بوابة صوت بلادى بأمريكا

د . سامح فوزي لــ«صوت بلادي»: «حدث فى برايتون» خرجت عن محددات الإطار التقليدى الثلاثى للرواية العربية

 

جاكلين جرجس

 

أرى أن تقديم د . سامح فوزى رئيس قطاع الإعلام و الاتصال بمكتبة الاسكندرية ، والمفكر والكاتب الصحفى والباحث الأكاديمي والعضو السابق بمجلس الشورى عن التيار المدني في زمن حكم الإخوان قد يكون من الأفضل عبر عرض ماتيسر من فكره و الحديث عن مساهماته الرائعة ، قبل إطلاعك عزيزي قارئ " صوت بلادي " لحوارنا الهام معه ..

يقول :                                      

     وننتقل للحوار..

 

فى الواقع ومنذ فترة طويلة كنت اتابع ماهو متاح على الساحة من الانتاج  الأدبي  ، كجانب من متابعاتي العامة التي تشكل البنيان الثقافي والمعرفي الهام لأي كاتب  ، و انا حتى في إسهاماتي الفكرية والبحثية  ضد فكرة الكتابة بلغة جامدة خشنة لا يفك شفرتها إلا متخصص ،  لابد في النهاية  الكتابة بلغة تصل إلى المتلقي في كل درجاته الاستيعابية ، و نص " حدث فى برايتون " يتناول  موضوع حالة التغيير الاجتماعى لدينا ، و كان يشغلنى كباحث إلى حد أنه قد شكل الجزء المهم من رسالة الدكتوراه .. وناقشت كيف يحدث التغيير الاجتماعى ، و ما أهم المفاهيم الأساسية فيه ، بالطبع كان له نصيب ما فى بناء قالب الرواية ، و كان بمثابة تحدي فالعديد من الباحثين كتبوا أعمال روائية وهم قادمون من خلفية أكاديمية و قابلهم ذلك التحدي الذي قد يؤثر على الانسيابية في الطرح الروائي بقواعده الأدبية التي تتعامل مع وجدان ومشاعر المتلقي .

صعب للباحث النمطى و التقليدى الذى تعود على الكتابة البحثية الخشنة حيث استخدام لغة مجردة يخاطب بها اكاديميين فيها قدر من التجريد ، يجب أن يكون له قراءاته لفترة طويلة و لديه بناء ثقافى ليتحول للكتابة الأدبية و يكتب بلغة ناعمة ، ولعله قد تحقق في عملي الأول فيما أعتقد ..

 

شعرت ان لدى مجموعة من أفكار  قصص قصيرة وهى  التي شكلت موضوع الرواية وعرضته على أحد كبار النقاد الصحفيين لأخذ رأيه وكانت إجابته لا تختزل النص فى قصص قصيرة ، و ينبغي  تحويلها إلى عمل روائى مع عدم التقيد بالمساحة فالفكرة والمضمون مناسب جدًا .

 

ما يشغلنى هنا أهمية الموضوع المطروح فى الرواية ، لذلك أرى أن العمل الثانى قد يكون أصعب من الأول فالمجتمع الثقافى والساحة النقدية لن تكون بالقدر المأمول من التسامح لو كان هناك  أخطاء في العمل الثانى ، أصعب على زاويتين الأولى للذين استقبلوا العمل الأول بشكل إيجابى يجب أن يستقبلوا العمل الثانى بنفس الروح الايجابية ، و على الجانب الأخر تغيير رأى الذين استقبلوا العمل الاول بسلبية ما إلى الحالة الايجابية فى العمل الثانى .

 

لعل أحد المشكلات التى قابلتها فى التعامل مع تشخيص حالة المجتمع عدم وجود الحافز ، و غياب الهمة وعجز الشخص عن تغييير واقعه أو اعتقاده أن التغيير مستحيل واحتياجه إلى دعم قوى للتغيير عبر التعامل مع تفاصيل حياته على الرغم سهولة تحقيق ذلك من خلال الرغبة الداخلية و قوة الارادة ، فالقصة قدمت نماذج كثيرة للتغير و التمرد على الذات  فبطلة الرواية نشأت فى واقع سلبى ، تعرضت لصدمة ثقافية لكنها غيرت حياتها مع الحفاظ على قيمها الخاصة متخلية عن الجانب السلبى فى شخصيتها .. أى شخص يستطيع أن يغير حياته بما يراه مناسب لشخصيته ، فأنت تستطيع أن تغير حياتك فى اللحظة التى تأخذ فيها القرار بالتغيير فالاستمتاع بالحياة و تحقيق السعادة ليس رهنا على ظروف أو واقع اجتماعى معين فالرواية دعوة إلى التمرد على الذات العاجزة الخاملة .

الرواية خرجت عن محددات الإطار التقليدى الثلاثى للرواية العربية ( السياسية ، الجنس  ،صراع السياسة و الجنس ،و المال ) فرواية " حدث فى برايتون " أراها امتلكت شفرات  رسائل اجتماعية كثيرة كان لابد من استخدامها .

 

بالطبع هناك تطور ايجابى حادث على الأرض ، أنا ضد فكرة تسويد الواقع .. فى فترة كان مجرد الحديث عن هموم الأقباط أمر صعب جدًا أما الآن فهناك طفرة كبيرة جدا نحو الأفضل ،و جارى التعامل مع المشاكل التى كانت تابوهات فى الماضى مثل مشكلة بناء و ترميم الكنائس ، التمثيل السياسى للأقباط ، الأوقاف ،  وصول الاقباط لمناصب قيادية  بشكل جيد جدا والذى يرى عكس ذلك فهو لا يقول الحقيقة و لا يعترف بالتطورات الايجابية ، و يجب وضع الامور فى حجمها الطبيعى .

 

لعل كل مؤسسة المبادرة للقيام  بدورها ، و تقدم أنشطة وفعاليات متعددة لمواجهة الارهاب ، لكن حتى الآن لا يوجد إطار تنظيمى لتلك المنظومة .. يجب أن يكون هناك مبادرة جماعية تنسيقية جادة و موضوعية من جانب كل المؤسسات لمواجهة ايجابية للإرهاب ..هناك ميزة نسبية لكل مؤسسة و أدوات تؤهلها للتفاعل مع الجماهير و الانتشار، لماذا لا نقوم بالاستفادة من تلك الميزات خارج حدود القاهرة مثل القرى و النجوع و الأقاليم التى لا تجد  خدمات ثقافية مناسبة  .. لمثقفينا دور هام لمواجهة التطرف و الوصول للشباب والأطفال داخل القرى الاكثر أمية ثقافية ، والتي وصلت إليها رسائل أهل الشر والتطرف بحيل نعلمها جميعًا. يجب أن تكون هناك رؤى تجمع كل مؤسسات الدولة لمواجهة الارهاب ..

مكتبة الاسكندرية مؤسسة ثقافية كبيرة ، فهى ليست مكتبة تقليدية رغم تقدمنا على المستوى الدولى فى مجال المكتبات ،  فلدينا مراكز أبحاث و مراكز علمية في مختلف مناحي المعرفة و هناك مجالات كثيرة متنوعة للفعاليات التنويرية والمعرفية باستخدام أحدث التقنيات للحفظ والفهرسة والبحث فى مستويات مختلفة مثل مراكز المخطوطات ،  و بالمكتبة أوركسترا موسيقي ، بالاضافة لقطاع المكتبات و دار النشر ..الشباب يبحثون عن الفن و الثقافة الجادة الهادفة ، وأراهم وأسعد باستخداماتهم لإمكانيات المكتبة .

 

خلال فترة التواجد داخل أى مؤسسة تشريعية تستطيع أن ترى الأمور بصورة أوضح ،و التعبير عن الرأى العام بصراحة وشفافية  ضد الممارسات الخاطئة ،  وضد مشروعات القوانين السلبية ، و كان يجب أن يكون هناك اصوات رافضة و معارضة و لابد للاستماع إليها فهى ليست كتلة صماء كما كان يعطى الإخوان هذا الانطباع أن جميعنا نمثل في النهاية كتلة صماء يقودها الإخوان .

قررنا تقديم الاستقالة عند محاولة تمرير مشروع السلطة القضائية إلا أنه قد تم تجميده فى اخر وقت ثم أعلنا الاستقالة فى مؤتمر صحفى قبل ثورة 30 يونيو داخل نقابة الصحفيين بكل وضوح وصراحة ..

 

بشكل عام ، القضية ليست بالكثرة العددية ، ولكنها قضية التعبير النوعى فقدرتك بالتعبير عن القضية او موقفك داخل البرلمان قد يكون افضل بكثير من التمتع  بالأغلبية  العددية ، فمن يمكنه التعبير عن المهمشين ، أو من ليس لهم وسيلة للتعبير داخل البرلمان يجعل الصوت يصل لدوائر لم يكن من المعتاد أن يصل إليها ، هنا استعين بدور الباحث فى الرصد و التحليل لتقييم دور البرلمانى بعمل دراسة باستخدام كم الأسئلة التى يقدمونها فى البرلمان ..كم طلب مناقشة و فاعليته داخل البرلمان و مقترحاته ليكون تقييم موضوعى و علمى ..

 

الإعلام الدينى بشكل عام ممارساته وبرامجه ونوعيات الأداء تُعد ضعيفة ، فهو غير متطور  لا يتمتع بلغة اعلامية متطورة قادرة على اتواصل مع قطاعت مختلفة ، ويكتفي  بالتوجيه المباشر و الوعظ أكثر من التناول و طرح القضايا الفكرية المُلحة ، لكن هناك تجارب جيدة مثل جريدة " صوت               الأزهر " فهي تناقش قضايا لم يكن من المعتاد أن تناقش فى اى مطبوعة أزهرية ، و تفسح المجال لكثير من  المثقفين المسيحيين و المسلمين لكتابة مقالات الرأى ، بعض الصفحات الدينية التى تقدمها الصحف العامة عن الاقباط جيدة بها بعض من التنوع الثقافى ، تحاول أن تقدم رؤى وأفكار وطرق تناول وطرح  كثيرة ، كذلك تجربة القنوات الفضائية الدينية مثل  "مى سات " او " سى تى فى " هناك بعض الإشارات الإيجابية موجودة غير محتكرة لحساب دين أو مذهب معين ، وتفتح المجال للجميع ..

 

الإعلام الآن لا يناقش قضايا هامة فقد هجره الكثير من المثقفين ، فهو لا يساهم بدوره في رفع الوعى الثقافى للمتلقي لخدماته ، لدينا  إما اعلام ترفيهى أو إعلام حواديت الفضائح الشخصية ، او برامج حوارية لا يشغل معدوها طرح قضايا تهم الرأى العام ، اعلام منازلات لمعارك صغيرة وتافهة ، وهذا الإعلام يظلم الحكومة حتى عند تناوله للمشاريع التى تقام الآن لأنه إعلام ضعيف فكريًا ومهنيا و غير مؤهل ، مما أدى إلى انصراف الناس عنه .لابد من مناقشة قضايا حقيقة تهم المجتمع اجتماعيا أو سياسيا و متابعا لحالة التغيير الاجتماعى و المشاركات الاجتماعية كذلك يجب الرفع من مستوى ثقافة الإعلاميين و رفع قدراتهم للاشتباك مع واقع المجتمع ..

 

لا اشعر بمناخ مانع للحريات بالطبع ، هناك حرية رأى و حرية تعبير لكن لقد مر المجتمع بظروف صعبة ففى 2013 شهدنا عمليات استقطاب رهيبة وممنهجة ، فمن الطبيعى ان يكون هناك مخاوف مما يرافق تلك الممارسات  ، لكن لو نظرنا فى الفضاء الالكترونى هناك تعبير عن الرأى بحرية حتى فى المقالات التى تنشر فى الصحف القومية ، لكن هناك من يقتات على ثقافة انقسام المجتمع ، و هناك اعلام المساجلات و كتابات حنجورية  لإشعال الحرائق  فى لحظة يواجه فيها الوطن و المجتمع تحديات كبيرة جدا ..هناك اتجاه اعلامى خارجى سلبى تجاه مصر

 

تم تشكيل لجنة خاصة للمشاركة فى هذا الفيلم من خلال عرض التراث عبر شاشات متعددة الأبعاد تم استخدامها فى أفلام التراث الفرعونى و الإسلامى ، و بصدد عمل فيلم تسجيلى روائى و سيتم تقديمه بأكثر من لغة ، و مترجم بثلاث لغات انجليزى و ايطالى و فرنساوى ، و هناك  بعض المطبوعات المعدة بجودة بالتعاون مع وزارة السياحة و بعض الجهات الثقافية خارج مصر و داخلها بهدف رفع الوعى الثقافى عن أبعاد تلك الرحلة من جوانب مختلفة ..

 

بالفعل تم إنجاز مشاريع كثيرة بالفعل على الرغم من عدم  ذكرها فى الاعلام و هي  تحدث تغييرات اجتماعية وإنسانية كبيرة داخل المجتمع المصرى ، ولو بعد فترة بشكل مرحلى ، فنحن بصدد نقل الناس من حالة اجتماعية عشوائية الى مستوى اجتماعى جيد و راق ، لكن يجب ايضا تغيير المستوى الفكرى و التعليمى للإنسان .

 

العالم يتجه الى الالكترونى و ليس الورقى لكن الصحافة الورقية ستظل بالرغم من التحديات يجب التى تواجهها لاجتذاب القارئ .

 

بسبب ارتفاع منسوب الكراهية حول العالم من خلال خطابات سوداوية شريرة لأصحاب مصالح  و وكلاؤها و إثارة النزعات عند الافراد ، و يجب العمل على  نشر قيم التسامح و احترام الاختلاف ،  و اليقين بأن الاختلاف طبيعة من طبائع الحياة وأن الكراهية ليست من صميم دعوات أو خلق وقيم اى معتقد دينى .. .

 

الحوار بين المؤمنين بالأديان حول الحياة هام فى العمل على بناء حياة انسانية تقوم على احترام الاخر و العمل  المشترك لمقاومة ثقافة الكراهية و العدوان التي  وصلت بالعالم  إلى مآسي كارثية ، فالأفضل للجميع أن يكون لدينا جميعا لغة للحوار حول  دعم جسوربناء الحياة المشتركة و استلهام قيم دينية لتغيير الحياة ، و بناء حياة بحثا عن الخير المشترك لأبناء الوطن الواحد .