بوابة صوت بلادى بأمريكا

سالى عاطف رئيس تحرير جريدة الصباح و رئيس مؤسسة الحلم الإفريقى تكشف لـ«صوت بلادى» عن الدور المحورى لمصر لإيصال صوت إفريقيا لمختلف المحافل الدولية

 

 

 

 

 

حوار : چاكلين جرجس

 

وجدت أسرة" صوت بلادى " إننا أمام صحفية نشطة قدمت نوعًا من التحديث والتطوير لجريدة إسبوعية " الصباح "وقامت بتطوير موقع الجريدة الذى لم يكن محدثًا من قبل ،و الأن أصبح الموقع يتفاعل بشكل يومى مع الأحداث وبتواصل جماهيرى جيد ، و بمناسبة تولى مصر رئاسة الإتحاد الأفريقى كان للجريدة و رئيسة تحريرها الجهود البارزة فى التواصل مع القيادات الدبلوماسية الأفريقية و المشاركة فى إنشاء مؤسسة الحلم الافريقى فأخذت على عاتقها هدف تشجيع كبار المستثمرينلإنشاء مشروعات استثمارية جديدة هناك وقدمت مبادرة منتدى الاستثمار المصرى -الإفريقى ،كذلك قدمت الصحفية أول كتاب من تأليفها " مانديلا الجنوب " وهو الوحيد الذى يتناول قصة حياة زعيم جنوب السودان الراحل، الدكتور "جون قرنق دي مبيور". باللغة العربية فلم يكن هناك أى لمحات عن حياته إلا باللغة بالإنجليزية فقط .

و لأن قارة أفريقيا يعتبرها العلماء هى أصل الوجود البشري، فهى تتضمن اليوم 54 دولة مستقلة وذات سيادة؛ و بالرغم من معاناة  بعض الدول الأفريقية من فترة الاستعمار و عدم الاستقرار والفساد والعنف والتسلط و وجود الصراعات العرقية التي تفاقمت وقتها ، لكن  وجه أفريقيا الأن تغير عن الماضى ؛ فهى مستقبل الاقتصاد العالمى علاوة على حصولها على لقب "سلة غذاء العالم" ؛ لذلك تراهن مصر على تلك القارة من خلال انتمائها الأفريقى والعربى وتبذل الدبلوماسية المصرية جهدا كبيرا لتعزيز علاقات التعاون مع جميع دول القارة على جميع المستويات .

وعليه كان لصوت بلادى هذا الحوار الهام حول مستقبل القارة السمراء مع رئيس تحرير الصباح و رئيس مؤسسة الحلم الإفريقى .

و إلى نص الحوار :

 

منذ نعومة أظافري وأنا أعشق الكتابة تلك الهواية التى ورثتها عن أبى ، وعليه ألتحقت بكلية أداب إعلام عين شمس عام  2004 و خلال فترة دراستى عملت فى مجال الصحافة منذ عام 2001 ، وتدربت فى أغلب جرائد مصر و كانت من أهم المحطات فى حياتى جريدة وطنى والأهرام الديموقراطية ، ثم بمحض الصدفة قمت بعمل حوار مع معالى سفير جنوب السودان و بعده  أصبحت المسؤول الإعلامى فى القنصلية لديهم لمدة 4 سنوات  ؛ ثم قمت بتغيير المجال الوظيفى ودخلت عالم البيزنس فى إفريقيا ؛ لكنى كنت أشعر دائمًا برغبة ملحة فى العودة للكتابة مرة آخرى ففى عام 2016 بدأت رحلتى مع الصباح ، واقترحت أن يتم تدشين صفحة خاصة عن إفريقيا وذلك لإهتمامى الشخصى بها ولعدم معرفة الكثيرين معلومات عنها ثم أضفت بعد ذلك صفحة أخرى بعنوان " صوت الشارع " للتواصل بين الجريدة و القراء لعرض شكاوى الشارع المصرى ، وعندما أجريت أول حوار مع وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى بعد الثورة لاقى الحوار ضجة إعلامية كبيرة ، وفى فترة تغير رئاسة المجلس للجريدة تقدمت بطلب ترشيحى لرئاسة التحرير ولاقى قبول واسع من أعضاء المجلس و كان ذلك منذ اكثر من عامين.

 

جاء التفكير في إعداد الكتاب  بسبب زياراتى المستمرة لجنوب السودان التى عشت فيها فترات الحروب و الصراعات منذ 2013 وعشت معهم أزهى عصور لهم فى 2010 و 2011 ، و أول استقلال الذى حضره كل رؤساء العالم وقتها ، فقررت أن أقوم برصد وتوثيق رحلة زعيم جنوب السودان الراحل، الدكتور "جون قرنق دي مبيور".  و تعمقت فى دراستى لشخصيته بسبب حب الناس له ، فالجميع يكن له كل التقدير و الاحترام ولم يكن هناك أى توثيق لسيرة حياته إلا القليل و باللغة الإنجليزية فقط فبدأت بتجميع المعلومات وقمت بعمل حوارات مع المقربين له و عائلته وقمت بسرد  قصة حياته و قصة وفاته من بين ما جاء على لسان شخصية هامة فى لجنة التحقيقات وعلى الرغم من احتمال تعرضى وقتها لمشاكل سياسية ودبلوماسية إلا إننى قدمت كل المعلومات و الدلائل الهامة فى هذا الكتاب حول قصة حياة الزعيم الذي حول شعب جنوب السودان من العبودية إلى الاستقلال .

كما تناول الكتاب جوانب مختلفة في حياة الدكتور جون، بداية من نشأته وقبيلته وأين ترعرع، إلي دراسته وسفره إلي الخارج، وتأهيله العالي، الذي حصل عليه في المجالين العسكري والأكاديمي، الذي أعطاه شخصية كاريزمية حتي تمرده وانشقاقه من جيش الخرطوم أو دولة السودان آنذاك.

ويلقي الكتاب الضوء علي جوانب شائكة، و وضع جنوب السودان من 2010 إلى 2018، وملف "ترسيم الحدود بين جمهورية جنوب السودان والسودان"، وملف آخر أكثر خطورة وهو "قضية آبيي"، التي لا تزال عالقة دون حلول سواء من هم أحق بها كقبيلة "الدينكا أم المسيرية" ومن له الحق في ترسيم حدودها أو تحديد تـبعيتها.

 استغرق الكتاب فى إعداده حوالى 3 اعوام  و تم طرحه فى معرض الكتاب العام السابق ، وبالرغم من كل ذلك لاقى الكتاب انتقادات رهيبة جدا لم تكن على المحتوى لكنها كانت بسبب اسم الكاتب متسائلين لماذا سميته بمانديلا الجنوب وكأننى أقلل من شأن جون قرنق فهم يرونه أعظم من مانديلا كثيرًا و  تمت مراجعة الكتاب من أشهر كُتاب جنوب السودان وأيضًا مستشار رئيس الجمهورية للشؤن القانونية  ، بالرغم من كمية الانتقادات التى لاقيتها إلا إننى راضية جدًا عن الكتاب و سيكون لى إصدار آخر العام القادم عن إفريقيا .

 

بدأت الفكرة من حوالى سنة وهى مؤسسة أهلية وأنا رئيس المؤسسة التى تضم كل دول إفريقيا وهدفها أن نقدم خدمات حقيقية للأفارقة فقمنا بعمل قوافل طبية ودورات تدريبية  و تثقيفية للمرأة و الشباب  و فتح مجالات جديدة للاستثمار ،  فمصر ليست موجودة بشكل كبير فى السوق الإفريقى بإستثناء شركتين أو أكثر فأخذنا على عاتقنا هدف تشجيع كبار المستثمرين و الشركات للذهاب لإفريقيا و إنشاء مشروعات استثمارية جديدة وعملنا منتدى الاستثمار المصرى -الإفريقى وجمعنا فيه  أكتر من 60 رجل اعمال لتعريفهم على إفريقيا و فرص الإستثمار فيها .

 

مستقبل السودان سيكون مبهر و رائع جدا خاصة مع الحكومة الجديدة برئاسة عبد الله حمدوك و أرى إنه سيكون مثل آبى أحمد فى إثيوبيا فالكثير من قادة الغرب و العالم  يرحبون به جدًا فنجد أن شركة الطيران الألمانية قررت عودة خطوط طيرانها إلى السودان مرة آخرى وتم رفع العقوبات من على السودان إلى حد كبير سيقوم عبد الله حمدوك  بتغير وجه السودان القديم وحكمها الدينى لتتحول إلى دولة مدنية حديثة ففى الحكومة الجديدة وجدنا سيدة مسيحية تؤدى القسم على الإنجيل مما يعطى إنطباع إيجابى لما ستكون عليه السودان فى المستقبل .

 

كانت لى مقابلة مع سفير جيوبتى الاسبوع الماضى و تطرقنا فى حوارنا إلى أن حجم الإستثمار مع مصر ضعيف جدًا و هذا الوضع ليس مع جيبوتى فقط بل مع أغلب الدول الافريقية بالرغم من أن جيبوتى هى المنفذ الوحيد لأغلب الدول الإفريقية  لان أغلبهم دول حبيسة ، فعلينا أن نتحرك بشكل أفضل فى مختلف المجالات ليس فقط المجال  التجارى و الاقتصادى لكن أيضًا علينا أن نقدم مشروعات حقيقية تفيدنا و تخدمهم أيضًا فإفريقيا تغيرت عن الماضى وأصبحت هناك منافسة فى السوق .

فأغلب الدول الإفريقية تفتح يديها لكل المستثمرين ففى خلال العام الماضى كانت هناك مؤتمرات وندوات ليست مع مصر فقط بل مع العالم كله كانت آخرها فى فيينا وبرلين وفرنسا و و فى العام الماضى كانت قمة "تيكاد" في اليابان: تهدف لتنمية إفريقيا و التى أشاد الرئيس، خلال كلمته أن القمة منصة مهمة لدعم أفريقيا وتطلعاتها التنموية، مشيرا إلى أن أجندة أفريقيا 2063 وإطلاق منطقة التجارة الحرة بمثابة حجر الزاوية للمساعي الأفريقية لتحقيق التكامل المنشود .

و فى الشهر القادم بإذن الله سيكون هناك قمة روسيا – إفريقيا لتشجيع الإسثمار فى افريقيا .

للأسف القطاع الخاص مبتعد تمامَا عن السوق الإفريقية فلديه تخوفات رهيبة من السوق الإفريقى ولذلك فهو يحتاج إلى بعض التطمينات و التشجيع من الجهات الحكومية المصرية و أرى أن تفعيل صندوق المخاطر سيقوم بالدعم الكافى للقطاع الخاص .

 

بالطبع لمصر دور فعال فى مختلف المحافل الدولية لإيصال صوت افريقيا للعالم  ، فمصر دشنت  الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في الأول من يوليو 2014 بعد دمج "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا" مع "الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولوث والدول الإسلامية والمستقلة حديثًا" في هيئة جديدة.

 و حددت مهام الوكالة في تقديم الدعم الفني والمساعدات الإنسانية للدول الأفريقية والإسلامية، تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل، تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة، والدول المتقدمة، والمنظمات الدولية والإقليمية في إطار التعاون (جنوب/جنوب)، وكذلك التعاون بين الدول المتقدمة والنامية، والمساهمة في تمويل وحشد التمويل لمشروعات التنمية.​و التى أسسها الرئيس فى 2014 وما نلمس ما تقدمه من خدمات للتنمية الحقيقة من خلال إنشاء مستشفيات وعيادات ومحطات كهرباء و غيرها من الخدمات مما كان له تأثير قوى جدا على ارض الواقع .

 

مصر قدمت أكثر من مقترح مثل إتفاقية التجارة الحرة و فكرة إنشاء خطوط ملاحية مشتركة و العملة الموحدة و إلغاء الجمارك لتعطى تسهيلات لزيادة الإستثمارات بين الدول الإفريقية و بعضها و بين إفريقيا و الشراكة الخارجية وذلك كله  لتستطيع إفريقيا التغلب على أهم ثلاث مشاكل فى بها الأولى : مشكلة النقل لربط الدول الإفريقية ببعضها ، الثانية : القضاء على الفساد الذى يأكل القارة السمراء ويعوق عجلة التنمية وثالثًا : رفع مستوى التعليم ليتكون وعى ثقافى ومعرفى لدى أبناء الدول الإفريقية ، فإفريقيا تحتاج العمل على ملف 2063 وهو الخطة الخمسينية لتغير وجه إفريقيا فهى أجندة طموحة جدا تجعل إفريقيا قطعة من أوروبا و تقضى على الإرهاب و الفساد و الهجرة الغير شرعية ليصبح هناك تنمية حقيقية و إستغلال أمثل للموارد .

 

اتفاقية الكوميسا لم تشترك فيها كل الدول الإفريقية حتى الأن ، لكنها إتفاقية هامة جدًا لتسهيل حركة التجارة و تخفيض الرسوم جمركية والضريبية مما يؤدى إلى إنتعاشة فى السوق الإفريقية ولكنها لا تزال تحتاج إلى مزيد من الدعم فى الوقت الحالى .

 

 بالطبع فجامعة الدول العربية تقوم بدور رائع تسعى  من خلاله إلى مزيد من التعاون العربى الإفريقى لدعم روح التعاون و التفاهم بين الشعوب العربية و الإفريقية ، بينما  الاخطر و الاصعب من الاستعمار و الذى يجب علينا التكاتف لمواجهته هو الاستعمار الفكرى الذى يطل علينا بالتطرف و الإرهاب و كذلك يجب على بعض الدول مثل جنوب السودان التحرر من العقائد القبلية مثلما حدث فى التجربة الرواندية .

 

للأسف يعيش الإعلام حاليًا أزمة لم تحدث فى تاريخه من قبل بالرغم من أن الهيئة الوطنية للإعلام و الهيئة الوطنية للصحافة و المجلس الأعلى للإعلام ، كل يقوم بدوره إلا أن التحديات أقوى منهم .

 

بأمل أن أنشىء أكاديمية الصباح للتدريب الصحفى و الإعلامى و أعمل على تطوير الموقع الإلكترونى وهو الأن فى مستوى جيد  وأحاول أن أواكب كل التحديات كما  أعمل على ألا يتوقف الإصدار الورقى أو الاكتفاء بالموقع فقط ؛ ولا أحلم أبدًا أن يكون الصباح يومى بدلًا من أسبوعى فهناك جرائد عملاقة تعيش أزمات بسبب كونهم جرائد يومية وما يترتب عليه من خسائر فادحة .

 

الصحافة أصبحت مهنة الأعمار القصيرة بسبب بذل الكثير من المجهود لتجميع المواد الصحفية ، فيجب أن أبذل مجهود مضاعف كونى سيدة و أم  تعمل بالمجال الصحفى فمجتعنا معقد وتتعرض المرأة لكثير من المضايقات سواء من الجنس الآخر أو من إمرأة أخرى ،كما يجب إن تتحلى الصحفية بموقع القيادة للجريدة بشخصية قيادية و قوية لتستطيع أن تقود فريق العمل و الجريدة إلى مزيد من النجاحات .

 

الصحافة الورقية تمر بحالة ركود خاصة مع إنتشار المواقع الصحفية الإلكترونية و ارتفاع أسعار الطباعة و الخامات بعد التعويم مما كان له أثر سلبى بالغ على الصحف الورقية مما يسبب خسارة فادحة لأى جريدة ، وإنعدام الإنفرادات الصحفية بسبب انتشار الأخبار بشكل أسرع على مواقع التواصل الاجتماعى و المواقع الالكترونية بشكل عام ،وعليه علينا تقديم مواد مختلفة وجديدة تهم القارئ و تقدم حلول لمشاكله الاجتماعية ونهتم بالمصداقية فى كل إصدار جديد .