدها تربطه " و لا تسأل عن شىء " ، هم مرعوبون من استخدام العقل لأنه سيثير علامات استفهام و يبدأ الحفر و التنقيب و بذلك سيفقدون السلطة و السطوة و تبور التجارة .

 

  العلمانية ليست حزبًا سياسيًا لكنها ألية فكرية تسمح بمظلة متساوية لكل الأديان و الأفكار أن تتنفس بحرية تحت هذه المظلة أو تحت هذا السقف -للأسف - حتى الأن لم تصبح العلمانية تيارًا لكنها أفراد فى جذر منعزلة ؛ و بالفعل آن الأوان لتتشكل تلك الرابطة و لذلك أنادى كبذرة أولى أن يتم إنشاء موقع تنويرى يضم كل التنويرين العرب لأن الإنترنت أصبح هو السلاح الأول الذى من الممكن أن يكون فعالًا و مجديًا فى تلك المعركة .

 

إحدى معانى العلمانية ببساطة هو عدم اقتحام مساحتى الخاصة كمواطن هذه المساحة لابد أن تحترم و أى دولة متحضرة تجد أن هذه المساحة الخاصة لها الأولوية ، هذه العبارة اطلقتها على اقتحام مساحات خاصة تحت رداء شعارات دينية و مظاهرها كثيرة جدا جدالا تعد و لاتحصى

فمثلا عندما تقتحم الميكروفونات بشكل متعمد مساحات الناس الخاصة فى بيوتها تحت شعار دينى أو تحت شعار الخطبة ، أجد أنه نوع من انواع التحرش الدينى

عندما يجبر طفل أبوه غير ديانته على ان يغير اسمه مجبرا فى المدرسة لان الاب غير ديانته فهو نوع من انواع التحرش .

 

اختصار المسافة و الزمن سيكون مسؤولية الدولة أن تختصر زمن الصراع ،و هناك بشائر فعلى سبيل المثال : أخر بشرى كان الحكم بسجن أب و ممرض فى قضية ختانهذه القضية كتبت عنها منذ ربع قرن و كنت شبه يائس من أن تصدر المحكمة حكم بهذه الصيغة لكن الأمل تحقق و أتوقع أنه فى خلال سنتين أو ثلاثة ستنخفض نسبة ختان الفتيات من الارقام المفزعة التى جعلتنا فى المرتبة الأولى على العالم فى هذه الجريمة البربرية الهمجية من 70و 80% إلى 20% إلى أن تنتهى تمامًا .

 

الطب الحديث أو ما يسمى الطب القائم على الدليل هو طب لا يعترف إلا بالتجربة العملية الموثقة فى المعامل و من خلال التحاليل و الأشعات و لا يعترف بإنطباع مريض يقول أنا شفيت فمثلا :عندما يقول شخص لقد شفيت ركبتى فهل الغضاريف عادت ثانية هل السائل الذى داخل الركبة تكون مرة أخرى ،من الممكن جدًا أن يكون شفاءا وقتيا مسألة الانطباعات مسألة زائفة وخداعة والطب لم يتقدم بتلك الانطباعات ؛ هناك بعض الاشخاص ممن يعانون من فيرس سى و يستخدمون الرقية أو الحجامة يقولون نشعر بتحسن دون أى إثبات على ذلك ، إلى أن يأتى صوت العلم القوى بـ" السوفالدى " فوضع نقطة فى أخر السطر و كتم أصوات كل عمليات النصب فالعلم هو الوحيد القادر على حسم مثل تلك الأشياء فكل ما يذكر عن الطب البديل و الحجامة و الاعشاب يلعب فى ملعب الأمراض التى لن يكتشف علاجها بعد لكن وقت أن يكتشف العلاج الحاسم لتلك الأمراض ستختفى كل تلك الوسائل العلاجية الخداعة المزيفة و توضع فى متحف التاريخ .

 

   هذا يرجع إلى غياب الثقافة العلمية الجادة و غياب البرامج العلمية عن التليفزيون و غياب المحرر العلمى فى الصحافة كل هذه الأشياء جعلت المواطن نهبًا لكل الدجالين و النصابين .

 

   مشروع البلازما يساهم فى علاج أنواع مختلفة من الأمراض وسيخدم المشروع 9 أمراض مزمنة أبرزها الكلى والكبد وبعض أمراض القلب والهيموفيليا والمناعة وسرطان الدم، بخلاف توفيره لاحتياجات مصر من مشتقات البلازما وسعي الدولة من خلاله للتصدير للبلدان الأفريقية.

لكن بداية الفكرة كانت مع ظهور كوفيد 19 و نحن مازلنا فى مرحلة فك شفرة لغز كوفيد 19 و تأتى البلازما من ضمن أليات مقاومة و علاج هذا المرض بجانب اللقاح لكن البلازما تتطلب بنية تحتية قوية و هذا ما تفعله الدولة الأن ؛ و يأتى التساؤل هل البلازما هى الحل الأخير أو حتى اللقاحات الموجودة هى الحل الأخير ؟ مازال السؤال مطروح و مازالت المعركة مع كوفيد 19 أمامها وقت و وقت ليس قصيرًا .

 

 

 

 

  

 

 

 

 

أخبار متعلقة :