يخطط جيش الاحتلال الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية عبر نقل الصراع إلى دول الجوار، وذلك فى انتهاك واضح للقوانين والأعراف الدولية، فى ظل دعم وتماهى أمريكى مع المخططات الإسرائيلية ورفض وقف إطلاق النار بشكل كامل، فضلا عن التصريحات الإسرائيلية الداخلية التى تسعى لإطالة أمد الصراع فى غزة، وهو ما يدفع الجانب الإسرائيلى لممارسة إبادة جماعية ضد سكان غزة أو الدفع بهم جنوبا تمهيدا لتهجيرهم قسريا خارج أراضيهم.
وترتكب القوات الإسرائيلية جرائم تطهير عرقى وإبادة جماعية للمكون الفلسطينى فى غزة وهو ما يتطلب مواقف أكثر صرامة وحزم، وعدم التعامل بالمعايير المزدوجة خاصة فى القضايا التى تنتهك حقوق الإنسان التى تتشدق بها الدول الغربية، مع ضرورة الدفع نحو اتخاذ مجلس الأمن قرارًا لإيقاف الهجرة القسرية وخلق ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، والتطرق إلى جذور المشكلة المتمثلة فى عدم إقامة الدولة الفلسطينية على أساس مبدأ حل الدولتين حتى الان.
وتعطى السلطات الإسرائيلية الحق لجميع يهود العالم فى الحصول على الجنسية الإسرائيلية، فى المقابل لا يمكن لأى فلسطينى السفر إلى الأراضى التى تحتلها إسرائيل. هذا بجانب رفض عودة اللاجئين الذين نزحوا من الصراع الإسرائيلى من المناطق المختلفة، فيوجد نحو5.5 ملايين لاجئ فلسطينى غير قادرين على العودة، وهو ما يكشف المخطط الخبيث للاحتلال الإسرائيلى الذى يهدف لتهجير كافة الفلسطينيين من أرضهم والدفع بهم خارج البلاد فى إطار مخطط الاحتلال لقضم كافة الأراضى الفلسطينية وضمها إلى مستوطناته.
يعيش الفلسطينيون فى الضفة الغربية وغزة فى حصار دائم وفقًا للفصل العنصرى الذى تنتهجه إسرائيل ضدهم؛ ففى الضفة الغربية يعيش الفلسطينيون فى جيوب منعزلة تحت حكم عسكرى صارم مع سيطرة الاحتلال على الشوارع الرئيسية والتغاضى عن جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين، وكذلك فى قطاع غزة يعيش أكثر من مليونى مواطن فلسطينى فرضت عليهم إسرائيل حصارًا محكما بعيد تمامًا عن أى معايير لحقوق الإنسان، بل حرمت القطاع من أبسط حقوقه وخاصة بعد سيطرة حركة حماس عليه فى عام 2007 بشكل يطال كافة تفاصيل حياة السكان اليومية.
وتسبب الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة من قطع الإمدادات الأساسية لتجويع وتهجير القطاع فى الانفجار الذى حدث فى 7 أكتوبر الماضى، وتبذل إسرائيل جهود متواصلة تهدف لتفريغ غزة من السكان الأصليين لتحقيق الهدف الأكبر فى تهويد الأرض الفلسطينية لصالح اليهود، والقضاء على مبدأ حل الدولتين. وهو ما أدانه خبراء أمميون فى يوليو 2023 فى معرض تعليقهم على سياسة الإخلاء القسرى والتهجير الذى ارتكبته سلطات الاحتلال ضد العديد من العائلات الفلسطينية فى القدس الشرقية، وحذروا من ارتقاء هذه الخطوة إلى مستوى جريمة حرب" عبر استهداف السكان الأصليين والعمل على ترحيلهم قسريًا، مشددين على ضرورة تراجع إسرائيل عن خطتها الاستيطانية لنزع الطابع الفلسطينى عن المدينة، وانتهاك حق تقرير المصير، وارتكاب جرائم الفصل العنصرى القائم على قانون التمييز الذى تطبقه إسرائيل ضد السكان الأصليين.
ووفقًا لموقع الأمم المتحدة، بموجب القانون الدولى الإنسانى، فإن النقل القسرى للأشخاص المحميين، إضافة إلى تدمير الممتلكات العقارية أو الشخصية العائدة بشكل فردى أو جماعى إلى أفراد عاديين من قبل إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، محظور بشكل تام، إلا فى الحالات التى تكون فيها مثل هذه الإجراءات ضرورية للغاية لأسباب عسكرية قهرية أو من أجل أمن السكان الواقعين تحت الاحتلال".
وجاءت الرؤية للمصرية لوقف سيناريو التهجير، واستهداف بناء دولة جديدة للفلسطينيين على حساب دول الجوار، ممثلة فى مصر والأردن، فتستضيف مصر نحو 9 ملايين مواطن أجنبى على أراضيها، دون التعامل بالإجراءات المتبعة عالميًا من وضع اللاجئين فى أطراف الدولة وفى خيام، ولكن تعمل مصر على دمجهم داخل المجتمع المصرى، وهو جوهر الاختلاف مع الخطة الإسرائيلية التى تعمل على تفريغ وطمس الهوية الفلسطينية عبر سياسة الأرض المحروقة، وبناء دولة جديدة للفلسطينيين بعيدًا عن حدودهم الأصلية بالضغط عليهم بدعوى الحرب ضد الإرهاب، وخلق ممرات آمنة؛ فيما تمنع وصول المساعدات لمناطق النزاع حتى تم فتح المعبر لعدد شاحنات لا تمثل ربع احتياجات القطاع للوصول إلى تحقيق خطتها المعلنة.
ويمكن أن تتسبب السياسات الإسرائيلية فى توسيع رقعة الصراع فى المنطقة كما جاء على لسان وزير الخارجية سامح شكرى، وممثل مصر فى الأمم المتحدة، وكذلك تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى المؤتمر الصحفى مع المستشار الألمانى أولاف شولتس؛ والتى أكدت على أن أى انتقال ونزوح جماعى من القطاع إلى طرفى الحدود سواء إلى سيناء المصرية أو الأردن، سيترتب عليه نقل الصراع إلى تلك الأماكن.
ويهدد المخطط الإسرائيلى استقرار المنطقة وتهديد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتى جنبت المنطقة صراعًا كان من الممكن أن يعصف بالمنطقة، ولعل ما يحدث على الحدود بين لبنان وإسرائيل مؤشرا على إمكانية توسع دائرة الصراع، فضلا عن اعلان الحوثيين استهداف السفن الإسرائيلية مما سيؤثر على أمن البحر الأحمر، ولعل آخرها السفينة "جالاكسى ليدر" التى اختطفت فى 19 نوفمبر الجارى، وهو الأمر الذى سيؤثر على أمن الملاحة فى البحر الأحمر. يضاف إلى ذلك أن مصر هى حلقة الوصل التى أوقفت عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من الجنوب، وأمنت خطوطهم التجارية وحركة التجارة البينية ونقل الطاقة، وهو ما دفع قادة ودول العالم إلى التواصل مع مصر للعمل على حل الأزمة الحالية، بوصفها الطرف الأكثر استقرارًا وتواصلا مع كافة الاطراف، للحد الذى جعل من وساطتها هى الأكثر تأثيرا بدايةً فتح معبر رفح، ثم الإفراج عن السيدتين الإسرائيليتين المحتجزتين لدى كتائب عز الدين القسام وصولا إلى المباحثات الجارية التى وصلت إلى مراحل متقدمة لإجراء تبادل للمحتجزين ووقف مؤقت لإطلاق النار.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع