بوابة صوت بلادى بأمريكا

محمد ضباشة يكتب: صدور كتاب مربعات فن الواو دراسة أدبية وأشعار

 يعد فن الواو أحد  ألوان الشعر العامي ذات الطابع القولي الشفاهي الخاص ، وهو أحد فنون التبيت  ( بضم التاء وتعني 2 بيت أو بيتين من الشعر  ) وهو فن  يعتمد على الجناس التام أو الناقص  ويستخدم التورية للإفلات من العقاب ويكتب على بحر المجتث  ( مستفعلن فاعلاتن)  بحيث يتكون المربع من أربع شطرات تكون فيه قافية الشطر الأول والثالث متشابهان  فى جناس تام او ناقص   و قافية الشطر الثاني والرابع  متشابهان  وعلى خلاف الاشطر الفردية  (  ١-٣، ٢-٤) يتميز هذا الفن بالسيم أو اللغز حيث أن معظم قوافيه متجانسة وتحتاج إلى من يفك رموزها  ،  وقد سمى بفن الواو كما يذكر البعض لسببين أولهما كثرة واوات العطف فيه  بالاضافة إلى أن القوال قبل أن يقول قولته  يقول : وقال الشاعر وقد ذهب إلى هذا القول الشاعر عبد الستار سليم فى كتابه عن  فن الواو،  وقد اختلفنا معه فى هذا لان حرف الواو من الحروف المهجورة فى اللغة وفن الواو كان مهجورا ايضا ولذلك سمى بفن الواو ومعناه الفن المهجور.

ونرى أن فن الواو لم يكن حكرا على قنا ولا على اللهجة الصعيدية  بل يمكن لأي دارس لهذا الفن أن يكتب مربعات  تستقي من البيئة التي يعيش فيها ما تجود به من صور شعرية بلهجة محلية أخرى تنتمي للعامية في اى بقعة من بقاع الوطن العربي كالعراق وسوريا واليمن  ،  خاصة انه فن أشتركت في ابداعه بلدان كثيرة منها ما تم ذكره وانتقل إلينا عبر الرحالة   بشرط أن يحافظ على ركائز هذا الفن من حيث الشكل والمضمون والتوازن الموضوعي في المربع  والبحر الذي يسير عليه  .

وكما ذكرنا يتميز هذا اللون من الشعر بالجناس التام الذي تكون فيه قافية الشطر الأول هى نفس قافية الشطر الثالث ولكن بمعنى مختلف  ،  مثلا كلمة  - وجايع - بمعنى إنسان جائع ولها معنى اخر يشير إلى الوجع وهذا ما يعبر عنه بالجناس التام.

أما الجناس الناقص يدل على قافية  لا يشترط ان تكون تامة بين قافية الاول والثالث  او الثانى والرابع  فمثلا نقول  - جمايل - حمايل

أو عيناك  - يداك.

أما التورية فى اللغة  وعند أهل البديع هي أن تحمل كلمة أو جملة معنيين أحدهما أقرب إلى الذهن لكنه غير المقصود، والثاني بعيد إذ أنه المقصود، قد تكون الغاية منها إثارة الذهن، أو الهروب من المساءلة القانونية  ومن مثال ذلك، ما حدث بين الشاعرين الكبيرين حافظ إبراهيم وأحمد شوقي، حيث تشير الوثائق التاريخية أنه في ليلة  من ليالى الشتاء شديدة البرودة قال الشاعر حافظ إبراهيم للشاعر أحمد شوقي وهو يشاكسه ويلاطفه:

ومن مربعات فن الفن للشاعر محمد ضباشه

البدر نازل حنينه

نور لقلبى المماشي

احلف ما اسهر بدونه

ولغير عيونه ما ماشي

 

يا بت بحرك هواني

هفهف بموجه وهادي

أنزل يرطب هواني

واموت فى حضنه السعادي

 

إسقي شفاهى رضابك

ضمى بقلبك ضلوعي

قلبي بشوقه رضى بك

جاى لك وفارد قلوعي

 

وقد توصلت الدراسة عن مربعات فن الواو إلى الأتى: 

أ- سميت مربعات فن الواو بهذا الإسم ليس لكثرة واوات العطف بها  ،  ولا لأن القوال كان يقول قبل أن يلقى المربع عبارة  وقال الشاعر ( كما ذكر عبد الستار سليم)، ولا أيضا كما ذهب البعض إلى ان كلمة واو مأخوذة من اللغة الهيروغليفية القديمة  ومعناها الوجع والحزن والمربعات تعبر ايضا فى معظمها عن الالم والحزن ولم يدقق من تبنى هذا فى كلمة  ( واوا)  بمعنى جرح كما جاءت فى اللغة المصرية القديمة وليست  واو.

