بوابة صوت بلادى بأمريكا

"الفجر" تخترق العالم السري لـ"سماسرة التعليم" والتربح من الدراسة بالخارج

إعلان صغير وزَّعه أحد الشباب على طلاب الثانوية العامة-أمام اللجان- مع نهاية آخر يوم في الامتحانات، احتفظت به إحدى الطالبات التي لم تكْترِث له، وظل في حقيبتها حتى إعلان نتيجة الثانوية العامة التي كانت بمثابة الصدمة، وضياع حلمها؛ لحرمانها من الالتحاق بكلية "الطب"، لاسيما وأن مجموعها الكلي 75%؛ لتتذكر تلك الورقة - يتصدرها اسم المكتب ثم رقم هاتف وبعض أسماء جامعات روسيا لا أكثر- وقامت بالاتصال هاتفيًا بالرقم عقب الاتفاق مع والديها، وسجلت الطالبة في جامعة أوليانوفسك الروسية كلية "طب الأسنان" التي تبلغ مصاريفها- حسب الإتصال الهاتفي- ألفين دولار أمريكي، ولكن بمجرد وصولها للمكتب تغيرت تلك المبالغ، لتكتشف أن السعر المكتوب في الإعلان ما هو إلا "جر رجل".

"نقبل الحاصلين على أي مجموع"، كانت العبارة المخدرة للطالبة رودينا محمود، التي صدمت بأن مصاريف الكلية التي ترغب الالتحاق بها ألف وأربعمائة دولار للاشتراك بالمرحلة التحضيرية- التي يتبعها الدخول للحياة الجامعية- وثمانُمئةِ دولار للسكن، يعقبها آلفين دولار لهذا التخصص بداية من السنة الأولى، وبالرغم من ذلك وافقت والدتها بالشروط، وأسرعن هي ونجلتها في تحضير الأوراق المطلوبة "جواز سفر، وصورة من المؤهل، وبعض الصور الشخصية"، ليتفاجئن بطلب مبلغ مالي عشرة آلاف جنية مقابل الدعوة، وقامت والدتها بتسديد جميع المصاريف السالف ذكرها، وسافرت الفتاة وعقب وصولها استقبلها مندوبًا في المطار من المكتب الكائن بمنطقة المعادي بالقاهرة، إلى مدينة الدراسة وتسليمها غرفتها في السكن بها برفقة بعض الفتيات وفي اليوم التالي أجريت اتصال هاتفي بالمندوب لتسجيلها بمرحلة السنة  التحضيرية، والذي أخبرها قبل الذهاب معها للجامعة أن ثمن "المشوار" مائة دولار، عكس ما كان متفق عليه، واضطرت الفتاة لدفع هذا المبلغ، وبوصولها للجامعة تفاجأت بأن مصاريف الكلية ثلاثة آلاف دولار، وهرولت والدتها عقب معرفتها بالخبر للمكتب ولكنه حاول التملص منها "أسعار الجامعات غليت.. والمندوب استغل أن البنت لوحدها وأكيد مش هسيبه.. وممكن نحولها جامعة ثانية ولكن المصاريف هتزيد شوية"، وحولتّ الفتاة إلى جامعة أخرى بعد رحلة معاناة لوالدتها كلفتها ما يقرب من مائة آلف جنية مصري إضافة لما سبق.

وتواصلت "الفجر"، مع هذا المكتب، لكشف ما بدأته من رصد استغلال أصحاب هذه المكاتب، التي تروج لتعليم من الباطن، واكتشفت بعد التوجه إلى "م.ك"، المسئول عن المكتب بمصر، ارتفاع سعر "السمسرة" ليصل خمسة عشر ألف جنية مصري،  للسنة الأولى، وسوف يزيد بنسبة عشرين في المائة سنويًا، مع الاحتفاظ بالأسعار السابقة لذات الكلية، وبالتحدث معه عن آمان السكن، لاسيما وأن الدارسة فتاة، أكد أن هناك رقابة من السفارة على السكن، وهو ما أنفته "رودينا"، التي أكدت أن المكان يجمع العديد من الجنسيات العربية وليس يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة.

