بوابة صوت بلادى بأمريكا

أحمد غريب يكتب : الحرب الروسية الأوكرانية.. كورونا ما بعد الكورونا

 
 عندما لاحت في الأفق بوادر انفراج أزمة الكورونا وما خلفته من آثار كارثية على بلدان العالم عامة والدول العربية والإفريقية خاصة وجد العالم نفسه من جديد أمام معضلة أخرى قد تكون آثارها التدميرية أكبر بكثير من الآثار التي عانى منها العالم خلال ما يقارب عامين نتيجة أزمة الكورونا حيث دخلت الحرب الروسية الأوكرانية لتعصف من جديد بكل بلدان العالم خاصة الفقيرة منها والتي تعتمد في أمنها الغذائي على طرفي النزاع روسيا وأوكرانيا وكم كانت كثيرا من الأنظمة العالمية على درجة كبيرة من السذاجة عندما ظنت إنها بمنأى من تداعيات هذه الحرب الضروس لأنه اتضح  بما لا يدع مجالا للشك أن الدولتين المتصارعتان يمسكان بالفعل بخيوط لعبة الحياة لمعظم دول العالم وعلى ما يبدو أن نفس الأنظمة التي سعت جاهدة لإلحاق الضرر بالعالم من خلال صناعة فيروس الكورونا هي نفسها التي ما زالت تنفخ في نار هذه الحرب الدائرة حتى تضمن بقائها لأطول فترة زمنية ممكنة إلا أن الشواهد تؤكد أن الأضرار قد تلحق بالكل ولن تدع أو تسمح لأحد أن ينجو من آثارها المخيفة ورغم أن الأضرار لا محالة واقعة على الجميع إلا أن هناك معسكرا للرابحين خلال هذه المعاناة فالحرب الروسية الأوكرانية دفعت سعر برميل النفط  لبلوغ حوالي 130 دولار الأمر الذي جعل بنك HSBC يعلق أن كل زيادة في سعر النفط بمقدار10 دولارات للبرميل تضيف 65 مليار دولار إلى عائدات تصدير النفط لدول مجلس التعاون الخليجي وفي السياق نفسه يعلق السفير الأمريكي ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي إلى أنه وحتى الآن عززت الأزمة الأوكرانية الروسية نفوذ كبار مصدري الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخاصة السعودية والإمارات بل إنها كانت حدثا إيجابيا بالنسبة للعراق وليبيا لأن كتير من الخبراء أكدوا أن الأمر لن يظل على صورته بالنسبة لدول الخليج لأنه بالقطع سوف يتغير في ظل استمرار الحرب لفترة طويلة خاصة عندما يحدث انخفاض لحجم الطلب على الطاقة في المدى المتوسط نتيجة تأثر الإقتصاد العالمي السلبي بالحرب ورغم وجود معسكر للرابحين نجد على الجانب الآخر معسكرا مماثلا ولكن هذه المرة للخاسرين يأتي على قمته الدول الشرق أوسطية غير المصدرة للطاقة حيث سترتفع تكلفة الاستيراد إلى جانب ارتفاع كبير في أسعار المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية الأمر الذي يشاهد فعلا الآن على اقتصادات كثير من الدول مثل مصر ولبنان وتونس كما أن مصر ستعاني أيضا من تبعات الحرب حيث كانت تعتمد بشكل كبير على قطاع السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا وبالتالي تقلص دخلها و ألقى ذلك بظلاله على حجم العمالة بهذا القطاع والتي دخلت في بطاله وأصبحت عبء على الدولة ومن هنا يتضح إن الأزمة التي استحدثت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية طالت بشكل كبير العالم كله إلا أنها ضربت بشكل أكبر وموجع كثير من الدول ذات الاقتصادات الهشة والتي أظهرت الحرب عدم قدرتها على مواجهة الصدمات الطارئة وهنا يمكن القول أن الحرب الروسية الأوكرانية لم تكن ببعيدة عن كثير من الدول التي كانت تعتمد في حياتها اليومية و متطلباتها المعيشية  على ما كانت تجود به أراضي هذه الدول التي هي في نزاع الآن لا يعلم مداه إلا الله ويتحقق بذلك أن الأزمة الروسية الأوكرانية أصبحت في نتائجها السلبية بالفعل كورونا ما بعد الكورونا .

أخبار متعلقة :