كلمات ثلاث هو الشعار العام الذي تبناه مجلس قيادة الثورة بعد تشكيل هيئة التحرير أوائل عام 1953م وقد أعلنه وأطلقه الرئيس محمد نجيب خلال المرحلة ما بعد حركة الضباط الأحرار 1952م ارتفع الشعار الاتحاد والنظام والعمل في كافة وسائل الإعلام والمدارس والمصانع وعلى حوائط المباني وظهرت أفلام تتبنى الفكرة والدعاية لها وقامت المطربة ليلى مراد بالغناء في ميدان التحرير معاني الشعار من تأليف جليل البنداري وتلحين منير مراد وكانت تذاع ليل نهار أنه دعوة صريحة من الدولة لكافة أفراد الشعب المصري إلى التكاتف والتعاون والالتزام والعمل والاجتهاد لبناء وطن قوى مزدهر ولو تحقق الشعار فعلياً لكان الوطن له شأن عظيم ولكن للأسف كانت كلمات فضفاضة أو فقاقيع انطلقت في الهواء واختفت مع الأياموالأحداث والنكسات والحروب وخلال ستين عاماً من قيام الثورة تفشى الفساد والرشوة والمحسوبية وتحول الشعار عقب انتفاضة 25 يناير 2011م ثلاث كلمات أخرى ( عيش – حرية – عدالة اجتماعية )كأنه مطالب الشعب وموجهة للدولة وهي تعكس مطالب شخصية فئوية تكشف مدى التغير والتحول ويلاحظ هنا كلما أرتفع شعار جاءت النتائج عكسية ومخيبة للآمال على طول الخط لعدم وجود الإرادة وحماس جماهيري وإيمان بما نقوله وبين ما نطبقه على أرض الواقع ربما كانت من الأسباب المباشرة لتدهور وانحدار طبيعة العمل وتقهقر التعاون والوحدة بين طوائف الشعب.
ولكي نفهم المقصود من الشعار علينا تعريف المصطلح أولاً كالتالي:
تعريف الاتحاد:
هي عبارة عن ذوبان كيانين أو أكثر من أجل تشكيل كيان واحد في النهاية حيث يتساوى الجميع في الخير والشر والتطور والنمو وفي القوة والإخلاص لهذا الكيان وفي العطاء بلا حدود ولا تبقى خصوصية فرد لنفسه إلا ما يتعلق بالأمور الشخصية، فالاتحاد يشكل قوة كبيرة ويعد مصرد للفخر والإعزاز ويعبر عن التطور والبهجة والشيء الوحيد الذي نتفق عليه هو الوطن الذي يجمع الكل في أحضانه ونعتز به ونفرح لتقدمه ونعيش على أرضه وخيراته، وهنا يبرز سؤال:
هل تحقق فعلاً على مدى السنوات الماضية هذا الاتحاد؟
تعريف النظام:
هي مجموعة أوامر ونواهي وإرشادات تحدد الطريقة التي يجب اتباعها في تصرف معين والنظام موجود في كل مناحي الحياة ومعيشتنا وعملنا ويسيرون عليه وأيضاً يعتبر نوع من الترتيب أو خارطة الطريق للوصول إلى هدف معين مثل نظام المرور المعمول به من إرشادات وضوابط ومحاذير هدفها منع وقوع الحوادث سواء للأفراد أو المركبات وسيولة المواصلات وهكذا يمكن تطبيق المعنى في كل مناحي الحياة وأيضاً عدم الالتزام بالمعنى الحقيقي للنظام فشلنا في تحقيق على مدار السنوات بل أنحدر انحدارا شديداً إلى نوع من الفوضى والفلتان والعشوائية.
تعريف العمل:
هو مجهود إرادي يستهدف العامل إنتاج سلع أو خدمات لا شباع حاجاته ويحتاج العامل الناجح إلى مجموعة من المعارف والمعلومات يتعلمها وبالتنمية والدراسة يمكنه إتقانها وإجادتها وبالتدريب تتحول إلى عادة وبالممارسة تصبح روتين يفعله مقابل راتب أو أجر يساعده على استمرار معيشته والحياة له ولأسرته حياة كريمة ورفاهية تلك هي سنة الحياة عليك بالعمل والاجتهاد والاخلاص والعرق لكي تكسب لقمة العيش ونظراً لتغيير السلوك والاسلوب وإدخال ما يسمى الفهلوة أو الرشوة أو المحسوبية انخفض معدلات العمل والاتقان والخبرة.
مما سبق يتضح فشل الدولة في تحقيق شعار ( الاتحاد والنظام والعمل ) وبالتالي لم يحدث تقدم أو نهوض للوطن خلال الفترة ومع الأيام تبدل الاتحاد إلى الانقسام والصراع وخلاف واختلاف خاصة عندما تساهل وتغافل وتباطأ وتواطأ فرض قوة القانون على الجميع دون انحياز أو محاباة لطرف أو جماعة أو هيئة أو طائفة على حساب الآخر، وتنازل القانون عن أداء واجبه تحت مسميات وأقاويل وفتاوى مما أوجد ثغرات في جدار العدل نفذت منها ثعالب صغيرة أفسدت الذمم والضمائر والنفوس فوجدنا التحايل والتزويغ والغش والرشوة والفساد يتغلغل في قطاعات كثيرة حتى وصل الانقسام والفتن الطائفية والمشاحنات بين أبناء الوطن الواحد ومحاولات تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية لتتخلى الدولة عن مدنية الدستور واصبحت رهينة الجماعات الإرهابية المتطرفة تحكم في كل صغيرة وكبيرة خاصة في معظم القرى والنجوع في طول البلاد وعرضها واصبحت الجلسات العرفية أساس التعامل بين أفراد الشعب بعيداً عن تطبيق القانون وللأسف يتم ذلك تحت أعين رجال الأمن وغياب المحليات وضياع هيبة الدولة المتمثلة في العمدة وشيخ البلد وشيخ الخفراء فمن الصعب والمستحيل تطبيق القانون في الوقت الحالي بل بدأ معه صراع خفي بين القوى المسيطرة على تلك المناطق وبين الدولة التي تحاول جاهدة ارجاع هيبتها وارجاع سلطة القانون وسوف يستغرق وقتاً طويلاً لعودة القانون.
أما التقاليد والعادات والموروث الأخلاقي والديني فكلها تم تغليفها بالمظاهر الكاذبة والتأويل والتحايل بوسائل ملتوية والبعد عن الجوهر وعن الأصول وتشويه متعمد للحقائق الواضحة مما تسبب في حالة من البلبلة والحيرة والتوهان يصل في بعض الأحيان إلى حد اللامعقول والخبلان والخزعبلات والجنون في التصرف والسلوك أو الحكم على الأشياء وإرجاع الأمور للقضاء والقدر والغيبيات دون فكر أو علم مثلما أشيع عن اسباب هزيمة يونيو 1967م وأنها كانت نتيجة البعد عن الله والتخلي عن أحكامه وانحراف القيادة وليست راجعة إلى التقصير والإهمال والفساد ومحاولة مواجهة النفس ومحاسبة المخطئ وأستمر الرئيس جمال عبد الناصر في الحكم حتى وفاته عام1970م بدلاً من محاسبته باعتباره المسئول الأول عن الهزيمة واحتلال الأرض.
وعلى نفس النغمة تم اعتبار نصر أكتوبر 1973م نتيجة لتقربنا من الله وتدخل الملائكة للعون والمساعدة مع ارتفاع النداء الله أكبر سبباً للمكسب وليس بسبب التدريب والعلم والتطور ببساطة تخلى الإنسان عن عقله لصالح عواطفه ومشاعره.
ومن مظاهر الفساد الذي تغلغل وتفشى بشكل مرعب في وقت كان يعتبر مجرد أضافة الماء على اللبن غش وجناية يعاقب مرتكبها بخيانة الأمانة أو مجرد خدش زرار عسكري يعاقب عليه بالسجن، جاء الوقت نجد التطاول والشتائم والألفاظ الخارجة والتعدي ونزع رتب ضابط وهو يؤدي مهام وظيفته في حادثة أمام مرأى ومسمع من الجميع وللأسف من سيدة ومستشارة مثقفة تكشف بوضوح مدى تراجع هيبة الدولة وأن التغاضي عن التصرفات وعدم المحاسبة وفرض القانون إلى استحلال ممتلكات الغير وتحليل المخالفات وكسر القانون واغتصاب الأراضي وتحويلها إلى أمر واقع وثابت ويتحدى الدولة بكل وقاحة وبجاحه وأما الرشوة فقد اصبحت الآن أساس التعامل بمنطق عمولات واكراميات محللة ومشروعة تحت مسمى تخليص المصالح وتسهيل الأوراق حتى أصبحنا غارقين تماماً في بحر الفساد فلا نستغرب ما حدث أو يحدث كل يوم من ارتكاب المخالفات دون خوف من المحاسبة أو المحاكم بمنطق عجيب إذا كانت الحيتان الكبار تستحل وتسرق وتنهب فلماذا البحث عن صغار السمك عندما يسرقون وينهبون المال العام.
وفي السياق ذاته يدخل الإعلام بقوة بعد أنتشار الفضائيات ليلعب دور غير محايد على الإطلاق فقد تخلى عن دوره الأساسي في التوعية والإرشاد والمحايدة وأخلاق المهنة إلى إثارة الجدل تبعاً لنظرية التهويل والمبالغة أو التهوين والتضليل حسب رؤية أو سياسة القناة وأمام التطور التكنولوجي والتواصل الاجتماعي أصبح من حق كل فرد قناة خاصة يبث فيها الأخبار والروايات سواء كانت حقيقية أو مزورة للحصول على أعلى نسبة مشاهدة طمعاً في الشهرة والمكسب المادي وحيث يلعب دوراً في التأثير على الرأي العام للمواطن تزيد من حالة الاحتقان والإثارة والجدل واستنزاف الوقت فيما لا يفيد.
لقد برزت ظاهرة التنمر لأن النشء لم يتربى على الأخلاق، ظهرت الرشوة والتزوير لأنها وسيلة فعالة لقضاء المصالح، زادت حالات الاغتصاب والتحرش لانعدام الضمائر والخوف من الله، ارتفعت حالات السرقة والنصب والاستيلاء على الأراضي رغبة في الثراء السريع، ولاحت في الأفق ظاهرة التطاول والشتائم والانفعال السريع والعراك على أتفه الأسباب لانعدام وسائل الردع والمحاسبة، وزادت الفتن الطائفية وازدراء الأديان لانعدام مبدأ احترام الغير، واختفت أعمال الخير والرحمة لانعدام القلوب الرحيمة، كما ظهرت أعمال استغلال الشعب والتسول عليها بغرض الشهرة والاستفادة.
من انتفاضة 25 يناير 2011 اصبح كل فرد له قانونه الخاص والمنطق الخاص به وقوته الشخصية والأنانية القاسية تحكمه، واصبح يفرض هذه الأهواء على الآخرين دون خوف من العقاب أو المحاسبة لكونه يتمتع بوسائل التحدي السافر بمنطق قانون القوة، هذا ما نراه الآن خلال السنوات الأخيرة في معظم الأحداث والمشاكل والخلافات.
هناك الآن أمثلة صارخة تكشف عن مدى التفاوت الشاسع بين معنى العمل والاجتهاد وبين بعض الأعمال التي كسرت قوانين الطبيعة والعمل الشريف.
لاعب كرة قدم مجرد بضع دقائق يمارس رياضته يتحول لمليونير، ولا يخفى مؤخراً ما حدث والضجة الإعلامية من لاعب الكرة رمضان صبحي وانتقاله من النادي الأهلي الذي تربى فيه إلى نادي آخر أمام إغراء مادي جعله يتنازل عن الولاء والانتماء والأخلاق مقابل المال مما يجعل المرء يتأسف على ما وصل إليه الانهيار الأخلاقي والأدبي والرياضي إلى هذا المستوى المتدني إلى لعبة محببة جماهيرياً.
فنان ليس له تاريخ ولكن في غفلة من الزمن قدم بعضاً من أدوار العنف والتصرفات ودغدغة مشاعر البسطاء يحوله إلى بطل يستعرض عضلاته والعري مقابل ملايين من الجنيهات أفقد للفن وقاره والمعاني الجميلة المعروفة عن الفيلم المصري ما يفعله محمد رمضان مثال صارخ لتلك النوعية من الفن الهابط المبتذل.
أغاني هزلية وألفاظ غير مفهومة وكلمات سوقية وموسيقى هابطة تحول إنسان بين يوم وليلة إلى أشهر مغني على الساحة يجني الملايين من الجنيهات والدولارات من الأداء العلني ويحوز نسبة مشاهدين ويفرض نفسه على القنوات والبرامج أنه حسن شاكوش صاحب الأغنية الوحيدة بنت الجيران.
أما بياعي الكلام الذين نطلق عليهم أسم المذيعين الجدد عقب الثورات تحولوا لقوة لا يستهان بها فمنهم ملهم الثورة أو معلم الثورة أو مرشد الثورة أو مفجر الثورة يجلس عدة ساعات رغي ولغط وصراخ وزعيق مقابل عدة ملايين من الجنيهات مثل عمرو أديب والهدف الأساسي هي الإثارة والجدل واللعب على المعاناة ومشاعر الجماهير تلك الفئة لهم تأثير سلبي بل للأسف سبب مباشر لكل الأزمات والمصائب والمشاكل لاتباعهم نظريتهم بين المبالغة والتهويل أو التهوين والتعتيم.
أمر عجيب وغريب ما يدور الآن من نكرة وإنسان هارب وخائن ولص وفنان فاشل هو محمد علي الذي يظهر على فترات والدعوة للخروج على النظام والثورة ضد القيادة لأي تبرير أو حجة تهدف إلى إثارة الجماهير ودغدغة مشاعرهم وتشجيع الجبناء والخائفين والمتطرفين والمخالفين والفاسدين والخضوع لهذا المعتوه ويحدد يوماً شرارة الثورة حتى نكشف مدى خطورة ومخاطر ترك هؤلاء المرتزقة والخونة ونجد بعض القنوات للدعاية والإثارة ولكن وعي الشعب وتكاتف الشعب والجيش بإذن الله يفوت عليهم أفكارهم وخططهم الشيطانية لهدم أركان الدولة.
مما سبق يتضح لنا أن رفع الشعارات دون قناعة أكيدة وإيمان صادق وإرادة قوية وقوة القانون تساعدها وتحافظ عليها وتدعي نقاط تنفيذها يصبح حبر على ورق أو كلمات خالية من مضمونها لذلك فشل شعار الاتحاد والنظام والعمل، وأيضاً شعار عيش حرية عدالة اجتماعية، ولكن حالياً في ظل محاولة الدولة فرض قوة القانون ومحاربة الفساد ومحاربة الفاسدين ومحاسبة المخالفين والخارجين على القانون وارجاع هيبة الدولة.
ما احوجنا الآن إلى تلك الكلمات الجميلة والشعار الذي نجح عند تنفيذه أثناء الثورة الفرنسية منذ مئات السنين قادرين على تطبيقه وتنفيذه على أصول وأساس متين الاتحاد والنظام والعمل فتكون النتيجة الأكيدة والثمرة المرجوة للشعب كله عيش وحياة كريمة وحرية التعبير والرأي وعدالة اجتماعية ومساواة بين الشعب كلة ليعم السلام والخير والازدهار والتقدم للوطن.
شهر سبتمبر في حياة زعماء ثورة 23 يوليو
5 سبتمبر واغتيال الرئيس:
عقب وفاة الرئيس جمال عبد الناصر تولى الرئيس محمد أنور السادات مقاليد الحكم وحاول تصحيح المسار والتحرر من سيطرة الاشتراكيين والناصريين وذلك بأطلاق جماعة الإخوان المسلمين من السجون والسماح لهم بالعودة إلى البلاد والتغلغل داخل الدولة وحقق نصر أكتوبر 1973م وإعادة افتتاح قناة السويس وعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل لكنه أرتكب خطأ بقرارات 5 سبتمبر 1981م واعتقال أكثر من 1500 رمز سياسي وديني واعتقال البابا شنودة في ديره فكانت النهاية الدرامية واغتياله وسط جنوده وبيد ضباطه في حادثة المنصة الشهيرة.
13 سبتمبر وانتحار المشير عامر:
عقب هزيمة ونكسة 5 يونيو 1967م تم تحديد إقامة المشير عامر في الفيللا الخاصة به وقد أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً بتنحيته من قيادة الجيش الأمر الذي رفضه المشير ووضع تحت الإقامة الجبرية حتى تم الإعلان عن انتحاره مسموماً بابتلاعه كمية من الحبوب يوم 13 سبتمبر 1967م بينما يشكك البعض بأن السم قد تم دسه له من قبل الأجهزة الأمنية فكان قتلاً وليس انتحاراً ولم يتم حسم الأمر حتى اليوم.
28 سبتمبر وموت الرئيس:
28 سبتمبر هي مناسبة مرور خمسون عاماً على وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ولم يتجاوز عمره 52 عاماً بسبب المجهود الكبير والضغط النفسي العنيف ومحاولة حقن الدماء نتيجة الحرب الدائرة بين قوات الملك حسين ملك الأردن وبين منظمة التحرير الفلسطينية وعقد مؤتمر عربي لكنه وقع صريع ذبحة صدرية فشل الأطباء في اسعافه فكانت النهاية المأساوية لزعيم ورمز ونهاية عصر سمي بالناصرية وله مؤيديه حتى يومنا هذا.
أخبار متعلقة :