أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التى تهمُّ الأسرة المصرية.
وقامت دار الإفتاء بتوزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعى.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات فى العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـرى والتكويـن الجسـدى لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعى الطبع مع دواعى الشرع، وذلك على النحو الآتى: نصائح وإرشادات فى كيفية التعلق بالله تعالى، وأثره الحسن على العلاقة الزوجية
لا شك أن طاعة الله لها بالغ الأثـر فى حياتنــا عمومًــا، وفى بيوتنـــا خصوصًـــا، فالعبادات ركـن أساسى فى استقامة البيوت وصلاح أحوالها.
تضيف العبادات مددًا معنويًّا وروحيًّا فى تحمل أعباء الحياة والسير بالأسرة إلى بر الأمان، كما أنها تبقى الصلة بالله سبحانه وتعالى حيَّة، فيزيد الإيمان وتشتعل جذوته فى النفوس والقلوب، فأى حياة آمنة وسعيدة نريدها للأسرة إذا انعدمت صلتها بالله تعالى؟! وأى راحة بال ننشدها أن قصّرنا فى حقوق الله تعالى علينا؟!.
فتقويم الحياة الدينية والاهتمام بها مع إعلاء راية الصدق والأمانة وحفظ الأسرار ونحوها كفيل ببناء أسرةٍ سعيدة آمنة، أسرةٍ يسعى أفرادها إلى القيام بالحقوق والالتزام بالواجبات، أسرةٍ تحث على طلب العلم وحضور مجالسه، وتجعل شعارها فى الحياة: ﴿وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰ﴾ [البقرة: 237]، أسرةٍ لا يفجر أفرادها وقت الخصومة، بل هى أسرة شعارها الصيانة والحفظ والستر.
بهذه الجوانب الإيمانية تعمر البيوت، وتحل السكينة، وتعم الطمأنينة، وتنتشر السعادة.
وبغيـر الإيمان وإصلاح العلاقة بالله عز وجل، تكون الأسرة عرضة لكل محنة وفتنة وابتلاء.
ومن أهم الإرشادات الإيمانية التى تقوى من دعائم الأسرة وتصلح العلاقة بينكما، فاحرصا عليها غاية الحرص، وابذلا الوُسع فى تطبيقها وتنفيذها.
1. تحرَّيَا أكل الحلال الطيب، فكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
يجب على الزوجين الحرص على اكتساب المال من حلال، يقول الله: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: 188]، ثم أن المال الحرام يُظلم القلب، ويُزيل النعم، ويورد المهالك، قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْتِ فَالنَّارُ أَوْلَى بِه»، واعلموا أن الغِنَى الحقيقى ليس عَن كثْرَةِ المال، وَلكِنَّ الغنى غِنَى النَّفسِ، كما أخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم.
2. عليكما بالصدق فيما بينكما وبين الآخرين.
الصدق فى الأقوال والأفعال من أسباب السعادة والاستقرار فى البيت، والصدق ينجيك عند الله وعند الناس. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إلى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إلى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليصْدُقُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إلى الفجُورِ وَإِنَّ الفجُورَ يَهْدِى إلى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا».
3. على الزوجة أن تستأذن زوجها إذا أرادت أن تتطوع بصيام بعض الأيام المباركة أو بالصلاة فى المسجد.
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحلُّ لامْرَأَةٍ أن تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ»، أي: لا يجوز لامرأة أن تصوم نافلة أو فرضًا موسعًا وزوجها شاهد أي: حاضر، إلا بإذنه؛ وذلك لأنه قد يكون له إليها حاجة فيمنعه عن ذلك الصوم.
4. على الزوجين غض بصرهما عن عورات الآخرين فهو بداية الطريق إلى العفة.
قال تعالى: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ أن ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ٣٠ وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: 30، 31]. وأهم حقوق المجالس التى أوصانا بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غَضُّ الْبَصَرِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَحُسْنُ الْكَلَامِ» وفى هذا طهارة وتزكية وحفاظ عليهما من الفتن، وإن لم يغضا البصر أظلم القلب وزاد الجفاء بينهما.
5. احرصا على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وتخلقا بأخلاقه.
من ثوابت المسلم فى حياته أن يكون حريصًا على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، والتخلق بأخلاقه الكريمة الشريفة؛ فواظِبا على قراءة وسماع ما يتعلق بسيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم.
وغَذِّيا عقول أبنائكم من صغرهم بالمعلومات الأساسية عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ حتى ينشؤوا على محبته وتعظيمه والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: ﴿قُلۡ أن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [آل عمران: 31].
6. حافظا على قراءة القرآن الكريم، وليكن لكما ورد منه كل يوم حسب الاستطاعة.
ينبغى للمسلم أن يحافظ على قراءة القرآن الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإِنَّهُ يَأْتى يَوْم القيامةِ شَفِيعًا لأصْحابِهِ»، بل عليه أن يجعل له وردًا من قراءته، فالبيت الذى يُقرأ فيه القرآن الكريم يكثر خيره، ويوسَّع على أهله، وتحضره الملائكة.
وفى الحديث الشريف قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذى يُقْرأ فيه سورة البقرة».
ومن عجز عن القراءة أو لم تتيسر له، فعليه بكثرة سماع القرآن والإنصات له.
7. واظبا على الأذكار فى البيت، خاصة أذكار الصباح والمساء.
قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَصْبَحْتُمْ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».
فما من سبيل لطمأنينة القلب وسعادة الروح غير ذكر الله تعالى، فإن الذكر يريح البال، ويورث الاطمئنان، ويطرد الشيطان، قال الله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
8. يحسن بكما استغلال المناسبات الدينية والوطنية فى الترابط الأسرى وتغذية الوعى الدينى والحس الوطني.
ينبغى أن تستَغِلَّ المواسم الدينية والوطنية فى الجلوس مع زوجتك وأولادك للحديث عنها وعن آثارها، فحدّثهم عن الإسراء والمعراج، والهجرة المباركة، والمولد النبوى الشريف، وليلة النصف من شعبان، ويوم عاشوراء، وكذلك عيد الجلاء، ونصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، وذكرى ثورة الثلاثين من يونيو وغير ذلك.
ووسِّعْ عليهم فى هذه المناسبات بالطعام والشراب، ففى ذلك غذاء للروح وتعظيم لأيام الله تعالى.
9. التعلق بالصالحين والاقتداء بهم وزيارتهم أحياء وأمواتًا من الأمور المهمة فاحرصا عليها.
فمَن أحب الصالحين وتعلق بهم دفعه ذلك إلى الاقتداء بهم فى العلم والعمل، والسلوك والأخلاق والعبادات، وسبيل التعلق بهم الإكثار من ذكرهم، وقراءة سِيَرهم وقصصهم وسماعها، وعند زيارة قبورهم تَحُل الرحمات وتنزل البركات.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع