سلطت دراسة حديثة الضوء على عدد من الإجراءات المهمة التي اتخذتها الدولة لتشجيع عملية الاستثمار في مصر، حيث ارتفعت الصادرات المصرية على مدار السنوات الخمس الماضية بنسبة 16% في المتوسط، وكذلك الصادرات المصرية السلعية غير النفطية بدرجة كبيرة؛ ففي عام 2022 تم تحقيق 35 مليار جنيه من الصادرات السلعية غير النفطية، وبعد إضافة صادرات النفط تجاوزت نحو 52 مليار جنيه.
وذكرت الدراسة التي أعدتها الباحثة بسنت جمال ونشرها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الدولة تبذل جملة من الجهود لجذب المزيد من الاستثمارات الخاصة والأجنبية خلال الفترات الأخيرة، من خلال: إفساح المجال للقطاع الخاص، وتحسين مناخ الأعمال في مصر، وتسهيل الإجراءات التنظيمية التي تعيق حركة الاستثمارات في البلاد؛ إيمانًا بأهمية الاستثمارات في التخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها، والمتمثلة في: ارتفاع معدل التضخم، وعدم استقرار سعر الصرف، مع وجود فجوة بين السعر الرسمي ونظيره الموازي، ونقص السيولة الدولارية.
وأكدت الدراسة أن معدل التوظيف والتشغيل ارتفع، كما تراجعت معدلات البطالة التي سجلت نحو 7.1% خلال الربع الأول من 2023 في مقارنة بنحو 7.2% في الربع السابق، وانخفض عدد العاطلين عن العمل بالربع الأول إلى مليونين و171 ألف شخص مقابل مليونين و185 ألف شخص خلال الربع السابق، وارتفعت قوة العمل في مصر بنسبة 0.7% خلال الثلاث شهور الأولى من العام إلى 30.5 مليون شخص مقابل 30.3 مليون شخص في الربع الرابع من 2022.
ولفتت الدراسة إلى أن الدولة تحرص على اتخاذ ما يلزم من إجراءات وخطوات جادة وحاسمة؛ لتحقيق طفرة حقيقية في عملية جذب وتشجيع وتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي، والقضاء على العقبات البيروقراطية، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه زيادة استثمارات القطاع الخاص؛ بهدف بناء قاعدة إنتاجية متنوعة، وتحقيق تطور اقتصادي شامل.
ووفقا للدراسة أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزي ارتفاع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر لتصل إلى حوالي 3.3 مليارات دولار في الربع الأول من العام الحالي 2023، وذلك مع زيادة الاستثمارات في القطاع الصناعي 1.020 مليارات دولار، وتحقيق قطاع الخدمات استثمارات بنحو 1.9 مليار دولار، والقطاع الزراعي 15.4 مليون دولار، وقطاع الإنشاءات حوالي 170.1 مليون دولار. وبشكل عام، ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال عام 2022 إلى 11.4 مليار دولار مقابل 5.2 مليارات دولار في 2021.
ولفتت الدراسة إلى أنه بالنظر إلى أن مصر جاءت في المركز الأول في مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبي على مستوى إقليم شمال أفريقيا، بالإضافة إلى احتلالها المرتبة الأولى عربيًا لجهة نمو الاستثمارات الأجنبية، إذ زادت بنسبة 123% عن 2021 لتصل إلى 11.4 مليار دولار، وفقًا لتقرير منظمة "الأونكتاد" بالإضافة إلى ذلك، احتلت مصر المرتبة 14 من بين أفضل الأسواق الناشئة الجذابة والموثوقة في العالم للاستثمارات الأجنبية، متقدمة على تركيا والمغرب وجنوب إفريقيا.