وعود زائفة

بينما إيمان محمد-اسم مستعار- الذي تواصل والدها مع أحد المكاتب المعلن عنها عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، لدراسة نجلته في إحدى الجامعات الروسية، ودفع ألف وستمائة دولار أمريكي للسنة التحضيرية، وخمسمائة للسكن، وأربعة آلاف للالتحاق بكلية "الطب" في جامعة كازان الطبية، ودفع مبلغ "سمسرة" عشرين ألف جنية مصري مع التقديم، إضافة إلى خمسة آلاف خدمات علاجية "استشارات طبية مجانية.. وتأمين مترجم لسهولة التواصل بين الطبيب والمريض"، لتصدم الطالبة عقب سفرها بأن السكن مزدحم جدًا وليس بالمواصفات المتفق عليها، فضلاً عن عدم وجود مترجم خاص لها خلال المعاملات بالجامعة-وفق ماتم الاتفاق عليه-، مما جعلها تلجأ لبعض المصريات القابعين معها بالسكن- واللاتي تأقلمن على العيشة بعد أن مروا بنفس تجربتها- وبتواصل والدها مع المكتب الكائن في إحدى العقارات بالمقطم تهرب المسئول منه "هددته بإبلاغ الشرطة ولكن خوفت على بنتي وهي في بلد غريبة.. وعديت السنة التحضيرية بخير ونقلت بنتي إلى سكن آخر بمصاريف أقل".

عقب البحث عن مستوى الدراسة، والمعيشة، فضل أمجد عز الدين، دراسة "الهندسة الميكانيكية" في جامعة لانكستر؛ لأنها تحتل مكانة متقدمة في مجالات التعليم الجامعي على مستوى العالم، وعقب أن قام بتسديد المصروفات المطلوبة منه، والتي تضمنت دفع مبلغ عشرة آلاف جنية "سمسرة" مقابل تسهيل الإجراءات وتوفير الدعوة، تفاجأ أن السكن الجامعي المتفق عليه مختلط بعكس الاتفاق، فضلاً عن أن سعره أقل مما دفعه، فتكلفته ما يقرب بالمصري عشرين ألف جنيه، لكنه اضطر الإقامة به لمدة عامًا.

زيادة السمسرة 15 % سنويًا ببريطانيا

وبالتوجه لهذا المكتب الكائن بمدينة نصر في محافظة القاهرة، والاستفسار عن التقديم في إحدى الجامعات البريطانية في تخصص "الهندسة الميكانيكية"، اختلفت الأسعار من جامعة لأخرى، ولكنهم فضلوا الالتحاق بجامعة لانكستر، لنفس الأسباب السالف ذكرها بالإضافة لأن سعرها أقل مع مميزات جودة التعليم بها، مقدمين بعض التسهيلات والمميزات للسكن والمتابعة خلال فترة الدراسة، مشددين على أهمية دفع مبلغ مالي عشرين ألف جنية سعر الدعوة، مع ارتفاع سعرها سنويًا 15 في المائة، وارتفاع سعر السكن الخاص بالطالبات نفس النسبة.

الحجز قبل ظهور النتيجة والرسوم لا ترد في حالة الرسوب

"التقديم بدأ من شهر مايو اللي فات.. والطلاب حجزوا خلاص.. بس لأنك جاية من طرف الغالية مقدرش اردك".. عبارة رددها أحد مسئولي مكاتب التعليم والسفر إلى ألمانيا "ع.ح"، والذي لا يختلف كثيرًا عن سابقيه، سوى في نسبة "السمسرة"، التي تصل إلى ثلاثين ألف جنية، معللاً ذلك أن الدراسة لاسيما في الجامعات الخاصة باهظة الثمن، ويستطيع أن يوفر سكنًا بمبلغ بسيط مقابل السكن الخاص بالجامعة، وبالنسبة للمجموع الكلي أكد أنه ليس مهمًا، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات، خاصة وأن التعليم بألمانيا يختلف بعض الشىء عن باقي البلدان، حيث يحدد على دراسة طالب الثانويات التالية "أردنية، مصرية، ليبية، سعودية أو أي دولة عربية أخرى أو شهادة ثانوية من الحالة الأولى بمعدل أقل من 70%".

وبسؤاله في حالة رسوب الطالب، هل سيتم استرداد المبالغ المدفوعة مقدمًا، أكد أن الحجز يكون بتسديد مبالغ رمزية، تصل إلى خمسة آلاف جنية، وترجع لرغبة الطالب "في الغالب بيسيبوها حجز للسنة اللي بعديها.. وفي ناس بتستردها".

هذا الخبر منقول من الفجر