ولكن قد تشير كلمة واو فى معاجم اللغة العربية  (معجم الوسيط)  الوَاوُ  : الحرف السابع والعشرون من حروف الهجاء ، وهو مَجهُورٌ أشبه بالحروف المتوسطة ، وبما ان المربعات الشعرية لم تكن معروفة بين ألوان الشعر الأخرى وكانت مهجورة  لذا سميت ب مربعات فن الواو، ولذلك تميل الدراسة الحالية إلى تبنى هذا الطرح  .

ب - اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع ما توصل إليه عبد الرحمن الابنودى من أن ابن عروس ليس مصريا وليس شاعرا وقد فسرنا ذلك فى النقاط التالية  :

هناك سؤال يطفو على السطح ويسأل ما هو الإسم الحقيقي ل  أحمد بن عروس المصري قبل ان يلقب بهذا الاسم نسبة الى عروس الهودج الذي أحبها كما ذكر عبد الستار سليم  ،  واين يقيم نسل عائلته فى صعيد مصر، هذا بالإضافة إلى أن كل الأقوال التي تتحدث عن بن عروس المصري أقوال مرسلة ولا تستند على وثائق تاريخية يمكن الرجوع إليها.

ج- اختلفت نتائج الدراسة الحالية مع رؤية عبد الستار سليم من أن أحمد بن عروس ولد فى مدينة قوص بقنا وأنه كان قاطع طريق يسطو على الأغنياء وانه عاش إبان حكم المماليك لمصر حيث انه لا يمكن التسليم عقلا بأن الأحاسيس والمشاعر الجياشة التى تخرج من جوف شاعر يحارب الظلم والاضطهاد من المماليك أن يكون منبعها لص وقاطع طريق

مع العلم بأنه لم ينسب له مربع واحد يخاطب فيه هذا الظلم والاضطهاد، وترى الدراسة الحالية أن إبن عروس هو المتصوف أحمد بن عروس التونسي  .

د- تختلف ايضا نتائج الدراسة الحالية مع ما ذكره عبد الرحمن الأبنودى من أن مربعات فن الواو تنسب للشيخ المغربي عبد الرحمن المجذوب  ، ونفسر هذا الإختلاف من كلام الأبنودى نفسه من أن الشيخ التونسي أحمد بن عروس كتب مربعات قليلة فى حياته مع العلم بأنه ولد قبل المجذوب بما يزيد عن قرن من الزمن ولذا كان يجب أن تنسب مربعات فن الواو للشيخ  ابن عروس التونسى.

ه-  ترى الدراسة الحالية أن  مربعات فن الواو هي من التراث الشعبي العربي والمصري الذي وصل إلينا بصور مختلفة في ازمنة مختلفة ولا يمكن التسليم بنسب هذا اللون الشعري  إلى شخص بعينه  سواء كان مغربيا او تونسيا أو مصريا وأن شئت قل انه نتاج لإبداع قوالين عشقوا هذا اللون الشعري حتى وصل إلينا في العصر الحديث تحت مسمى مربعات فن الواو وادلى على النابي بدلوه في هذا الفن  وكانت مربعات ابن عروس التونسى هي البوابة التي لم نستطيع أن نطل منها على أحد قبله كتب مربعات فن الواو  ،  وقد أشار الابنودي في نهاية دراسته إلى هذا المعنى حيث قال بأن المربعات الحقيقية المستقرة بين الناس هى عصارة تجربة إنسانية لا مؤلف لها تنتقل مع السنين  ،

أخبار متعلقة :