الإعلام هو تعبير عن احتياجات الناس، ولا يوجد أهم من الصحة كاحتياج إنسانى ومتطلب اجتماعى لا بد أن يكون فى أعلى مستويات الجودة دائماً، والمدهش أنه فى أزمتنا الأساسية الآن، التى تدمر اقتصادنا واقتصاد العالم وهى كوفيد ١٩ أو الكورونا، وبالرغم من ذلك لم نفكر فى إنتاج برنامج طبى صحى مصروف عليه ومعد بطريقة إعلامية لا إعلانية، برنامج تصرف عليه الدولة، وأهميته الآن أضعاف أهميته السابقة، لماذا؟، ليس فقط للتوعية بكورونا، ولكن أيضاً وهذا هو مربط الفرس فى تلك المرحلة، التوعية بالأمراض الأخرى التى للأسف وفى ظل الاهتمام بالكورونا تحتل مرتبة اهتمام متأخرة، فالآن الشعار المرفوع هو لا تمرض الآن بمرض آخر غير الكورونا، والمستشفيات تتحول رويداً رويداً لمستشفيات عزل، وطبعاً الدولة معذورة، لكن هناك من يحتاج دعامة قلب، ومن يحتاج جراحة غدة درقية، ومن يحتاج علاجاً لجلطة المخ، ويدق أبواب المستشفيات للحصول على غرفة عناية مركزة، وبعيداً عن الطوارئ فالجميع ممن يعانون أمراضاً مزمنة كالسكر والضغط والروماتويد.. إلخ لا يجدون من يسمعهم فى ظل «زيطة» وصخب وضوضاء الكورونا، أما من يريد إصلاح أسنانه أو عمل جراحة مياه بيضاء أو استئصال اللوزتين لطفله أو إصلاح شفة أرنبية.. الى آخر تلك العمليات، فهو يضع يده على خده انتظاراً للفرج، والحل لكل هؤلاء خاصة الأمراض المزمنة أن ننقذهم بمعلومات تثقيفية صحية لإنقاذهم وعدم تدهور حالتهم، ومهما صُرف على هذا البرنامج من أموال فهو خدمة طبية تقلل الفاقد من الأموال التى تصرف على مضاعفات الأمراض، فمثلاً محاربة البدانة بتثقيف طبى صحيح يحمى مصر من الصرف على عمليات مفاصل صناعية ودعامات قلب ومضاعفات سكر وغسيل كلى وسرطان، لو خفضت كل هذا إلى النصف أنت كدولة الكسبان والرابح، عندما تقدم ثقافة طبية صحيحة عن الضغط الذى يصيب خُمس المصريين تقريباً، فأنت تحمى المصريين من مضاعفات الجلطات والفشل الكلوى بكل التكلفة الرهيبة والضغط على المستشفيات التى تتحملها الدولة، كذلك عندما تتبنى حملات توعية بمرض السكر فأنت توفر مصاريف علاجات انفصال شبكى بالآلاف والتهابات شرايين طرفية بعشرات الآلاف وجراحات بتر وأوعية دموية.. إلخ، عندما تنبه الأهل إلى متابعة السمع عند الطفل مبكراً من الممكن إنقاذ الأطفال قبل أن يبلغوا مرحلة اليأس ولا تنفعهم حتى زراعة القوقعة، تنبههم مثلاً عن الخصية المعلقة التى لا ينتبه إليها الأهل حتى يكبر الأطفال وتتحول إلى سرطان وهى مختفية داخل البطن، عندما تنبههم إلى خطر حول العينين وكيف أنه من الممكن بالإهمال أن نصل إلى فقد كفاءة العين وخمول العصب البصرى نفسه، كل تلك النصائح وغيرها لا بد من أن نجعلها ثقافة مجتمعية فى متناول الناس، وحتى بالحساب الاقتصادى البارد المحايد إحنا الكسبانين، ليتنا لا نفكر فى البرامج الطبية بالعقلية التجارية الإعلانية، فالتوعية والوقاية هما عمود خيمة الصحة وبدونها تنهار، ويكفى أننا اكتشفنا أن ما يشل العالم هو الكورونا، موضوع طبى وحله عند الأطباء والباحثين، البرنامج الطبى الذى تشرف عليه الدولة لم يعد رفاهية بل صار موضوع حياة أو موت.
أخبار متعلقة :