بوابة صوت بلادى بأمريكا

"النجاح إرادة".. نادية بديوي أول مصرية تعمل بمهنة الحدادة تحكي ذكريات 30 عامًا من الطرق على الحديد.. تدير أشهر ورشة في الإسماعيلية وتنافس كبار المهنة.. أبناؤها الثلاثة حصلوا على شهادات جامعية وتكرمت كأمٍ مثالية

الإرادة هي عقيدة التخلي عن مظاهر الدنيا في سبيل الكسب الحلال، وهو المعنى الأقرب للتحديات التي خاضتها نادية بديوي حين اختارت أن تكون واحدة من النماذج المشرفة لدلالة "الأكل من عرق الجبين".

نادية من محافظة الإسماعيلية تسلل إلى قناعتها العمل في مهنة شاقة تبقى عصيّة حتى على الرجال، فأدارت ورشة للحدادة، لا يُفرِّق المار أمامها بين طرقة السيدة أو الشاب مفتول العضلات، فحبيبات العرق لا تعرف جنس العارق، ورائحة انصهار الحديد لا تفرق بين مستنشقها.

"المرأة الحديدية"، هكذا صار اسمها بين أهالي مدينة الإسماعيلية، الذين يحملون عليها صفات الشهامة والصبر وغيرها من مكارم الأخلاق كونها تحدت الواقع واخترقت مهنة شاقة بدنيًا وذهنيًا.

أبدعت السيدة نادية في مهنة الحدادة وذاع صيتها في القرى والمدن، حتى استطاعت أن تجذب زبائن كثُر، ليس لأنها تجربة فريدة من نوعها ولكن لحرفيتها التي شهد لها العديد، إذ استطاعت أن تطور ممارستها للمهنة لتنافس ورش الحدادة الأخرى المشهود لها بالكفاءة.

أما عن الظروف التي دفعتها إلى هذا المجال، تقول نادية لـ"اليوم السابع"، إن زوجها توفى فى فبراير عام 1992، وترك لها ورشة للمعادن، وثلاثة أبناء "بنتين وولد"، ولدى تلك المرحلة اختارت أن تستكمل مسيرة زوجها، فحافظت على الورشة من أجل توفير الحياة الكريمة لأبنائها، وتبقي على ذكريات زوجها في الورشة وزبائنه.

وتضيف نادية، وهي أول مصرية تمارس هذه المهنة الشاقة، منذ 30 عامًا، مشيرة إلى أنها واجهت في البداية صعوبات لتعلم مهنة الحدادة، لكنها أصرت على مرافقة العمال طوال ساعات اليوم في الورشة حتى تعلمت أساسيات المهنة.

بدأت سيدة الإسماعيلية تنفيذ أبواب ونوافذ وأسوار حديدية وكل ما يخص عالم الحدادة، بعد مرور شهور معدودة، ثم طورت من عملها وأصبحت تضفي عليه طابعًا احترافيًا.

وتشير نادية إلى أن عملها في الورشة لم يشغلها عن بيتها وتربية أبنائها، خاصة أنها رفضت الزواج بعد وفاة زوجها، لتكون أم مثالية ليست لاختراقها مهنة شاقة، ولكن لأنها نجحت في تعليم أبنائها، وحصلوا على شهادات جامعية، فابنتها دلال حاصلة على بكالوريوس تجارة، وهاجر حاصلة على بكالوريوس تربية، وابنها محمد حاصل على معهد سياحة وفنادق.

السيدة نادية التي لديها حاليًا خمسة أحفاد تقول إنها تواظب على فتح الورشة صباح كل يوم وتساعد في تخليص طلبات الزبائن بالتعاون مع العمال.

وتضيف أن الورشة التي كانت مدينة بعد وفاة زوجها أصبحت حاليًا من أكبر ورش الحدادة في محافظة الإسماعيلية، بعدما استطاعت تعويض الخسائر، وتحقيق أرباح جيدة.

وتشدد السيدة نادية في حديثها على أنها واجهت تحديات في البداية من أجل الوفاء بمطلبات أبنائها ورعاية شغلها في الورشة، حيث كانت تستيقظ في السادسة صباحًا لتجهيز الفطار وإعداد الحقيبة المدرسية لأبنائها، قبل أن تتوجه إلى الورشة، ثم تعود بعد الظهر لتحضير الغداء لهم.

حصلت السيدة نادية على تكريمات عديدة من محافظة الإسماعيلية والجمعيات المهتمة بشؤون المرأة، باعتبارها سيدة وأمًّا مثالية ضربت مثلاً بالغًا في إثبات أن لا فرق بين الرجل والمرأة في العمل والنجاح حتى وإن كان شاقًا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع