بوابة صوت بلادى بأمريكا

الجدة موسى.. رسامة أمريكية زاع سيطها فى سن الـ78 عن طريق الصدفة.. صنعت ألوانها من الليمون والعنب.. عملت مزارعة لمدة نصف قرن.. و الرئيس جون كينيدى أشاد بها وبأعمالها التي ذكرت الأمريكيين بالجذور الريفية

"انظر إلى حياتى كأنها يوم عمل جيد وأشعر بالرضا عن كل ما قدمته طوال رحلتي، كنت سعيدًا، والحياة هى ما صنعناه، هذه الكلمات كتبتها رسامة أمريكية فى سيرتها الذاتيه، والتى يستشهد بها  كمثال لفرد نجح فى الفنون فى سن متقدمة، وهى آنا مارى روبرتسون موسى، والمعروفة باسم الجدة موسى، التى تحل ذكرى ميلادها اليوم، في عام 1860م.

قد يتصور البعض أن عندما يتقدم الشخص فى السن فإن مصير أحلامه فى السراب، وهذا ليس حقيقى فالأمل لا ينقطع إلا بانقطاع العمر، والدليل على ذلك هو آنا موسى، التى بدأت فى نشر أعمالها الفنية فى سن 78، وتم التسويق لأعمالها بشكل كبير فى المزادات العالمية، فبيعت لوحتها  Sugaring Off مقابل 1.2 مليون دولار في عام 2006.


آنا ماري روبرتسون موسى مع اثنين من أطفالها

 

آنا موسى والمعروفة بجدة موسى مارى روبرتسون فى جرينتش، نيويورك، كانت الثالثة من بين عشرة أطفال، وكان والدها يدير مطحنة الكتان وكان مزارعًا، التحقت بمدرسة مكونة من غرفة واحدة لفترة قصيرة من الزمن، وهذه المدرسة هى الآن متحف بنينجتون فى فيرمونت، الذي يضم أكبر مجموعة من أعمالها في الولايات المتحدة.

بدأت جدة موسى بالرسم كطفلة باستخدام عصير الليمون والعنب لعمل ألوان لها مناظر طبيعية، وشملت المواد الطبيعية الأخرى التي استخدمتها لإنشاء أعمال فنية الطين والعشب ومعجون الطحين والجير البطيء ونشارة الخشب.


جدار ناري مزخرف من موسى عام 1918

وفى سن 12 عامًا ، غادرت منزلها وبدأت العمل لدي عائلة ثرية مجاورة كمزارعة، استمرت فى العمل بجانب طهى الطعام وأعمال الخياطة  لمدة 15 عامًا، لاحظت إحدى العائلات التي عملت من أجلها اهتمامها بمطبوعات كورير وإيفز وقد زودوها بمواد فنية لإنشاء رسومات.

 


جدة موسى

 

وعندما كانت فى السابعة والعشرين من عمرها، عملت مع زوجها في نفس المزرعة بولاية فرجينيا، حيث قضوا ما يقرب من عقدين من الزمن، يعيشون ويعملون بدورهم فى خمس مزارع محلية منفصلة. وفى وقت لاحق اشترى الزوجان مزرعة.

كانت موسى مبدعة فى منزلها، حيث كانت تزين جدار البيت بأعمالها الفنية،  كما ابتكرت أيضًا أشياء مبطنة جميلة ، فى سن 76، أصيبت بالتهاب المفاصل، مما جعل التطريز مؤلمًا، اقترحت أختها أن تكون اللوحة أسهل بالنسبة لها، وقد حفزت هذه الفكرة مسيرة موسى الفنية في أواخر السبعينيات من عمرها.

حلم الشهرة كان حلما لديها منذ الطفولة، ولكن مع عدم وجود وقت فى حياتها الزراعية الصعبة لمتابعة الرسم، كان الأمر صعب تحقيقه، كانت مضطرة لتضع جانبا شغفها بالطلاء، كان تشجيع والدها هو الذى غذى شغفها بالطلاء وتمكن هذا الحلم من الظهور لاحقًا في حياتها، وكتبت وهى فى عمر يناهز 92 عامًا ، "كنت صغيرًا جدًا ، كان أبى سيصطحبنى وأشقائى على ورقة بيضاء، كان يحب أن يرانا يرسم الصور، كان قرشًا واحدًا واستمر لفترة أطول من الحلوى"،

كانت موسى تتقاضى ما بين 3 إلى 5 دولارات مقابل لوحة ، وهذا يتوقف على حجمها، ومع زيادة شهرتها ، تم بيع أعمالها بمبلغ يتراوح بين 8000 دولار و 10 آلاف دولار.

بالطبع السؤال الذى يجب طرحه الآن، هو من أين جاءت شهرة الجدة موسى؟، جاءت شهرتها عن طريق الصدفة فكان هناك أحد الأشخاص يدعى Louis J. Caldor، وهو جامع أعمال فنية، خلال زيارته لشلالات Hoosick فى عام 1938م، اكتشف لوحات رسمتها موسى فى نافذة متجر للأدوية.

اشترى جامع اللوحات لوحاتها الموجودة بمتجر الأدوية وعشرة آخرين من منزلها مقابل 3 دولارات أو 5 دولارات لكل منها، وفى العام التالى، تم إدراج ثلاث لوحات الجدة موسى فى معرض متحف الفن الحديث فى نيويورك بعنوان "الرسامين الأمريكية غير معروف المعاصرة".

 افتتحت أول معرض منفرد لها، تحت عنوان "يا له من زوجة مزروعة"، فى  1940 م، وأقيمت مقابلة مع الفنانة ومعرض من 50 لوحة في متجر Gimbel متعدد الأقسام في نفس العام. أقيم معرضها الفردى الثالث خلال عدة أشهر، في معرض وايت، واشنطن العاصمة، فى عام 1944م مثلها المركز الأمريكى البريطاني للفنون وجاليري سانت إتيان، مما زاد من مبيعاتها، تم عرض لوحاتها فى جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.

كما استخدمت لوحات الجدة موسى للإعلان عن الأعياد الأمريكية، بما فى ذلك عيد الشكر وعيد الميلاد وعيد الأم، لاحظت مؤرخة الفن جوديث شتاين، أن أعمال موسى مصدر إلهام لربات البيوت والأرامل والمتقاعدين، كما تم استخدامها لتسويق المنتجات ، مثل القهوة وأحمر الشفاه والسجائر والكاميرات.

 

رحلت الجدة موسى عن عمر يناهز 101 فى 13 ديسمبر 1961 م فى نيويورك، وتم دفنها هناك، ذكرها الرئيس جون كينيدى قائلا: "موت الجدة موسى أزال شخصية محبوبة من الحياة الأمريكية، وأعادت مباشرة وحيوية لوحاتها نضارة بدائية لإدراكنا للمشهد الأمريكى، ساعد كل من عملها وحياتها أمتنا يجدد تراثه الرائد ويتذكر جذوره فى الريف وعلى الحدود".


هذا الخبر منقول من اليوم السابع