تعانى الدول العربية من أزمات متلاحقة خلال السنوات الأخيرة حول تشكيل الحكومات الوطنية التى تتولى أمور الدولة لحل المشكلات وإيجاد حلول لها، وتسبب التدخل الغربى فى شؤون الدول العربية فى تقسيمها إلى طوائف وعرقيات طائفية وقبيلة، وذلك بهدف تفتيت الجبهة الداخلية للدول العربية لخدمة المشروع الغربى فى المنطقة بعيدا عن أنظار العرب.
ويحاول الساسة اللبنانيون الوصول إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة اللبنانية التى يتم تدشينها على أساس المحاصصة والطائفية، وهو ما يعزز الانقسامات السياسية فى البلاد بسبب مراوغة بعض القوى السياسية، فضلا عن التدخلات الإقليمية فى شؤون لبنان وتحديدا الدور الإيرانى الذى يخطط للسيطرة بشكل كامل على القرار اللبنانى عبر حزب الله.
ويقوم النظام الانتخابى فى لبنان على المحاصصة بين طوائفه المتعددة، إذ يضم 18 مذهبا معترفا بها منذ العام 2012، تنقسم إلى 12 مجموعة مسيحية وخمس إسلامية وأقلية يهودية لم تعد موجودة، وتتوزع الرئاسات الثلاث الأولى فى لبنان على قاعدة مذهبية: رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة المجلس النيابى للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة، كما أن وظائف الفئة الأولى موزعة كذلك طائفيا.
وتعانى بيروت من انقسامات حادة فى صفوف القوى السياسية والأحزاب وسط مراوغات يقودها حزب الله عبر دفعه بورقة "النواب السنة الست"، للضغط على رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى خلال مهمة تشكيل الحكومة، وخلق قوى سنية مناوئة له فى المشهد وتشوش على خططه المستقبلة لحل الأزمة اللبنانية.
وعانت لبنان عقب الحرب الطائفية التى ضربت البلاد عام 1975م حتى نجح اتفاق الطائف فى وقف سيل الدماء وابرام اتفاق بين القوى اللبنانية، وتسببت تلك الفترة فى عدم اهتمام لبنان بالأوضاع الاقليمية والدولية وبات منكفئا على الداخل لحل المشكلات التى خلفها الصراع الطائفى.
وتتشابه الحالة العراقية مع الوضع فى لبنان من حيث إقرار التقسيم الطائفى فى البلاد، وبدأت المحاصصة فى العراق خلال مؤتمر لندن الذى عقد فى ديسمبر عام 2002 عندما اتفقت المعارضة العراقية على اقرار الفيدرالية كنظام للحكم فى البلاد عقب اسقاط نظام صدام حسين، وهو ما أدى لدخول البلاد فى حال من الانقسام والتشظى التى تسببت فى تأجيج الطائفية بالبلاد، وتعزيز الانقسام بين القوى السنية والشيعية فى البلاد.
واتفقت المعارضة العراقية خلال مؤتمر لندن الذى تم برعاية أمريكية فى ديسمبر عام 2002 على نظام الحكم الفيدرالى بعد غزو العراق، حيث جرى تقسيم البلاد على أساس عرقى إلى حكم كردى فى شمالى العراق وسنى فى غربه ووسطه وشيعى فى جنوب العراق.
وتسببت التدخلات الإيرانية فى الشأن الداخلى العراقى منذ الغزو الأمريكى فى اختراق المكونات والأحزاب العراقية، وتشكيل مناطق نفوذ داخل العديد من القوى السياسية والأمنية والعسكرية، ما مكن طهران من التحكم فى مصير تمرير الحكومة العراقية، فضلا عن قدرتها فى ارباك المشهد الداخلى أمنيا عبر عناصر وميليشيات مسلحة مولتها طهران خلال السنوات الماضية.
وتحاول بعض الأطراف الإقليمية والدولية تكرار السيناريو فى ليبيا عبر تعزيز الانقسام بين أبناء الأقاليم التاريخية الثلاثة فى ليبيا ( فزان - طرابلس -برقة)، وذلك باقرار مبدأ المحاصصة فى توزيع المناصب والوزارات على المكونات والقبائل الليبية، وهو ما يمكن أن يؤدى لتأجيج الصراعات القبلية بين مختلف القبائل الليبية، وخاصة فى جنوب البلاد بسبب تهميش تلك المنطقة من الخدمات الأساسية التى تحتاجها تلك المدن، وعدم وجود ممثلين أقوياء داخل المؤسسات الليبية لحل مشكلات الجنوب الليبى.
فيما تحاول بعض القوى والمكونات السورية اقرار مبدأ الفيدرالية فى الحكم وتحديدا المكون الكردى الذى يسيطر على مساحات واسعة من مدن الشمال السورى، وهو الطرح الذى ترفضه الحكومة السورية وعدد من الدول العربية التى تخشى من تحول نموذج الفيدرالية إلى أداة أو ذريعة لتقسيم سوريا على أساس طائفى وعرقى، وتكرار نفس النموذج اللبنانى والعراقى فى البلاد.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع