"كنا نحاول إنشاء نظام دفع عالمى، وسويسرا هى مكان وجود الكثير من المنظمات الدولية"، هذا هو الهدف من العملة الرقمية "ليبرا"، المخطط أن يطلقها مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذى لشركة فيسبوك 2020، فالهدف ليس مجرد عملة بقدر ما يكون هو "بناء نظام عالمى للمدفوعات".
وأمام أعضاء لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكى، أعترف مارك زوكربيرج، أن العملة الرقمية "ليبرا"، مشروع محفوف بالمخاطر"، لكن مخططه أن يكون "إرسال الأموال بنفس سهولة إرسال الرسائل الإلكترونية"، لهذا سعى بكل جهده لطمأنه المشككين سواء من المشرعين الأمريكيين أو جمهور الموقع الأزرق، بتأكيده " أنها قد تخفض تكلفة المدفوعات الإلكترونية وتفتح النظام المإلى العالمى أمام المزيد من الناس".
وكانت شركة فيسبوك، أعلنت فى بداية العام الحإلى خطط إنشاء شركة تابعة لها باسم "كاليبرا"، لتقديم خدمات مالية تسمح للمتعاملين بالوصول إلى "شبكة ليبرا" والاشتراك فيها.
وخاصة أن العديد من أعضاء الكونجرس، بمن فيهم رئيسة اللجنة ماكسين ووترز، كان لهم تصريحات مسبقة الأشهر الماضية عن مخأوفهم من توسع فيسبوك إلى مجال عمل جديد، فى حين تتعرض الشركة للنقد بسبب طرق معالجتها لقضايا رئيسية أخرى مثل أمن الآنتخابات والإعلانات والمحتوى.
ووصل الأمر إلى أن "ووترز" دعت فيسبوك فى أغسطس الماضى لتعليق عملها على ليبرا، لترد الشركة من جهتها أنها لن تطلق العملة فى الولايات المتحدة الأمريكية دون معالجة مخاوف صناع السياسة، إلّا أنها لم توافق على وقف تطوير ليبرا.
لم تكن جلسة لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكى ، هذه المرة بصعوبة جلسة إبريل 2018 ،عندما مُثل رئيس عملاق التواصل الاجتماعى أمام لجنة بالكونجرس على أثر عدد من الأحداث السلبية نتيجة تسريب معلومات وبيانات المستخدمين الشخصية حول العالم ، لكنه أصبح متمرسا فى طريقة الرد على اسئلة المشككين ، ولديه خبره فهم منها توجهات المشرعين وما يريدوا أن يسمعوه .
التدخل فى الآنتخابات وحرية التعبير
فعندما وجهوا له اسئلة حول التدخل فى الآنتخابات، وحرية التعبير، ومجموعات الكراهية، والأخبار المزيفة، وخاصة ما وجهته له ماكسين ووترز عن خطوات الشركة لمكافحة المعلومات الخاطئة وقمع الناخبين قبل الآنتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر 2020، أخذهم إلى منطقة أخرى حيث قال " يوجد أكثر من مليار شخص فى جميع أنحاء العالم لا يستطيعون الوصول إلى حساب مصرفي، لكن يمكنهم ذلك من خلال الهواتف المحمولة فى حال وجود النظام المناسب".
وفى محاولة من زوكربيرج إضفاء مزيدا من طرق الإقناع أمام مسئولين فى اللجنة المالية بالكونجرس فخاطبهم باللغة التى يفهموها ويعرفوها ليس فقط بلغة الأرقام ولغة المعادلات الرياضية قائلا :"من بين هؤلاء 14 مليون شخص فى الولايات المتحدة، و"النظام الحإلى يخذلهم فالصناعة المالية راكدة ولا يوجد هيكل مإلى رقمى لدعم الابتكار الذى نحتاج إليه".
محاولات الدفاع التى يقدمها مؤسس فيسبوك ليس وليده اليوم ، فهو يخطط لهذه اللحظة منذ أن أعلن وزير الخزانة الأمريكى ستيف منوشين، فى يوليو الماضي، عن "مخأوف شديدة الخطورة" من إساءة استخدام عملة (ليبرا) فى غسل أموال وتمويل "الإرهاب".
ولم تركز الآنتقادات التى وجهت لزوكربيرج ، على خطط إنشاء عملة رقمية ، بل وصل إلى اتهام "فيسبوك"، بسبب إخفاقها فى إزالة المحتوى الإرهابى، وخططها لإدخال عملتها المشفرة الخاصة، وتحيزها لوجهات النظر التى تروج لها، وإذا كان فيس بوك يشجع على التمييز على سبيل المثال، بالإضافة إلى الإشارة إلى العيوب فى أساليب تعديل المحتوى.
العنف يدين الشركة
وخلال جلسات الاستماع، أكد السياسيون لزوكربيرج أن مقاطع ألفيديو الخاصة بالقتل الجماعى ، مثل إطلاق النار فى مسجد "كرايستشيرش" لا تزال موجودة على فيس بوك، ووافق زوكربيرج على الأمر، موضحا أن الشركة "تبذل قصارى جهدها" لمحأولة خفض مقاطع ألفيديو.
وأمام مقترحات ماكسين ووترز ومحأولة وقف مشروع ليبرا قبل إطلاقها ووضع تشريعات لمنع شركات التكنولوجيا من دخول الخدمات المالية، أصر زوكربيرج على أن عملته "يمكن أن تسهم فى حل المشكلات المالية، لأنها ستكون نظام دفع عالمى مدعوما بالكامل باحتياطى نقدى وأصول ذات سيولة عالية، وستكون مدعومة غالبا بالدولار الأمريكي، وأن هذه العملية ستعزز القيادة المالية الأمريكية فى جميع أنحاء العالم".
اعتراف بالأخطاء
وحتى لا يترتب على مؤسس ألفيسبوك من نتائج قد تحسب عليه قانونيا أكد أمام اللجنة أنه "ليس متأكدا إذا كانت عملة (فيسبوك) ستعمل أم لا، غير أنه رأى أنه "من المهم تجربة أشياء جديدة طالما كان ذلك بشكل مسئول"، معتبرا أن "هذا ما جعل أمريكا ناجحة، فصناعتنا التكنولوجية هى التى قادت العالم".
ومحأولة منه مغازلة المنتقدين، أقر زوكربيرج بأخطاء فيس بوك، قائلاً إنه يفهم أن عملاقة التواصل الاجتماعى ليست الرسول المثإلى لمشروع ليبرا، وإن الشركة لديها عمل يتعين عليها القيام به لبناء الثقة، لكنه أضاف أن الأخطاء الماضية يجب ألا تقف فى طريق ليبرا.
ولم يكن زوكربيرج قادراً على تقديم التزامات جوهرية نيابةً عن ليبرا ، لأن فيس بوك لم تعد تتحكم بالمشروع، وقدم بعض النواب الجمهوريين الدعم لزوكربيرج ومشروع ليبرا، قائلين: إنه لا ينبغى للحكومة أن تمنع القطاع الخاص من الابتكار.
اتهام باستغلال الأطفال عبر الإنترنت
وانتقد المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون، على حد سواء، فشل الموقع الأشهر عالميا فى التواصل فى اتخإذ إجراءات صارمة ضد استغلال الأطفال عبر الإنترنت والتضليل السياسى، وخروقات البيانات الخصوصية.
وقال العديد منهم إنهم لا يثقون فى فيس بوك بشأن المساعدة فى توفير الخدمات المالية لمستخدميها البالغ عددهم 2.4 مليار مستخدماً فى ضوء ألفضائح السابقة.
وأوضح مارك زوكربيرج ، أن فيس بوك تصر على الموافقة التنظيمية للولايات المتحدة قبل إطلاق ليبرا، مضيفاً أن الشركة ستترك جمعية ليبرا إذا سعت شركات أخرى لإطلاق العملة من دون الموافقة التنظيمية.
تعثر العملة وتصدع التحألف
وتعثرت ليبرا فى الأسابيع الأخيرة، وسط انتقادات مستمرة من المشرعين والمنظمين فى جميع أنحاء العالم، بسبب مخأوف من أنها قد تساعد فى غسل الأموال وتقلب النظام المإلى العالمي.
وتخلى العديد من الشركاء الماليين بما فى ذلك "ماستركارد" و"فيزا" و"بأى بال" وeBay" عن المشروع، وأوضح زوكربيرج، أن هذه الشركات قد انسحبت لأن ليبرا مشروع محفوف بالمخاطر، وأنه لم يكن متأكداً من أنه سيعمل.
وسأل باتريك ماكهنرى عضو الكونجرس الجمهورى من ولاية كارولينا الشمالية، مارك زوكربيرج، متى أصبحت وجهات نظره بشأن الصين أكثر خصومة، بعد أن أشار الرئيس التنفيذى إلى رغبته فى التفوق على الصين من خلال إطلاق ليبرا.
تعهد بالقانون والإجراءات
ورد زوكربيرج قائلاً: " أعتقد أنه من الإنصاف أن أقول إن آرائى تطورت، وربما كنت قبل 10 سنوات كنت أكثر تفاؤلاً من أن محأولة العمل فى الصين كان يمكن أن تسهم فى صنع مجتمع أكثر انفتاحًا، لكن يبدو اليوم أن العمل فى الصين يضر فى بعض الحالات بقدرة شركة أمريكية على تعزيز قيمنا فى الخارج وفى جميع أنحاء العالم".
وشدد زوكربيرج على التزام (فيسبوك) بالحصول على جميع الموافقات الأمريكية قبل إطلاق العملة الرقمية فى أى بلد بالعالم حتى لو لم تكن تلك الموافقات مطلوبة بشكل صارم.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع