تجاعيد وجهها وجسمها النحيل وتقدمها فى العمر، يحكى تفاصيل سنوات من الصبر عاشتها تلك المرأة الصعيدية التى تخطت سن السبعين، ولا تزال تكافح على تربية أبنائها وأحفادها الصغار، بصناعة العيش الشمسى وبيعه لتوفير قوت يومهم.
"ست أخوات" هو اسم لامرأة صعيدية تعيش فى قرية غرب أسوان، تحملت مصاعب الحياة وهموم المعيشة فتعلمت صناعة العيش الشمسى "البلدى" وقررت بيعه لتوفير قوت يومها وإطعام أبنائها الستة، ولا تزال على هذا الكفاح حتى جاءت الفاجعة بوفاة 3 من أبنائها، واستمرت على تربية الباقى من أولادها وأحفادها.
تحكى السيدة الأسوانية "ست أخوات"، قصتها لـ"اليوم السابع"، قائلةً إن سبب تسميتها بهذا الاسم هو حب والدها لها، فكانت هى المدللة عنده، فكانوا 6 أخوات وهى "آخر العنقود" وكان والدها يقول لها: "إنتى آخر العنقود وستهم".
وأضافت، أنها تزوجت واختلفت حياتها تماماً وكافحت مع زوجها من بداية الحياة الزوجية، ووصفت ذلك بكلامها "شيلت الشيلة والهم بدرى"، معلقةً بأن رزقها الله بـ6 أولاد أيضاً، ولكن توفى 3 منهم، وبقى ثلاثة آخرين ولد وبنتين، يعيشون معها فى منزلها البسيط الذى يقع فى قرية مطلة على النيل غرب مدينة أسوان.
تجلس السيدة الأسوانية أمام المخبز البلدى لإعداد العيش الشمسى، وتعمل بكل إخلاص وجد رغم تقدمها فى العمر ومظهرها النحيل وبشاشة وجهها الذى امتلأ بالتجاعيد، وعن صناعتها العيش الشمسى، أوضحت "ست أخوات"، أن فكرة بيع العيش الشمسى جاءت لها بالصدفة، عندما استضافوا أحد ضيوف زوجها وكان غريباً عن المكان، وأعجب بطعم العيش الأسوانى المنتشر فى مناطق الصعيد والنوبة، واقترح عليهم فكرة أن تخبز وتبيع وتتكسب من هذا الصنيع، وبالفعل بدأت فى تنفيذ الفكرة واستمرت فيها، ويساعدها فى ذلك أحفادها الذين يعيشون معها فى المنزل.
وتابعت، أنها تستيقظ قبل الفجر لتجهيز عجين الخبز والذى سبق أن جهزت الخميرة له من المساء، ثم تنتظر حتى يخمر العجين فتقطعه قطع سميكة تضعه على أقراص مدورة وتتركه تحت الشمس مع أول ضوء النهار حتى يعلو سمكه ويميل لونه للأصفر، فتقوم بوضعه داخل الفرن البلدى، التى تم صناعتها من الطين لتحمل النار ودرجات الحرارة العالية التى تكفى لتسوية هذا الخبز، ويطلقون عليه العيش الشمسى نسبة إلى تعرضه للشمس، ثم تبيعه للناس فى النجوع المختلفة والأسواق.
تلتقط السيدة المسنة أنفاسها قليلاً وتتذكر أيام الصبا والكفاح مع زوجها وأبنائها، وصبرها على فراق بعضهم ومستقبل أحفادها، ثم يعود ذهنها لتحكى عن أمنيتها التى حلمت أن تحققها قبل أن تلقى ربها، وتحدثت ست أخوات، عن أمنيتها التى لا تزال تحلم أن تحققها، بعد بلوغها سن الـ78، قائلةً: "كنت أتمنى أزور الكعبة وقبر النبى عليه الصلاة والسلام، قبل أن أفارق الحياة وألقى وجه كريم"، وتعلق قائلةً: "الحمد لله ربنا ساترها معانا وعايشين بالقليل".
فى المقابل، تحدث محافظ أسوان اللواء أشرف عطية، عن كفاح هذه المرأة، ووصفها بأنها قصة واقعية تجسد صمود وصلابة المرأة المصرية فى مواجهة الظروف المعيشية، ومن هذا المنطلق وحرصاً منه على دعم ومساندة هذه النماذج المعبرة عن أصالة المرأة الأسوانية وقدرتها على اقتحام تحديات الحياة بإرادة وصبر وقوة تحمل، استقبل المحافظ "ست أخوات رمضان بدرى" وأسرتها فى مكتبه وكرمها مادياً ومعنوياً.
وقصة السيدة الأسوانية ست أخوات، تم عرضها فى مهرجان أفلام المرأة من خلال فيلم تسجيلى أخرجته الفنانة زينب سعدى من تصوير هيثم فهمى، وبمساعدة آخرين، لتتحول قصتها الحقيقية إلى فيلم تسجيلى وثائقى نال إعجاب المشاهدين والمختصين فى المراكز الفنية والثقافية، ونال العديد من الجوائز.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع