تواجه مختلف دول العالم أزمات وكوارث مفاجئة سواء كانت طبيعية أو بشرية، وتختلف الدول فى التعامل مع هذه الأزمات والكوارث، فهناك دول تمتلك رؤية شاملة للتعامل مع مثل هذه الأحداث، فتكون لديها مراكز للإنذار المبكر التى تتنبأ بالكوارث الطبيعية وترصد مواطن الانفجار الإنسانى أو الأزمات البشرية وترسل رسائل إلى الجهات المعنية بذلك، فتتحرك الأخيرة بسرعة قصوى وتتعامل مبكراً جداً مع الأزمات والكوارث، فهناك الأزمات والكوارث الطبيعية التى لا يمكن منعها، ولكن يمكن التخفيف من تأثيراتها السلبية والحد من الخسائر المتوقعة، وأيضاً التعامل السريع مع الكوارث المفاجئة مثل غابات الحرائق وغيرها. وهناك دول تتعرض لكوارث طبيعية بشكل منتظم دون أن تشكل هيئات ومؤسسات متخصصة للتعامل مع هذه الكوارث، وتتعامل هذه الدول مع الكوارث المتوقعة والمعروف توقيتها بشكل تقريبى فى كل مرة وكأنها قد فوجئت بها. أيضاً يتسم تعامل هذه الدول مع الأزمات الناتجة عن تفاعلات البشر بنفس المنطق، تعامل بطىء متأخر يرتب فى كل مرة خسائر على كافة المستويات.
يبدو واضحاً أن الدول المتقدمة، متقدمة فى كل مناحى الحياة، فهى دول فى الغالب ديمقراطية، متقدمة على كافة مقاييس التقدم من علمى واجتماعى واقتصادى وثقافى وأيضاً رياضى، وتحتل مرتبة متأخرة جداً على مقاييس الفساد وانتهاك حقوق الإنسان وغيرها من الجوانب السلبية. أما العالم الثالث وفى القلب منه عالمنا العربى -باستثناءات محدودة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة- فيقبع فى قاع مقاييس التقدم والتطور والتحضر وأيضاً الإنجاز على كافة المستويات، ويحتل بجدارة قمة هرم كل المقاييس السلبية من تخلف، فساد، انتهاك حقوق الإنسان، بل والتحرش الجنسى فى دول يقال إن شعوبها متدينة بالفطرة!!
يبدو واضحاً أن بلادنا فى حاجة لثورات ثقافية بحيث تنهض من سباتها العميق وتلحق بركب الحضارة الإنسانية، فى حاجة إلى ثورة فكرية حتى تنفض غبار التخلف وإنكار الحقائق، وفى تقديرى أن البداية تأتى من قبل النظام السياسى الذى عليه المبادرة بوضع الخطط والرؤى ويبدأ فى تطبيقها من خلال إصدار سلسلة من القوانين وتطبيقها بشكل مبدئى فتتحول بمرور الوقت إلى ثقافة شعبية. وفى هذا السياق أحسب أن بلادنا تحتاج إلى بدء خطوات التعامل الجدى مع المشاكل والأزمات التى تنفجر من حين إلى آخر، وذلك عبر تأسيس مراكز للإنذار المبكر من الكوارث والمشاكل الطبيعية والبشرية، وتشكيل مراكز لإدارة الأزمات التى تتعرض لها البلاد، بحيث تتشكل لدى الدولة قدرة على رصد وتوقع الأزمات والمشاكل قبل انفجارها، ومراكز متخصصة فى التعامل الفورى مع تلك الأزمات والمشاكل على أسس علمية مدروسة، وإذا طبقنا ذلك على الأزمة الأخيرة الخاصة بمدينة العريش، فلو كانت لدينا مراكز إنذار مبكر لكانت قد رصدت تحول الإرهابيين إلى استهداف المواطنين المصريين الأقباط كنوع من الضغط على الدولة والرد على اقتحام معقلهم الرئيسى فى جبل الحلال، إضافة إلى قناعاتهم العقيدية بكفر المسيحيين، ومن ثم فإن قتلهم فى عقيدة هذه الجماعات هو نوع من التقرب للإله، وكانت هذه المراكز سترصد الأعداد وأماكن السكن وكافة المعلومات الخاصة بالمواطنين وتنقلها إلى مراكز إدارة الأزمات التى كانت ستبادر على الفور بوضع خطط سريعة لتأمين هؤلاء المواطنين بسبل مختلفة وإدارة الملف دون أن تبدو داعش وقد سجلت نقاطاً على الحكومة المصرية، ودون أن تبدو الدولة فى صورة عاجز عن تأمين بعض من مواطنيها.
نتمنى أن تبادر الحكومة المصرية بتبنى تأسيس مراكز للإنذار المبكر وإدارة الأزمات كبادرة للتعامل الجدى مع ما يواجه الشعب من أزمات ومشاكل.
نقلا عن الزميلة الوطن
أخبار متعلقة :