بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفوت عطا الله يكتب: الديموقراطية لها أنياب أشرس من الديكتاتورية

مقدمة:

وسط الأجواء المتوترة والأحداث المضطربة والأخبار المتلاحقة عما يجري في أمريكا توارد إلى ذهني كلمات قيلت منذ أربعين عاما عندما وقف الرئيس المصري أنور السادات في أواخر أيامه وقبل اغتياله وهو يعلن بمجلس الشعب أن المخطئ يجب محاسبته وهو يضغط على مخارج الحروف بالقانون وأن الديموقراطية لها أنياب أشرس من الديكتاتورية، لك السياسي الخبير والمخضرم والداهية المراوغ والمحاور المحترف الذي أطلق عليه لقب "الحاوي" الذي يخفي في جرابه الألعاب المتنوعة والمختلفة وأنه نال جائزة نوبل للسلام على توقيعه معاهدة السلام بينه وبين إسرائيل وأعترف علانية أنه توقيع على قطعة ورق حصل واسترجع بها كامل شبه جزيرة سيناء، لقد نجح في خداع وإيهام شعبه والعالم بأنه هو الذي أرجع الديموقراطية للبلاد عقب وفاة الديكتاتور جمال عبد الناصر وقام بهدم السجون وإخراج المعتقلينالسياسيين وسمح بالإرهابيين من جماعة الإخوان المسلمين بالعودة من الخارج ومعهم أفكارهم الوهابية المتشددة المتعصبة وبسطوا سيطرتهم على العقول والأفكار والبشر ونجحوا في تمزيق الوطن بالمذابح والعمليات الإرهابية الإجرامية ثم يخرج الرئيس ويدعي بأنه رب العائلة ورئيس مسلم لدولة مسلمة ويرجع له الفضل الأول في وضع مبدأ صارت عليه البلاد زمناً طويلاً حتى الآن وهي مساواة المعتدي والمعتدى عليه حيث أمر بالقبض واعتقال أكثر من ألف وخمسمائة من رموز السياسة والدين وأغلق الصحف والمجلات وعزل البابا شنودة في سابقة لم تحدث في التاريخ المصري وكله بالقانون ويتباكى على الديموقراطية الوهمية وهنا فقط اصبح لنا فهم كامل ومقارنة واضحة بين تلك الديموقراطية الناقصة المبتورة وبين الديموقراطية العريقة في بلاد الغرب وخاصة أمريكا أرض الحرية وأن قوة القانون والدستور هي تحمي الديموقراطية وأنه فعلاً حكم الشعب نفسه بنفسه أما الذي يدور في بلادنا هي أكذوبة كبرى ومن المستبعد تطبيقها بل ومن المستحيل للأسباب الآتية:

  1. من الصعب التطبيق في مجتمعات تحكمها النعرات الدينية أو القبلية أو العرقية.
  2. تفشل الديموقراطية في الدول المتخلفة اقتصادياً والتي تعتمد على المعونات.
  3. الدول ذات النظام الرئاسي الفردي أي الديكتاتورية بكل أشكالها وصورها.
  4. الدول ذات النسب العالية من الجهل والأمية فيصبح الناخب غير قادر على التعبير.

وللأسف ما سبق متوفر بشدة في بلادنا ومن العجب أن يخرج علينا قادة بلادنا ويتغنوا بالديموقراطية ومن أشهرها مقولة وزير الإعلام صفوت الشريف الذي توفى مؤخراً:

نحن نعيش أزهى عصور الديموقراطية!

وتدور الدوائر وتتبدل الأحوال ونكتشف العجب في عقر دار الديموقراطية نفسها أمريكا!.

 

انتكاسة الديموقراطية في أمريكا:

بمرور الوقت حدث تزاوج بين ديموقراطية الشرق المنقوصة وبين ديموقراطية الغرب، حيث ظهرت ديموقراطية جديدة ولعل أوضح أمثلتها أردوغان في تركيا والغنوشي في تونس ووضح تماماً عند بداية الدعاية لانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية وظهر الحزب الديموقراطي باتباع اسلوب وخطوات وضعها الإسلام السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بداية من مرحلة الترغيب ومغازلة الناخبين بكل الطرق حسب نظرية اتمسكن حتى تتمكن، وعندما يحدث المراد والاستيلاء والسيطرة على الحكم تبدأ مرحلة التهديد والترهيب وتظهر للديموقراطية انياب وشراسة.

هكذا بدأ المشهد، هكذا بدأت وسائل الإعلام المعادية للرئيس ترامب بعملية تلميع لبايدن واطلاق الاستطلاعات والدعاية مستغلة خبرته في السياسة بحسن الكلام وتزويق العبارات ونعومة الشعارات ومغازلة الفئات والأقليات واستغلال الأحداث والمواقف منذ مقتل الشاب الأسمر وجائحة كورونا حيث تم تضخيم الحدث بالتهويل والمبالغة حتى وصل الأمر إلى الاتهام بالعنصرية واضطهاد الأقليات وسوء استخدام السلطة، وفجأة ودون أي مقدمات تم كيل الاتهامات للرئيس ترامب وتعرضه للعزل للمرة الأولى حتى جاء ميعاد الانتخابات وكان من المتوقع تحت جائحة كورونا أنه لن يكون هناك إقبال من الناخبين ولكن حدث العكس وبصورة غير متوقعة وغير معروفة أو مفهومة من إقبال مذهل يفوق كل التوقعات لتتوالى النتائج في غفلة من الزمن وإذا ببايدن يكتسح الانتخابات ويهزم ترامب وهو غير مصدق ومذهول مما جعل الكثيرين يبحثون عن الأسباب هل فعلاً هي حرية تعبير للناخب؟ وهل تدخل الإعلام لحساب طرف ضد آخر؟ وهل استخدام صناديق البريد قلب موازين الانتخابات؟ وهل هناك تزوير يستحق التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية برمتها؟ لا أحد يعلم ولا أحد يفهم واصبح لدى ترامب قناعة تامة لوجود أمر ما وهو لا يعلم لعبة السياسة القذرة وتعاونها مع الإعلام والطرق الملتوية والمراوغة والإغراء الذي يؤمن به الإسلام السياسي واصبح أمام ترامب فقط صفحته على موقع تويتر للتعبير عن رأيه وعدم الاعتراف بهزيمته، ولأن كثرة الكلام توقع قائلها في المعصية والأخطاء وقع دونالد ترامب في المحظور وشر أعماله وأخطأ بكثرة تغريداته وصنع حبلاً ربطه حول رقبته  فسحبه الآلاف من معارضيه وكأنه دبور زن على خراب عشه، أو كما يقول المثل المصري: إذا وقعت البقرة كترت سكاكينها !

ولم يتوانى رموز الحزب الديموقراطي بعد سيطرتهم على مجلس النواب ومجلس الشيوخ لعبة الترهيب والتهديد ورفع المشانق وسن السكاكين وتكسير العظام بغرض القضاء نهائيا على ترامب لعل الشرك الذي تم تدبيره بتخطيط محبوك ومسبوك وشاهده العالم أجمع يوم السادس من يناير حيث توافد الكثير من الجماهير المؤيدة لترامب وتهور البعض منهم واقتحموا مقر الكابيتول محاولين احتلاله ومنع اعتماد النتيجة وأسرعت وسائل الإعلام بالتصوير والتعليق على الحدث وكأنه اعتداء على الديموقراطية والتباكي على الحريات وكله بالقانون وبدأت مقولة أن الديموقراطية لها أنياب.

 

أنياب الديموقراطية:

بدأت التعليقات والتصريحات تتوالى بسرعة وتلاحق ملوحة بمعاقبة المسئول والمخطئ بالقانون وذرف الدموع على الديموقراطية وإبراز آثار الاعتداء – الغاشم – على مقر الكونجرس معقل الديموقراطية ورمز الحرية الأمريكية وبدأت محاكم الرئيس ترامب حسب المثل المصري الذي يقول: اتغدى به قبل ما يتعشى بيك، تهم وصلت إلى حد الخيانة والتحريض على العنف والشغب واصبح ترامب ما بين عشية وضحاها خطر على الأمن القومي الأمريكي ويمارس سوء السلطة ويدعو للتمرد، هكذا كان التهليل والتهويل والمبالغة والمزايدة وينعقد الكونجرس لعزلة للمرة الثانية في سابقة لم تحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتم الموافقة بأغلبية ساحقة ومعهم عشرة من أعضاء الحزب الجمهوري ولنا – هنا – وقفة ونقطة نظام تخص السيدة الحديدية ذات الثمانين ربيعاً وهي نانسي بيلوسي والتي لها باع طويل في العداء المستحكم والكراهية المتبادلة والضغينة الدفينة التي تحملها نحو الرئيس ترامب وكأنه بالفعل ( كيد النسا الذي غلب كيد الرجال ) والتي نعلم جميعاً أنها من أصول ايطالية وتنحدر من أبوين يعملان بالسياسة مما سهل لها الاشتغال بها والانخراط في العمل السياسي منذ نعومة أظافرها وأنها بما تحمله من جينات البحر الأبيض المتوسط تمتلك ما هو معروف عن شعوبه من عناد وعنف وتطرف وهكذا ( أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك استعجب ) حيث تم سؤالها في احدى المرات: هل تكرهين ترامب؟ فتنفي بشدة بل وتزيد على ذلك بأنها تصلي كل يوم من أجل الرئيس ونظراً لخلفيتها الدينية الكاثوليكية تود من صميم قلبها التعاون معه وهي في حقيقة الأمر تناقض أقوالها بالأفعال والتصرفات مرة وبالتهديد لأعضاء الحزب الجمهوري برفع المطرقة ناحيتهم مرة أخرى، أو عندما مزقت خطاب الرئيس أمام المجلس كله والتصفيق بطريقة الردح وبصورة غير لائقة أو عندما ركعت أمام المتظاهرين المحتشدين أمام البيت الأبيض لاستعطاف الغاضبين منهم أثناء مقتل الشاب الأسمر.

كل هذا يثبت بالدليل مدى شراسة وكراهية تلك السيدة حتى اطلق عليها نانسي المجنونة.

عمر العدو ما يبقى حبيب، وعمر شجرة التين ما تطرح زبيب، فقد كان هدفها الأوحد هو إزاحة ترامب وذبحه وتكسير عظامه وتأديبه حتى لا يتمكن من خوض انتخابات 2024 مرة أخرى.

هكذا انكشف الملعوب وانفضح زيف الديموقراطية هذا يخفي وجهه بأقنعة الحملان أو وضع أظافرها في قفازات من حرير.

وحتى تكتمل الرواية وأنياب الديموقراطية تسرع بغلق ومصادرة صفحة الرئيس ترامب من جميع وسائط التواصل الاجتماعي وغلق قناته ومعاقبة كل من تسول له نفسه ويسمح لنفسه بالتعبير على أماكن أخرى، كان الهدف هو اغتيال ترامب أدبيا وعزله نهائيا من التواصل مع مؤيديه بالرغم من التنديد بتلك الأعمال والدعوة للهدوء والسلمية.

 

الديموقراطية أشرس من الديكتاتورية:

تتوالى المصائب على الرجل وليس دفاعاً عنه أو تأييدا لأفعاله الخاطئة ولكن قراءة للمشهد من زاوية منطقية محايدة.

تسرع بلدية نيويورك بسحب ترخيص منظمة ترامب للاستثمار والغاء جميع العقود الممهورة معه بسبب ما يدعونه من مسئوليته عن التحريض على التمرد والعنف كنوع من الضغط عليه ومحاصرته اقتصادياً.

تعلن وكالة المخابرات الأمريكية تحذيرها من احتمال وقوع عمليات عنف وتهديد من قبل المتظاهرين الوافدين للعاصمة واشنطن أثناء حفل تنصيب بايدن مما يعرض حياته للخطر، أمر عجيب ومريب، ألم يكن من الأفضل التحذير من نية المتظاهرين اقتحام مبنى الكابيتول المرة السابقة وحتى الآن الكثير لا يصدق السماح لهم بسهولة ارتكاب تلك الحماقات وتصويرها كأنها تهديد لحياة أعضاء الكونجرس ونائب الرئيس مايك بنس، وتم حشد أكثر من 20 ألف جندي من قوات الحرس الوطني خلاف قوات مكافحة الشغب للحفاظ على اجراءات حفل التنصيب واعلان حالة الطوارئ ومنع دخول العاصمة حتى يوم 24 يناير وقد تم الغاء بروفة حفل التنصيب وتعديلها خوفاً على حياة الرئيس.

في الحقيقة هذا الجو المرعب والمخيف وتحويل المكان وكأنه ثكنة عسكرية تعتبر من مظاهر الديموقراطية المسالمة الوديعة الراقية أم تعتبر من مظاهر نوع آخر، إنها علامة استفهام تدعو للأسف والحزن لما وصلنا إليه والذي زاد الطين بله هو عدم حضور الرئيس ترامب مراسم تنصيب بايدن، وهذا دليل آخر على عدم انتقال السلطة انتقالا سلمياً كما عودتنا الديموقراطية الأصيلة، ولاشك أن هناك شيئاً خفيا يدور وقوى خفية تسيطر على المشهد واصرار على اعتلاء بايدن السلطة بهذه الوسيلة الغير منطقية وفي نفس الوقت بصورة كأنه المنقذ القادم من المجهول لإنقاذ البشرية من تلك الجائحة ويظهر بايدن رافعاً يديه وخلفه هاله خلف رأسه كملاك جاء بالسلام والحب وحماية وتخليص الإنسان من كورونا الملعونة من لحظة لاستلامه السلطة.

من المعلوم أن 60% من مؤيدي الحزب الديموقراطي من ذوي البشرة السمراء والمهاجرين الناطقين بالإسبانية أو الأقليات الأخرى هذا بخلاف مجموعة الميم من المثليين ولا يخفى على أحد أن بايدن ونانسي بيلوسي من أشد المؤيدين لهذه الفئة الضالة، ومن ثم كانت المكافأة أسرع من البرق تتمثل في موافقة ولاية نيوجيرسي على تدريس مناهج وضعتها تلك المجموعة وإلزام المدارس الحكومية من الحضانة وحتى الصف التاسع ونشر الفكر الاباحي الانحرافي في جميع المواد وليس في مادة الصحة فقط والتي تنافي كل الأعراف والقيم الدينية والأخلاقية المتعارف عليها بين البشر منذ بداية الخلق وواضح جداً أن الحزب الديموقراطي جاء ليدمر تلك العلاقات بإصرار من خلال تطبيق تلك المناهج على باقي الشعب الذي يبدي معارضة دون استجابة لقطاع كبير لا يرغب في ذلك.

 

ترامب في الميزان:

حتى الآن لم يتم تقييم محايد لفترة رئاسة ترامب مع العلم أن السنة الأخيرة والعالم كله غارق في جائحة كورونا التي دمرت مناطق كثيرة ولا ذنب أو مسئولية تقع عليه بالرغم من السلبيات العديدة وانفراده بالسلطة في قرارات كثيرة وعدم قدرته على ارضاء قطاعات كثيرة من شعبه إلا أن هذا لا ينفي وجود أعمال وايجابيات كان الإعلام له الدور الكبر في التهوين منها والتقليل من شأنها وأكتفى فقط بمعارضتها ونقدها والسخرية منها:

  1. وصفه ليس سياسياً ولا يعرف طرق السياسة الملتوية مع رفع شعار أمريكا أولاً.
  2. لم يقحم أمريكا في أي صراعات أو حروب خارجية.
  3. قام بعمل صفقات ومعاهدات بعشرات المليارات خاصة مع دول الخليج.
  4. استطاع ايقاف إيران من زيادة وتخصيب اليورانيوم وتوقيع عقوبات عليها.
  5. نجح بالوقوف ضد التوغل الاقتصادي للصين في الأسواق الأمريكية وتنشيط الصناعة.
  6. حماية الحدود الأمريكية وبناء سور مع المكسيك منعا لتدفق اللاجئين.
  7. القضاء على الدولة الاسلامية ( داعش ) في العراق وسوريا.
  8. سحب معظم القوات الأمريكية العاملة بالخارج خاصة بالعراق وافغانستان.

 

يا خوفي من الديموقراطية:

كنا نعاني في بلادنا والمنطقة العربية من ديموقراطية الأنياب والديكتاتورية والشعارات التي تختلط بالعنف والحجر على الحريات باسم القانون، ومقارنتها بديموقراطية الغرب الأصيلة الوديعة المسالمة خاصة في انجلترا منبع الديموقراطية والتي ترعرعت في أمريكا وتفوقت عليها.

وعندما أرادت أمريكا تصديرها للدول العربية فيما يسمى بالربيع العربي منذ عشرة أعوام وفشل تطبيقها لأسباب معروفة هنا حدث تزاوج وتقارب واختلاط بينهما وظهرت ديموقراطية جديدة وليدة تجمع بين الإسلام السياسي وديموقراطية الغرب ويحاول البعض التشدق والتغني بها.

أقرب الأمثلة ديموقراطية أردوغان في تركيا، والغنوشي في تونس، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتنتقل العدوى إلى عقر دار الأمريكان وتتم ممارسة هذا النوع الدخيل مما يزيد من مخاوف تصاعد وتنامي سيطرة الحزب الديموقراطي وتحوله لديكتاتور مما يحدث انقسام وعنف وتوتر غير محسوب فهل يصل التشاؤم لهذا الحد.

يا خوفي من الديموقراطية التي لها أنياب أشرس من الديكتاتورية.

 

أخبار متعلقة :