إلى وقت قريب، قبل تسعينيات القرن الماضى، لم يكن يوجد سوى 5 سفارات عربية فى كوريا الشمالية، هى مصر، واليمن، وفلسطين، وسوريا، والجزائر، وسفارتان لدول إسلامية هى باكستان وإيران، حيث تم قطع العلاقة أخيراً بين بيونج يانج وماليزيا فى عام 2017، لكن توجد سفارات لكوريا الشمالية فى مصر، وسوريا، ولبنان، واليمن، كما أن التبادل التجارى بين العرب وكوريا الشمالية، محدود.
ورغم أن مناخ الاستثمار فى كوريا الشمالية، غير موات للاستثمار الأجنبي، إلا أن هناك وجودا للاستثمارات مصرية فى هذا البلد، حيث بلغت الاستثمارات المباشرة لمجموعة شركة أوراسكوم، فى كوريا الشمالية نحو 500 مليون دولار، وهى أعلى استثمارات فى تلك الدولة.
وتم إنشاء مشروع مشترك بنظام «المشروع المشترك» بين شركة «أوراسكوم للصناعات البنائية» وشركة بيونج يانج - ميونج دانج للتجارة، من أجل تحديث وتطوير وإعادة تأهيل مصنع سانج - ون للأسمنت، وطبقا للعقد المبرم بين الطرفين تم ضخ 115 مليون دولار من جانب الشركة المصرية.
كما بدأت شركة «أوراسكوم تيليكوم» المصرية إنشاء أول شركة وشبكة لخدمات التليفون المحمول بنظام المشروع المشترك مع شريكها وزارة البريد والاتصالات الكورية من خلال شركة تشيو وبتكلفة مبدئية 400 مليون دولار، كما دخلت شركة أوراسكوم، كشريك رئيسى فى مشروع استكمال وإنهاء تشطيبات فندق ريوجيونج فى بيونج يانج ومن ثم إدارته فيما بعد.
يأتى هذا إلى جانب التنسيق الدائم والتعاون المستمر بين الدولتين فى المحافل الدولية، خصوصاً أن الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية التى تجمعهما ليست بالقليلة، ومن بينها الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ولا تزال مصر تشعر بالامتنان للدور الذى لعبته كوريا الشمالية، إبان حرب أكتوبر عام 1973، بإرسالها طيارين مقاتلين كوريين إلى مصر آنذاك.
ووجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي، دعوة إلى الزعيم الكورى كيم يونج أون، زعيم كوريا الشمالية، لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، ولاقت الدعوة، ترحيبًا من قبل نظيره الكوري، الذى أوفد رئيس هيئة رئاسة الجمعية الشعبية العليا للبلاد، كيم يونج نام، الأخ غير الشقيق للرئيس الكورى، لحضور الحفل.
وهناك حرص من جانب مصر على تنمية وتطوير العلاقات الثنائية خصوصاً فى بعدها الإنساني، حيث قدمت مصر مساعدات مالية فى شكل قروض ميسرة طويلة الأجل لبيونج يانج، كما أرسلت القاهرة أدوية وأمصالا لكوريا لمواجهة آثار الفيضانات المدمرة التى تعرضت لها البلاد عام 2007.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وفتور العلاقات مع الصين، بحثت كوريا الشمالية عن أصدقاء جدد لديهم ثروة كبيرة، ولذلك، بدأت إقامة علاقات رسمية مع دول مجلس التعاون الخليجي، بدأت بسلطنة عمان فى عام 1992، ومع قطر فى عام 1993، ثمّ الكويت والبحرين فى عام 2001، ودولة الإمارات العربية المتحدة فى عام 2007، ولكن ليس هناك علاقة رسمية بين كوريا الشمالية والمملكة العربية السعودية حتى الآن.
كما قام الصندوق الكويتى للتنمية بإقراض كوريا الشمالية قرضين بقيمة إجمالية نحو 13 مليون دينار لضبط توزيع المياه وتحين مستوى الصرف الصحى فى بيونج يانج، وهى المساهمة التى يقدرها الكوريون الشماليون، حيث قاموا ببناء نصب تذكارى للإشارة لهذه الخطوة.
وبحلول الوقت الذى بدأت فيه كوريا الشمالية، التفاعل الاقتصادى مع دول الخليج على نحو جاد، كانت بيونج يانج تعانى بالفعل من تراجع صناعى خطير، أعقبه مجاعة فى منتصف التسعينات، ولأنَّ العملة الصعبة كانت نادرة فى كوريا الشمالية، لم يكن لديها ما يكفى من الأموال لاستيراد الطاقة من الخليج واعتمدت بدلًا من ذلك على الصين فى توفير احتياجاتها من الطاقة.
وترسل كوريا الشمالية العديد من مواطنيها للعمل فى دول مجلس التعاون الخليجي، كانت هناك استراتيجية اقتصادية اتبعتها بيونج يانج، لجذب العملة الصعبة وهى إنشاء مطاعم فى الخارج تقدّم الطعام الكورى التقليدي، علما بأن معظم العمّال الكوريين الشماليين فى دول مجلس التعاون الخليجى يعملون فى صناعات البناء والتشييد.
وتعتبر كوريا متورطة، بشكل سرى إلى حد ما فى الشئون العسكرية فى المنطقة، حيث أسهمت فى دعم الصناعة الحربية المصرية والجزائرية والليبية فى عهد الرئيس معمر القذافى، وهو ما يفسر زيارتى الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، لكوريا الشمالية عامى 1983، 1990، إذ أنه كان يعرف جيداً حجم الدعم الكورى الشمالى لسلاح الطيران المصري.
ولكن كوريا الشمالية، شأنها شأن الولايات المتحدة، دعمت العراق وإيران عسكرياً، فى آن واحد، إبان الحرب العراقية - الإيرانية بمبيعات السلاح، واستمرت بعد نهاية الحرب الباردة فى دعم إيران وسوريا ومصر فى مجال تكنولوجيا الصواريخ لمساعدتها فى تضييق الفجوة مع إسرائيل فى هذا المجال.
وأشارت الصحف الأمريكية فى سنة 1996 إلى أن كوريا الشمالية زودت مصر بصواريخ «سكود-سي» وكذلك زعمت إسرائيل أن الغارة التى شنتها على موقع فى دير الزور فى 6 سبتمبر سنة 2007 كانت فى الواقع ضد منشأة نووية تبنيها سوريا بمساعدة كورية، وأن 10 خبراء كوريين شماليين قتلوا فى تلك الغارة.
وخلال الحرب الحالية التى تقوم بها المملكة العربية السعودية، وحلفاؤها فى اليمن، ظهرت أدلة على وجود صواريخ سكود من كوريا الشمالية، والتى يستخدمها الحوثيون، وتعود هذه الصواريخ لمشتريات سابقة من الحكومة اليمنية، فى عام 2002، حيث اشترى اليمن نحو 20 صاروخ سكود فى هذه الصفقة، لذلك من المرجح أنَّ صواريخ سكود المستخدمة فى الصراع اليمنى حالياً جاءت من كوريا الشمالية فى الأصل، أما أى جديد منها فهو قادم من إيران.
أخبار متعلقة :