ولفتت الدراسة إلى أن حسام هيبة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أعلن الانتهاء من إصدار نحو 20 رخصة ذهبية لعدد من المشروعات الاستثمارية المختلفة، والتي تشمل رخص الإنشاءات والحماية المدنية والموافقات البيئية، في قطاعات: الطاقة الخضراء، واللوجستيات، وتوليد طاقة رياح، وإنشاء فنادق. وأعلن إطلاق المنصة الإلكترونية لتأسيس الشركات خلال أيام قليلة، ليكون التعامل مع الهيئة إلكترونيًا لسرعة الانجاز والتسهيل على المستثمرين، مؤكدًا حرصه على وضع استراتيجية واضحة منذ بداية العام الجاري تكون منظمة لمجال الاستثمار في مصر.
وأوضحت الدراسة أن المجلس الأعلى للاستثمار وافق خلال اجتماعه في مايو 2023 على 22 قرارًا مهمًا في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية؛ تستهدف تحقيق نقلة نوعية في خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية.
كما أشارت إلى أن مجلس النواب وافق مؤخرا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، لتوسيع نطاق الاستفادة من حوافز الاستثمار العامة المتضمنة بقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 بحيث تتمتع بها الشركات التي تم تأسيسها قبل العمل بقانون الاستثمار عام 2017،وتم مد الفترة التي يجب أن تؤسس خلالها الشركات أو المنشآت الجديدة حتى تتمتع بالحوافز الخاصة الواردة بقانون الاستثمار لمدة تصل إلى تسع سنوات.
كما وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة، بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية؛ لتحسين مناخ الاستثمار والعمل على تشجيعه عن طريق كفالة فرص عادلة لجميع الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لتلك الأنشطة، ودعم اقتصاديات السوق الحر، وخلق بيئة استثمارية تنافسية تشجع المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات مما يساعد على نهوض الاقتصاد القومي وتحسين مؤشراته.
ووفقا للدراسة أعلنت الدولة عن استكمال برنامج الطروحات الحكومية من خلال تخارج الدولة من الشركات المملوكة للقطاع العام والقوات المسلحة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص، كما سعت لتسريع العمل بمراكز خدمات المستثمرين وميكنة خدماتها والتوسع في إنشاء مراكز خدمة المستثمرين بالمحافظات ليصل عددها إلى 15 مركزًا.
كما تم الإعلان عن منح الرخصة الذهبية لبعض المشروعات في بعض المجالات الرائدة كالهيدروجين الأخضر وصناعة المركبات الكهربائية والبنية التحتية، ثم تم الإعلان عن منحها لكافة المشروعات لمدة 3 أشهر ، وتطوير منظومة الحصول على الأراضي للمشروعات الصناعية من خلال التحول إلى نظام حق الانتفاع في الأراضي الصناعية، وتسعير الأراضي وفقًا لقيمة المرافق، بالإضافة إلى تحسين مناخ التنافسية وتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات.
كما أطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي خريطة مصر الاستثمارية، التي تم تدشينها خلال زيارة الرئيس السيسي لمركز خدمات المستثمرين في فبراير 2018، بحيث تضم نحو 1000 فرصة استثمارية جاهزة للاستثمار في مختلف المحافظات، وترتبط بعدد كبير من المواقع الحكومية، ويحتوي موقع الخريطة على 13 دراسة قطاعية تشرح مميزات الاستثمار.
كما قامت الحكومة بإلغاء حد تملك المستثمر الأجنبي للعقارات أو الوحدات السكنية بعد أن كان الحد الأقصى وحدتين فقط كما أطلقت مبادرة القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية بقيمة 160 مليار جنيه، حيث تم إعفاء 20 قطاعًا ونشاطًا صناعيًا من الضريبة العقارية لمدة 3 سنوات، بحيث تتحمل الدولة تلك الضريبة لتخفيف العبء عن كاهل القطاع الصناعي.
وفى هذا الإطار أطلقت الحكومة مبادرة أبدأ لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر، مع تقديم عدد من الحوافز في صورة أراضي بحق الانتفاع وإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات، بالإضافة إلى تقديم أوجه الدعم اللازم لتقنين الأوضاع للمخالفين وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع