"عزائم الرجال بثت فى نفوس السيدات لتحدى الصعاب وقهر الأمية".. هكذا عرفت السيدات اللاتى حرصن على قهر الأمية، وتسجيل نماذج مشرفة يتوارثها الأجيال، متحديات خلال حياتهن جهل المجتمع بعاداته العقيمة، ليخرجوا إلى منابر النور وإثبات الذات.
"رشا مسعد".. سيدة تحدت المجتمع الذى نشأت فيه منذ نعومة أظافرها فى صعيد مصر بإحدى قرى محافظة قنا، قبل الانتقال إلى إحدى مدن القليوبية، حيث إنه على الرغم من خروج نوابغ وعلماء من صعيد مصر، إلا أن هناك عقولا ما زالت متحجرة، فقد تسربت من التعليم فى الصف الرابع الابتدائى بناء على رغبة وإلحاح والدها، لتسعى برفقة والدتها إلى العودة من جديد للتعليم لكن عن طريق هيئة تعليم الكبار ومحو الأمية بالقليوبية، لتسجل قصة خروجها للنور، والانطلاق إلى تحقيق الذات من جديد.
كانت متفوقة
فى البداية قالت رشا مسعد 34 سنة، بمدينة شبرا الخيمة فى القليوبية، إنها نشأت فى إحدى قرى صعيد مصر، والتحقت بإحدى مدارس القرية، مشيرة إلى أنها كانت ضمن الفتيات المتفوقات بالمدرسة، إلا أن العادات سيطرت على عقل والدها وجعلته يتحجر ليصر على خروجها من التعليم نهائيا، بعد أن وصلت للصف الرابع الابتدائى لعدم حب أهل القرية لتعليم الفتيات، موضحة: "حزنت جدا عند سماع قرار والدى، وحسيت أن الدنيا بتقفل بابها فى وشى وروحى بتتسحب منى، لكن لم أيأس".
وتقول "رشا" لـ"اليوم السابع"، إنها ظلت طوال فترة طويلة تلح على والدها للعودة مرة أخرى للتعليم إلا أنه رفض، وبعدها بفترة انتقلت أسرتها للإقامة بمدينة شبرا الخيمة بالقليوبية لظروف عمل والدها، موضحة: "اتفقت مع والدتى أن أعود للتعليم من جديد عن طريق هيئة محو الأمية بالقليوبية، لكن دون علم والدى، وبالفعل تم هذا، إلا أنه بعد مرور فترة علم بالأمر، وثار وفقا لعادات أهل الصعيد، إلا أنه بعد أن وجد هذا الإصرار وافق على الاستمرار بالتعليم".
وتابعت: "عقب إعلان والدى موافقته للعودة للتعليم مرة أخرى، حسيت أن روحى عادت إلى من جديد، وخلاص مش هبقى مجرد رقم، وكنت حاسة إنى طير محبوس وفجأة جاءتنى الحرية، وسأذاكر بجد لإثبات ذاتى، وبالفعل ذاكرت، وحصلت على الثانوية العامة، وفضلت كلية الحقوق، لحبى للعمل العام، وأنتظر العام المقبل للقيد بالاستئناف، إلى أن تزوجت وأنجبت أطفالا، وبحبى للتعليم قدرت أذاكر لأبنائى ولما عرفوا قصتى فرحوا جدا، وحكوها لأصحابهم".
كفاح والدتها فى تحقيق الحلم
وأوضحت "رشا"، أن والدتها على الرغم من كونها سيدة غير متعلمة إلا أنها حرصت على تعليمها لعدم تكرار أزمتها، وظلت تكافح معها لعودتها مرة أخرى للتعليم، قائلة: "أنا مدينة بالكامل لأمى، ولولاها ما كنت وصلت للى أنا فيه دلوقتى، ولمدة سنتين كانت والدتى بتدعمنى دون علم والدى، وكمان زوجى استكمل معايا المسيرة بعد معرفته بالقصة بأكملها، وبالفعل حرص على استكمال طريقى ودعمنى، وأنا عشت على مقولة واحدة طول حياتى متنتظرش حد يمهد ليك الطريق لازم تتعب علشان تحس بحلاوة اللى أنت عملته".
واستطردت، أنها لن تكتفى بما وصلت إليه، وحرصت على خوض الدورات التدريبية للحاسب الآلى واللغة الإنجليزية، كما أنها تخطط خلال الفترة الحالية للحصول على دبلومة بالقانون الدولى للعمل بالسلك الدبلوماسى، إلى جانب التخطيط لتحقيق أحلام أخرى خلال الفترة المقبلة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع