تجارة الأعضاء البشرية تعد أكثر قسوة وضراوة من مايفعله بنا الإرهاب ، فهى لم تنتحر بالقائمين عليها والمشاركين فيها كل معانى الضمير والإنسانية فقط ، بل ابعد من ذلك ، فهو الكفر بالخالق الاحد ، وعدم الايمان بوجوده عز وجل.
فلو قارنا بين اى فرد صاحب دور من القائمين بهذه المافيا ، وليكن الطبيب المشرح وبينه وبين ذلك الارهابى ، فنجد الارهابى لديه فكر وعقيدة وقناعة تغذى عليها ، وتبرر لديه أفعاله ، فهو من خلال أعماله الاجراميه يعتقد أنه يقدم خدمة إلى الله ، ويسعى من وجهه نظره إلى إرضاء ربه ، فهو يعترف ويقر بوجوده من خلال أفعاله على حسب ماتشبع به من أفكار وقناعات من مرشديه الفسدة ، رغم أنه يمضى فى الطريق المعاكس من الطريق الى الله سبحانه ، إلا أن لديه عقيدة وقناعة بثت سمومها به ، جعلته يقتل ويذبح ويفجر بأسم الله إيمانا وسعيا لارضائه _ اذن فهو يقر بوجود الله ويسعى للتقرب إليه ، ولكنه لم يجد فى الوقت المبكر من يقوم بتوجيه وارشاده ، وتبديل الفكر بفكر اخر يستدل منه على الطريق الصحيح للتقرب الى ربه ، كما لم يجد ايضآ منذ البدء فى صغره من يأخذ بيده ، ويبذر به القيم الروحية الصحيحة وجعلها تنمو معه مؤسسا فيه المبادىء الإيمانية القويمة ، والتى منها يتشكل ضميره ومن ثمة إنسانيته ، لذا كان بمثابة عجينة سهلة التشكيل فى يدى داعمى الفكر الارهابى ، فهو رغم كل ما يقوم به من أفعال إجرامية شيطانية ، إلا أنه يذكر الله ..فهو يقتل بكل الإيمان ..!
اما تاجرى الاعضاء فما هى مبرراتهم حتى وإن كانت فى صورة معتقد خاطىء لديهم .. لا يوجد ..؟!!
دافعهم فقط هو الثراء السريع الفاحش ، فهؤلاء يعلمون جيدآ أنهم ينكرون وجود الله ، ينكرونه فى أفعالهم ويكفرون به ، ولا ينظرون يوم الحساب ، فلا يخافونه فكيف يخافونه وافعالهم تنفى وجوده ...هكذا تؤكد افعالهم ... والتى فاقت قسوتها وجبروتها قسوة الارهابى وجبروته ، فهم يقومون بدورهم بمنتهى الهدوء والتأنى ، يأتون بالبشر احياء ، ويقومون بشقهم بأعصاب باردة ، حتى لا يصاب عضو منه أو قطعة بأذى لاكتمال الصفقة على أكمل وجه ، وهكذا يتم تفريغهم قطعة تلو الأخرى ، وتحويلهم الى اعضاء وقطع غيار بشرية ، دون أدنى احساس أو وخزة ضمير تذكره أنه يتعدى و يعبث بما خلق الخالق وصنع .. فالثراء وحده جعل منهم الآت ومشارط ، تعمل دون قلب او فكر أو ضمير ، تعمل ناكرة الخالق .. فهم بافعالهم لا يبتغون الطريق الى الله كما يفعل الارهابى المغيب ، بل هم يكفرون بالله واليوم الحساب .. ماذا حدث لانسانيتنا ومن المسؤل ؟!
فمن المستحيل أن يتحول من نشأ كإنسان يومآ الى لا انسان .. فجأة أو على غفلة منه ، فلا بدّ وأن يكون داخله مهيئآ للشر والقسوة ، أو على الأدنى فهو لم يجد من يبزر به كيف يكون انسان ، كيف تكون علاقته الروحيه بربه والإيمان الصحيح به عز وجل ، وهذه التهيئة لو عدنا بها إلى الأصل والمصدر ، فنجدها تبدأ من الأسرة ، من المدرسة ، من دور العبادة ، من خلال البعد عن القيم والمعانى الروحية الايمانية النبيله ، وتخلى البعض عن أدوارهم وتركها لمن يقوم بها على أكمل وجه .. .. فى الطريق المعاكس للطريق الى الله ..!
متى تسمو فتواكم عن تلك النصف الأسفل ..!
منذ أيام خرجت علينا كما يحدث من حين لآخر ، فتوى تقيم الدنيا ولم تقعدها ، وهى فتوى ( معاشرة الوداع ) والتى هى صورة لا تخرج فى نطاقها عن صور التمثيل بالجثة ، فإن ماتبيحه تلك الفتوى وتستحله ، مما تتعرض له الزوجة المتوفاه والتى قد اصبحت بين يدى بارئها ، ماهو الا جريمة من جرائم الاغتصاب ، لانها منذ تلك اللحظة التى أسلمت فيها الروح إلى بارئها ، قد انفصلت عن دنياه ولم تعد ملكآ له ،كما هو جريمة تعدى على حرمة الموتى وكسرها والتمثيل بجثتها ، أضف إلى ذلك ، فهو التعدى على عظمة الخالق وسلطانه ، وما صار بين يديه ، وله وحده سبحانه السلطان فى شأنه جل شأنه .
ان اقل مايوصم به أصحاب تلك الفتاوى ومتبعيها هو الانحطاط والدناءة _فأين قدسية وحرمة الموتى ، وكيف لك أن تتعدى على ما اصبح بين يدى الخالق ، وماهى تلك المشاعر والاحاسيس ، التى تقبل وتحتمل أن تعيش لحظات المتعة والنشوة مع من كانت له شريك حياه .. وها هى اليوم تفارقه _اين الحزن والالم على فراق شريك العمر والكفاح ولحظات التأمل لحال ما ستعانيه من الام الفقد والوحدة ، هل من الممكن فى ظل هذا الكم المختلط من احاسيس الفراق القاتلة ، هل من الممكن أن يكون استماع ونشوة بجسدها الميت ..!
الم يمر بالمخيلة شربط الحياه معها ولو لحظات ، وكيف تكون المشاعر فى تلك اللحظة ، هل هى مشاعر ضياع وفقد ، ام هو شعور بالرغبة الملحة ..وهل من إثارة فى جسد ميت ..! _فإذا كان الزوج فى العموم ، أن لم يجد زوجته تتفاعل معه بكل جوارحها فى تلك اللحظة الحميمية ، فأنه يفقد الشعور بالاستمتاع والإثارة ، كما يتهمها بالبرودة والفتور الجنسى وهى مازالت جسد ملىء بالحياه ، فكيف إذآ يعاشر جسد ساكن لا حراك شاحب بلا روح ، يسرى فيه سقيع واصفرار الموتى ..!!
فأننى ارى تلك الفتوى ، ما هى إلا صورة من صور الاغتصاب والتمثيل بالجثة . _فحتى متى نراكم دائمآ فكركم محصور في فتاوى لا تتعدى نصفكم السفلى ، أما نصفكم العلوى ، فهو يزداد الجهل جهلا والتخلف تخلفا …فما بين فتوى ارضاع الكبير ، وإباحة الزواج من طفلة ولو كانت ابنة اليوم ، إلى معاشرة الزوجة بعد وفاتها ، الى استحلال معاشرة البهائم ، فأين فتواكم التى تحس على العمل والإنتاج لتحقيق الذات والنظرة الى المستقبل والنهوض بالإوطان .. فكيف لأمة أن تتقدم فى ظل فتاوى تخاطب الشهوات لا العقول ، كيف لأمة أن تتقدم وفكرها محصور … فى النصف الاسفل ..؟!!
أخبار متعلقة :