مخالب الوحش تنهش أجسادهم، التي تجرعت مرارة الألم وذاقت العذاب، نظرًا لصريخ وعويل العلاج الكيماوي، الذي خطف طفولتهم، ومنعهم من اللحاق بذويهم، وسرقة الفرحة من عيون وقلوب أمهاتهم وآبائهم، حيث راودتهما الأحلام، بمجرد رؤية أطفالهم وسرعان ما تحول لكابوس، ورغم تجرع مرض السرطان اللعين، إلا أن البراءة سكنت تقاسيم وجوه الأطفال داخل بهو مستشفى 57357، حيث يجذبوك إليهم بابتساماتهم البريئة الهادئة في كل مكان، هكذا حال بلال ومحمود الذان جمعهما معاناة تورم الغدد الليمفاوية، وتحدياه سويًا، حتى تبرأ من مخالبه.
يجبرك على الانجذاب إليه، بابتسامته الهادئة، والبراءة التي تسكن ملامحه الجميلة، ومداعبته لصديقه الذي يقاسمه نفس المعاناة، لتقترب وتعرف أن بلال عادل من ملايين القصص التي نهشتها مخالب مرض السرطان اللعين، إلا أنه لم يستسلم، وتحدى المرض لأكثر من 7 سنوات، بعد أن شخّص دكاترة قريته الصغيرة إصابته بتورم في الغدة الليمفاوية، ليتم تحويله على مستشفى 57357، حيث فتح الدكاترة ذراعيهم لمساعدته وعلاجه، ومنحه فرصة للحياة من جديد.
لم تتوانى مستشفى 57357، لحظة، في توفير المكان المناسب لعلاج بلال الذي يستقبل عامه الخامس عشر بموعد الشفاء من المرض الخبيث، لتبدأ رحلته مع العلاج، بالخضوع للجراحة واستئصال الورم، ثم العلاج الإشعاعي والكيميائي للقضاء على كل مصادر المرض الخبيث حتى امتثاله للشفاء.
رحلة بلال طيلة السبع سنوات التي قضاها في المستشفى، كانت قاسية، إلا أن توفير الرعاية وإضفاء جو من المرح والحب بين الأطفال داخلها، خفف تلك الأعباء، فالطب النفسي يلعب جزءًا كبيرًا في نسبة الشفاء، حيث الحالة النفسية القوية والروح المعنوية العالية، بأنه الأحلامه ستتحقق وسيجني الطفل ثمار عذابه وآلامه من جرعة الكيمياوية.
لم يستسلم "بلال"، لمرض السرطان اللعين، بل ينافس أبناء جيله في المرحلة الإعدادية بالمدرسة، وتقدمه عليهم، ما جعل مدرسيه، يمتدحونه باستمرار على تفوقه، ولتركه بصمة واضحة في العلم والموهبة، حسبما ذكر في حديثه لـ"الفجر".
فرحة بلال بشفائه لا تقدر بثمن، إلا أنه بمجرد علمه بخروجه من المستشفى، حزن بشدة، لفراقه أصدقائه الذي جمعهم المرض اللعين، حيث تشاركوا أوقات الآلام والفرح معًا، وخلال رحلته، تعرف "بلال" على رفيق مرضه محمود سيد صاحب الـ 14 عامًا، الذي يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية أيضًا، ولكن إرداته وشدة تحمله وصبره على الابتلاء جعلته يتحدى المرض، ويمتثل للشفاء منذ ثلاث سنوات.
وبشهادة "بلال ومحمود"، الذان التقينا بهم، أثناء تواجدهم لإجراء المتابعة الدورية المقررة لهم كل 3 شهور، فإن المواقف المؤلمة والموجعة التي عايشوها في مستشفى 57، أنثاء تحديهم المرض، جعلتهم أقوى، حيث خفف من تلك الآلام، احترام العاملين بالمستشفى، ومساعدتهم، وبث الأمل والحب في نفوس الأطفال خلال رحلة علاجهم.
وبالرغم من معاناة الصيام ودرجة الحرارة العالية التي تشهدها البلاد تلك الفترة، إلا أن أهالي مرضى السرطان، حرصوا على التواجد في الصباح الباكر، لاستكمال علاج أطفالهم، حتى امتثالهم للشفاء.
هذا الخبر منقول من الفجر