بوابة صوت بلادى بأمريكا

فن "شعر الواو" تاريخ من التراث الشعبى لسرد الحياة اليومية فى أبيات بقافية مميزة.. أحمد بن عروس مؤسس شعر الواو فى عصر المماليك.. وأشهر كلماته "أوعى تقول للندل يا عم".. وأبرز المجددين: عبد الستار سليم وعادل صابر

"محدش خالى من الهم حتى قلوع المراكب.. أوعى تقول للندل يا عم ولو كان على السرج راكب"، بتلك الكلمات كان وما زال نجوم التراث الصعيدى ينسجون أشعارهم وأبياتهم لوصف الحياة اليومية فى حياتهم وأحوالهم، وكان العرب قديماً ملوك الشعر الذى أنطلق من "سوق عكاظ" الموقع الأشهر لخروج نجوم الشعر العربى القدماء الذين كانوا يحافظون على الاتزان الشعرى فى الأبيات والقافية والبداية والختام للقصيدة الشعرية.

ومن قلب الصعيد الذى ضم بين طياته على مر السنين أحفاد فحول الشعر العربى من مختلف القبائل العربية القديمة، وخرج من ضمن تلك الفنون الشعرية مايسمى "فن شعر الواو"، والذى يعبر فيه أبناء الصعيد والعرب عن حياتهم وتفاصيل العمل اليومى فيها بتلك الأبيات الشعرية التى ينسجونها بطرق مبتكرة.

وفيما يلى يرصد "اليوم السابع"، تاريخ فن شعر الواو والمربعات الصعيدى، حيث يعتبر فن شعر الواو فن شفاهى تراثى قديم يعود لـ"أحمد بن عروس" فى عصر المماليك بمصر وجنوب الصعيد، وهو نوع شعرى يتم خلال إلقاء الكلمات بأسلوب التورية والغموض فى القصيدة للهروب من العقاب والرقابة خلال الإلقاء، ويعتبر "بن عروس" هو مبتكر ذلك الفن الشعرى الذى لاقى إقبالا كبيرا فيما بعد، فهو شعر تكثر فيه "واو العطف" وأصبحت أمر أساسى فى شعر الواو ويجب على الشاعر استخدام حرف الواو فيها، ومن أشهر المقولات والمداخل لتلك الأشعار التراثية مايلي: "أنا بوحد اللى خلق الناس.. خلق مسلمين ونصارى.. ناس نايمة على فرش.. وناس على المعايش حيارى.. لو شوفت اللى جرى فى زماننا.. عملوها ولاد الغوازى".

ويقول الشاعر محمد عبده ابن محافظة الأقصر، إنه يتم حتى الآن إلقاء فن شعر الواو التراثى بصعيد مصر، فى الأمسيات الشعرية والسهرات المميزة فى جنوب الصعيد وبالأخص فى قنا والأقصر، فهو فن شعرى يتعمق فى الحياة اليومية ويقدم الحكم والمواعظ للأهالى، بجانب قصائد الغزل والحب وغيرها بالقافية، وعادة ما يبدأ الشاعر قصيدته بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأ فى بدايته بصورة شفوية فكان من يقوله فى السابق من لا يقرأ ويكتب ثم تعلمه الأجيال من بعدهم.

ويتابع "ومن أشهر من قدموا شعر الواو عبد الستار سليم ومحمد خربوش وعلى النابى وأبو الزوط وغيرهم من القدماء نجوم شعر الواو، وتم مؤخراً العمل على الحفاظ على ذلك الفن بكتابته وتدوينه وتنظيم أمسيات ومهرجانات شعرية خصيصاً لفن الواو، وذلك لحمايته من الإندثار وتعلم أجيال جديدة له فى المستقبل، وكان له نوعان منها "الأحمر" ويقدم فيه الشعر للحياة اليومية وأمور المجتمع والإجتماعيات والحكم والمواعظ، والنوع "الأخضر" للغزل والمحبة والعاطفة".

ويضيف الشاعر محمد عبده، أنه فن "مربع الواو" يعتمد فى البناء الشعرى والفنى على 4 أشطر وله نظام مختلف وخاص فى التقفية، حيث يتفق الشطر الأول والشطر الثالث فى قافية واحدة، ويتفق الشطر الثانى والشطر الرابع فى قافية مغايرة لقافية الشطرين الأول والثالث، ومن أمثال ذلك يقول أحمد بن عروس (طبيب الجرايح قوم الحق.. وهات الدوا اللى يوافق - فيه ناس كتيره بتعرف الحق.. ولجل الضروره توافق)، وهناك مربعات لا تشترط وجود قافية وجانس مثل كلمات بن عروس (الليل مهواش قصير الا على اللى ينامه.. والشخص مدام فقير ما حد يسمع كلامه)، مؤكداً أن أحمد بن عروس مؤسس "شعر الواو" عاش العصر العثمانى فى اٍحدى قرى قوص بمحافظة قنا، وأنه كان فى بداية أمره قاطع طريق يتزعم عصابة من اللصوص والمجرمين وظل أكثر من 30 سنة خارج على القانون فى الصعيد، قبل أن يتوب اٍلى الله ويتحول اٍلى زاهد من أهل الطريق وقوال ينظم شعر الحكمة فى شكل مربعات سميت فيما بعد بـ"مربعات بن عروس".

أما الفنان الأخير من مشاهير فن الواو فى محافظة الأقصر "محمد خربوش" فتوفى فى مايو الماضى، بزغ نجمة فى ذلك الفن الشعرى التراثى وهو بعمر الـ60 سنة، وقال وقتها إن "شعر الواو" معرض للانقراض ما لم تشكل هيئات أدبية لرصده وأرشفته وتشجيع شعرائه، فقد كان يقوله رجال لا يقرأون ولا يكتوب وتعلموا تلك الكلمات من التراث والفطرة فى حياتهم، وكانوا لا يكتبون الكثير منه ويعتمدون على الحفظ ونقله من جيل لجيل، ولذلك كان أغلب نجوم ومؤلفى شعر الواو فى العصور الماضية مجهولين حتى الآن.

ويعتبر محمد خربوش نجم شعر الواو ابن الصعيد، هو محمد الأمين الشاذلى خربوش مواليد 10-12-1946، وعمل مفتش تأمينات اجتماعية، وشارك فى حرب أكتوبر 1973 كجندى، وعمل رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع بالكلالسه بمدينة قوص، وأصدر كتب مميزة وهى "خرابيش خربوش" شعر من فن الواو عام 2006، و"شكوك فى حيطان الحلم" عام 2007، وديوان بعنوان "المحاسة".

أما عادل صابر فارس فن شعر الواو الحالى وهو من محافظة قنا، فيقول فى قصائده: "اللى المرة تركبه دايماً يقول حاضر.. خايف يقول لأ ليخش فى جلسة ومحاضر.. موجود بين الناس لكن داير فى مخه هدد.. يقعد معاك بالجسد والعقل مش حاضر"، ويقول أيضاً: "وبرغم ونس الديار حجر الطريشة قريب.. وبرغم ضى النهار حرص وخاف من الديب.. خليك حريص من الرزيا وعضة الأيام.. واعمل حساب الضلام بعد القمر مايغيب"، ويقول فى خماسياته مايلى " ورغم انى أنا المكفى اللى عاش عمره شقا وتلطيش.. وأنا المكرى اللى مد اليد على أجره وقلتوا مفيش.. وأنا الفقرى اللى وقت أفراحكم قولتوا ياريت ماياجيش.. وأنا المرزى اللى فتونى فى قلب الموج وعديتوا.. أنا اللى لما وطيتوا وخدتوا ع الهوان مرضيش".



هذا الخبر منقول من اليوم السابع