بوابة صوت بلادى بأمريكا

أكاذيب جديدة.. ادعاءات منع دخول المساعدات لغزة من جانب مصر هراء.. شهادات المسئولين الدوليين تدحض دفاع إسرائيل أمام "العدل".. وذوى الأسرى الإسرائيليين يشيدون بدور القاهرة الإنسانى.. ورؤية التهجير تدين نتنياهو

التعنت الإسرائيلى منذ بداية العدوان على قطاع غزة، لم يقتصر على مواصلة الاعتداءات واستهداف المدنيين ومنشآتهم، وهو ما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وإنما امتد بوضوح إلى ملف المساعدات الانسانية فى ظل الرفض التام والمطلق من قبل سلطات الاحتلال مرور المساعدات، وهو ما بدا فى العديد من المشاهد منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان فى أعقاب عملية طوفان الأقصى، والتى تثبت كذب الادعاءات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية حول تحميل مصر مسؤولية التقاعس فى مساعدة سكان غزة المحاصرين.

ولعل الملفت للانتباه فى الادعاء الإسرائيلى الكاذب، هو أنه تجاهل الزيارات التى أجراها كبار المسؤولين الدوليين للمعبر وشهاداتهم حول فتح المعبر، وأبرزهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش ورئيس الوزراء الأسبانى بيدرو سانشيز والبلجيكى ألكسندر دى كرو، ووزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ناهيك عن العديد من المنظمات الدولية الاخرى، حيث قدموا جميعا شهادات بالصوت والصورة عن العمل الجارى على قدم وساق فيما يتعلق بسلاسة عبور المساعدات الانسانية من الجانب المصرى، وبالتالى فترتبط التحديات المتعلقة بوصولها لسكان القطاع بالجانب الاخر من المعبر والذى يقع تحت سلطة إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال والتى تسيطر تماما عليه.

من جانب آخر، تبقى مصر هى أكثر الدول التى قدمت مساعدات للمعبر بحسب كافة التقارير فى هذا الصدد بالإضافة إلى كون العريش هى نقطة التقاء كافة المساعدات الدولية القادمة من كافة دول العالم، لتوصيلها إلى غزة، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التى تحظى بها مصر، سواء فيما يتعلق بفتح المعبر على مدار ٢٤ ساعة يوميا، أو بسلاسة الاجراءات المرتبطة بها، وهو ما يعكس أن دفاع الاحتلال يسير فى واد آخر ليس له أى صلة بالواقع.

ولكن بعيدا عن الاجراءات وشهادة المسؤولين الدوليين، نجد أن ثمة مواقف واضحة تبنتها الدولة المصرية والجانب الإسرائيلى نستلهم منها طبيعة الطرف المدان إنسانيا، قبل الادانة القضائية، فيما يتعلق بالجانب الانسانى المرتبط بعملية توصيل المساعدات، والتى كانت فى واقع الأمر أولوية مصرية بامتياز تواكبت مع كافة الخطوات السياسية والدبلوماسية التى أقدمت عليها منذ اللحظة الأولى.

فلو نظرنا إلى توقيت مرور أول قافلة إنسانية بعد العدوان، نجد أنها تزامنت مع انطلاق قمة القاهرة للسلام فى ٢١ أكتوبر الماضى، وهو ما يعكس حجم الضغوط التى تبنتها مصر على المجتمع الدولى فى تلك اللحظة الحاسمة، والتى قدمت فيها رسالة إنسانية تتزامن مع رؤيتها السياسية للقضية الفلسطينية برمتها، وهو ما يبدو فى المسارات التوافقية التى سعت القاهرة إلى تحقيقها، تعتمد فى الاساس الثوابت التى ترتكز عليها الشرعية الدولية جنبا إلى جنب مع البعد الانسانى، وهو ما تحقق فعليا مع التعهدات التى أطلقتها العديد من دول العالم وفى القلب منهم دول المعسكر الغربى المعروف بانحيازه لإسرائيل، بتقديم المزيد من المساعدات لسكان غزة عبر الأراضى المصرية.

الجانب الانسانى فى الموقف المصرى لم يقتصر على قضية المساعدات لدعم سكان غزة، وإنما اعتمد رؤية واضحة حول الانتهاكات التى ترتكبها دولة الاحتلال، عبر قصف المستشفيات، ودور العبادة والمنازل وما أسفر عنه من تجريد إسرائيل من جزء كبير من التعاطف الدولى، بعدما كانت تستند فى جزء كبير منه على ذريعة أحقيتها فى الدفاع عن نفسها.

البعد الانسانى فى الموقف المصرى تجسد فى ملامح أخرى لا تقل أهمية، أبرزها نقل المصابين من الفلسطينيين إلى أراضيها لتلقى العلاج، بينما تحولت أراضيها إلى استقبال مئات الاجانب ومزدوجى الجنسية من العالقين فى القطاع تمهيدا لاعادتهم إلى دولهم، وهو ما يمثل دليلا آخر يفضح أكذوبه الاحتلال حول غلق المعبر من الجانب المصرى.

وفى الواقع تبدو إنسانية الموقف المصرى من أزمة العدوان على غزة متجردة، لا تعرف إنحيازا لطرف دون الآخر، وهو ما بدا فى تأكيدها خلال العديد من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسى حول الرفض التام والمطلق لاستهداف المدنيين من أى جانب، وهو ما ترجمته مظاهرات ذوى الأسرى الإسرائيليين أمام السفارة المصرية فى تل أبيب للمطالبة بدور مصرى فى تحرير أقاربهم من قبضة الفصائل الفلسطينية، وهو ما يمثل شهادة مهمة تدحض ادعاءات السلطة الحاكمة التى لا تحظى بثقة مواطنيها، فكيف تحظى ادعاءاتها بالمصداقية أمام قضاة محكمة العدل الدولية؟؟؟

على الجانب الآخر، يبقى منع دخول المساعدات لسكان غزة بمثابة مصلحة إسرائيلية خالص على العديد من المسارات أبرزها إحكام الحصار على القطاع وسكانه، فى إطار النزعة الانتقامية التى هيمنت على العدوان منذ السابع من أكتوبر الماضى، بينما تبقى دعوات التهجير بعدا آخر لا يقل أهمية، فحرمان سكان القطاع من الغذاء والدواء والوقود وكافة صور الحياة جنبا إلى جنب مع وحشية العدوان يجسد تطبيقا عمليا للدعوة المشبوهة عبر إجبارهم على ترك مناطقهم وإخلائها، وبالتالى تحقيق الهدف الاهم للعدوان وهو تجريد الدولة المنشودة من مواطنيها، وبالتالى وأدها قبل أن تولد.

وهنا يمكننا القول بأن الادعاءات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية بتحميل مصر مسؤولية إنسانية بالقطاع عبر إغلاق المعبر ما هى إلا محض هراء، لا يمكن الأخذ به إطلاقا فى ضوء شهادات دولية ومواقف واضحة للجانبين المصرى والإسرائيلي.

هذا الخبر منقول من اليوم السابع