بالعودة إلى الوراء والبحث فى بيانات جماعة الإخوان الإرهابية قضائيًا، إزاء الأحداث المتتالية منذ ثورة 25 ينايرـ ستجد أن الجماعة تتعامل مع الأحداث بقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" فبعد الدعوات للتظاهر يوم 25 يناير عام 2011، أمسكت الجماعة العصا من النصف، فقدمت فروض الولاء والطاعة لنظام مبارك آنذاك، وفى الوقت ذاته حجزت مكانا لها بين الداعيين للتظاهر، إذ أصدرت الجماعة قبل ثورة يناير بيانا حمل عنوان "اﻹخوان المسلمون واﻷحداث الجارية.. انتفاضة تونس ومطالب الشعب المصرى"، وذكرت فى هذا البيان مجموعة من المطالب ولم تتطرق إلى مشاركتها أو عدم مشاركتها من قريب أو بعيد، بل اكتفت بتدوين كلمات دبلوماسية فى بيانها من عينة " نشارك دوما هموم الشعب وآماله" وبالإضافة إلى البيانات التى أصدرتها الجماعة قبل ثورة 25 يناير، أعلن محمد البلتاجى القيادى الإخوان أن شباب الجماعة سيشارك ليحجز مكانا بين الثوار، اللافت فى الأمر أن الذى فضح الجماعة بشأن ثورة 25 يناير شبابها الذين تقدموا بمذكرة لمجلس شورى الجماعة الإرهابية كشفوا فيه أن القرار الداخلى للجماعة هو عدم المشاركة.
ومع مرور الوقت ونجاح ثورة يناير، استغلت الجماعة الأحداث وصعدت عليها إلى أن وصلت للحكم ثم أزاحها الشعب المصرى فى 30 يونيو عام 2012، فى السطور التالية يجيب خبراء وقيادات سابقة بالإخوان على سؤال كيف استغلت جماعة الإخوان ثورة 25 يناير؟
الإخوان والثورة.. الاستغلال هو الحل
"الإخوان والثورة" بهذا العنوان بدأ عماد على قائد مراجعات الإخوان فى السجون حديثه عن استغلال جماعة الإخوان ثورة يناير، قائلا: "جماعة الإخوان تمتلك مشروعا واضحة له خطوات محددة صاغها البنا ولم تغير فيها الجماعة شىء، هذا المشروع يستهدف إقامة الدولة الإسلامية التى تطبق الشريعة، ويتم من خلال سبع مراحل تبدأ بإعداد الفرد المسلم وتنتهى بالخلافة وأستاذية العالم؛ ومن ثم ففكرة الثورة الشعبية التى تستهدف التغيير بشكل مفاجئ دون تدرج ليست فى أدبيات الإخوان، وما حدث فى ثورة يناير لم يكن فى حسبان الجماعة".
محمد بديع مرشد الإخوان
وأضاف "عماد": "وقد كانت الجماعة وقت أن حدثت الثورة لا زالت وفق خطتها فى مرحلة المجتمع الذى كانت تسعى من خلالها إلى نشر بعض الأفكار والقيم حتى يكون المجتمع مهيئا فيما بعد لاختيار الإخوان كبديل للنظام الحاكم ومن ثم تأتى مرحلة الحكومة الإسلامية، ولكن الأحداث فاجأت الجماعة كما فاجأت الجميع وتغير النظام السياسى وتغيرت المعادلة بشكل كبير وكان على الإخوان التعامل مع الوضع برؤية جديدة".
وتابع: "فى البداية وعندما كانت هناك دعوات لتظاهرات فى يوم 25 يناير كانت الأمور غير واضحة بشمل كبير وكانت الجماعة ترقب ما يحدث، ومن ثم فقد قررت المشاركة بشكل رمزى فى هذا اليوم لحين تتكشف الأمور أكثر فهى من جهة لا تريد الانعزال عن الخط السياسى للمعارضة حينها وفى نفس الوقت لا تريد صداما مع النظام قد يحدث إذا ما فشلت التظاهرات عن أحداث تغيير ما، ولكن لما تصاعدت وتيرة الأحداث وبدأ يظهر أن هناك ثمة تغيير قد يحدث فى الأفق نزلت الجماعة وشاركت بكامل قوتها بداية مت يوم 28 يناير وبدأت تسيطر على المشهد وكأنها هى التى دعت للثورة ومهدت لها بما قدمته عبر تاريخها من تضحيات ومعارض للنظام كما صرح بذلك بعض قياداتها، حتى أن عصام العريان فى إحدى اللقاءات التليفزيونية قال إن وائل غنيم وعبد الرحمن منصور القائمين على صفحة خالد سعيد التى دعت لتظاهرات هم من الإخوان.
وتابع: "ما أريد أن اقوله أن الجماعة لم تكن ترى إلا مشروعها الخاص الذى كانت تسعى له قبل الثورة وبعد الثورة لم تندمج ولم تشارك إلا لأنها رأت فى ذلك فرصة كبيرة واختصار للمراحل التى كانت تضعها الجماعة للوصول لأهدافها، وبالتالى لم يكن هدف الجماعة الحقيقى هو تحقيق الحرية والعدالة الإنسانية التى كانت مطلبا للجميع ولكنها كانت رغم التحامها بالشعب ظاهريا إلا أنها كانت منفصلة عنه شعوريا ولا ترى هدفا إلا حلم إقامة الدولة الإسلامية التى تحكمها الجماعة والتى ساعدت الثورة فى تقريب هذا الحلم".
أضاف "عماد": "ومن هنا نفهم كيف أن الجماعة كانت تتمتع بانتهازية سياسية كبيرة خلال الثورة وبعدها وكانت كثيرا ما تختلف فى بعض المسارات عن مطالب باقى القوى السياسية ولم تكن تنظر إلا إلى ما يحقق أهدافها هى لا أهداف الشعب؛ فرأينا كيف انفردت بالاجتماع مع عمر سليمان قبل تنحى مبارك، وكيف حرصت على أن تكون انتخابات البرلمان أولا قبل وضع الدستور، وكيف هاجمت فى مواقف كثيرة مطالب بعض الشباب خلال المرحلة الانتقالية بل وهاجمتهم واتهمتهم بإحداث الفوضى، ورأينا حرصها على الاستحواذ على البرلمان وعلى منصب الرئاسة دون اعتبار لكسر حالة التوافق التى كانت موجودة بين القوى السياسية.. وهكذا كانت اغلب حسابات الجماعة خاطئة؛ فحين رجحت مشروعها على مشروع الوطن، وحين رجحت الحكم على الحرية، كانت هى الخاسر الأكبر من ذلك .
25
يناير فضحت انتهازية الإخوان
25 يناير
وفى هذا الإطار، أكد ثروت الخرباوى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، أن أحداث 25 يناير كانت هى الورقة التى كشفت الإخوان للشعب المصرى، وأظهرت حجم الخداع الذى مارسه التنظيم ضد المصريين، مما دفع الشعب للانتفاضة والخروج إلى الشوارع لإسقاط حكم الإخوان ومشروعهم الاستبدادى.
وأضاف القيادى السابق بجماعة الإخوان، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الإخوان سعت لاستغلال أحداث 25 يناير للانقضاض على الحكم، والسيطرة عليه، مستغلين الشباب الذين نزلوا فى تحقيق هذه الأهداف، ومارست الخديعة ضد المصريين للتمكن من السلطة.
ثروت الخرباوى
وبشأن الخديعة التى مارستها جماعة الإخوان ضد القوى السياسية خلال تلك الفترة، قال ثروت الخرباوى، إن الإخوان تمكنوا من خلال سياسة فرق تسد السيطرة على الميادين، وظهروا بالكيان الضخم الذي يستطيع تحريك الجماهير ، خصوصا بعد التوافقات التي قاموا بها مع رموز وعلماء التوجه السلفي، ثم كان ماكان بعد ذلك من تخليهم عن الثوار وانشغالهم بانتخابات البرلمان، وظهر عند الإخوان وقتها شعار وجهوه للثوار هو:صبرا آل محمد محمود فإن موعدكم الجنة.
الإخوان والعنف.. زواج كاثوليكى
من جانبه لفت هشام النجار، الباحث الإسلامى، إلى أن جماعة الاخوان ضد مبدأ الثورة من الأساس كوسيلة للتغيير، كما أنها عامل من عوامل تحول الحراك الثوري السلمي إلى فوضى مسلحة وحروب طائفية وأهلية ودينية، علاوة على أن منهج الجماعة وتصوراتها لنظام الحكم وإدارة الدولة تتصادم وتعارض تماما مع القيم الثورية التى تسعى لإقرار التعددية وتداول السلطة بشكل سلمي وترسيخ الحريات المجتمعية.
وأضاف الباحث الإسلامى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن حكم الإخوان فردى وشمولى ومناهض للحريات ولا يؤمن بالتداول والتعددية، ولذلك كله حدث نكث للوعود وخيانة من قبل الإخوان للحراك الثورى أولا بتعجل الوصول للسلطة والتخلى عن الشارع وخيانة الشباب الثورى السلمى وهذا وضح تماما أثناء تولي الإخوان السلطة.
هشام النجار
وأشار الباحث الإسلامى، إلى أن عسكرة الاخوان للحراك في الشارع بعد عزلها ثوريا عن السلطة هو خيانة مضافة للثورة وللقيم الثورية وكشف بشكل أكبر وأوضح مدى العداء الذى تكنه الجماعة للحالة الثورية وللتغيير الثوري السلمي الذي يحميه الجيش ليكلا يقع المجتمع في مستنقع الفوضى والاحتراب الأهلي، ووضح من ذلك أن الجماعة لا يهمها مصلحة الدولة ولا المجتمع ولا الإصلاح والتغيير الايجابي المتدرج بشراكة مع الحالة السياسية والثقافية والفكرية القائمة إنما يهمها فقط ركوب موجة الحراك الشعبي للوصول عبره للسلطة والانفراد بها للأبد اعتمادا على التنظيم الحديدى الذي تديره وعلى دعم وتمويل قوى خارجية طامعة في الهيمنة على مصر من خلال حكم الجماعة.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع