قالت صحيفة نيويورك تايمز ان برنامج العقوبات البريطاني ضد روسيا لا يقوم بما يفترض به عمله، وان الاوليجارش الروس يعيشون حياة مرفهة في المملكة المتحدة، حيث افادت وثائق رسمية الحكومة البريطانية سمحت للاوليجارش بإنفاق مبالغ طائلة على امتيازات مثل الطهاة والسائقين والعمالة المنزلية على الرغم من تجميد ارصدتهم في البنوك "ظاهريا".
الإعفاءات ، المعروفة باسم التراخيص ، هي مثال على كيف أن نظام العقوبات المالية الجديد في المملكة المتحدة ، الذي تم اقراره بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي اثبت ضعفه، ففي بعض الحالات تم السماح لـ الاوليجارش الروس في المملكة بانفاق اكثر من مليون دولار سنويا على نفقات المعيشة، وفي حالات اخري اضطر المسئولين للتخلي عن التحقيقات الجنائية ورفع العقوبات بعد خوض معارك قانونية.
قالت وزيرة الخارجية البريطانية منذ اشهر عند الإعلان عن نظام العقوبات الجديد ان بلادها ستستمر في الضغط على بوتين لقطع التمويل عما اطلقت عليه "الة الحرب الروسية"، لكن خلال الأشهر القليلة التالية للإعلان حدث عكس ذلك.
وذكرت الصحيفة ان الحكومة البريطانية منحت ميخائيل فريدمان عملاق الاعمال في قطاع البنوك اعفاء لدفع مرتبات 19 من موظفيه، منهم سائقين واكثر من طاهي خاص وعمالة منزلية خلال العام الأول من الحرب في أوكرانيا، وقدرت المبالغ بـ 300 الف إسترليني في 10 شهور وحصل فريدمان على ما يقرب من 7 الاف إسترليني شهريا لتغطية النفقات الأساسية لاسرته.
في الأشهر التالية، منحت الحكومة البريطانية بيتر افان شريك فريدمان 60 الف جنيه إسترليني شهريا الجزء الأكبر منها ذهب لشركة امنية يمتلكها المدير المالي لافان الذي كان تحت التحقيق لاحتمال مساعدته افين على التهرب من العقوبات ، كما تظهر سجلات المحكمة.
صنفت السلطات البريطانية فريدمان وافين على أنهما اوليجاريش داعمين للكرملين، وعلى صلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو اتهام انكره الرجلان اما المحكمة ودافع افين قائلا: "نحن رجال اعمال محايدين فقط"
فريدمان وافين من بين عدد كبير من الروس الذين خضعوا لعقوبات علنية لكن تم تخفيفها وفي بعض الأحيان الغائها سرا، حيث منحت الخزانة البريطانية ما لا يقل عن 82 اعفاء العام الماضي وهناك الكثير لازال ينتظر الموافقة.
كان وكلاء إنفاذ القانون ، الذين يتعاملون مع الانتهاكات الجنائية المحتملة للقائمة المالية السوداء ، محبطين في بعض الأحيان من تلك القرارات وبسبب نظام الترخيص الذي يرون أنه يقوض العقوبات. سمح مسؤولو الخزانة للسيد آفين ، على سبيل المثال ، بإنفاق أكثر من مليون جنيه إسترليني بينما كان معزولًا عن الاقتصاد البريطاني. في الوقت نفسه ، حقق ضباط إنفاذ القانون معه لاحتمال تهربه من العقوبات وداهموا قصره في الريف العام الماضي، وأعلنت عن تحقيق في الاحتيال والحنث باليمين وغسيل الأموال. هذا الربيع ، أسقطت جميع التحقيقات باستثناء غسيل الأموال.
رفض متحدث باسم الخزانة البريطانية التعليق على الامر لكنه قال ان الإعفاءات تهدف للسماح بمبالغ مالية لتغطية النفقات الأساسية وتخضع لمراقبة مشددة، التراخيص جزء من أنظمة العقوبات في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك الولايات المتحدة. لكن بينما تمنح واشنطن عادة التراخيص لأسباب إنسانية أو لتغطية نفقات المعيشة الأساسية والرسوم القانونية ، فإن معايير بريطانيا أوسع. من بين الاعتبارات ، وفقًا لمقابلات مع محامين ومسؤولين سابقين في وزارة الخزانة، ما إذا كان الترخيص سيحافظ على تدفق الأموال إلى الاقتصاد حيث يقول تقرير حكومي حديث أن التراخيص "تصدر لحماية احتياجات الأعمال الفردية والمملكة المتحدة".
كانت العقوبات الروسية أول تحدي بارز لنظام عقوبات جديد لم يتم اختباره أُنشئ في عام 2021 بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بعد أكثر من عام ، ثبت أن الوفاء بتعهدات الحكومة الطموحة يمثل صعوبة.
في الأسبوع الماضي، بعد نزاع قانوني، اضطرت الحكومة البريطانية إلى إزالة رجل الأعمال الروسي أوليج تينكوف من القائمة السوداء للعقوبات. جادل تينكوف بأنه تم تضمينه بشكل خاطئ على إنه ناقد صريح لبوتين وقد تخلى عن جنسيته الروسية.
ومن المقرر ان يمثل فريدمان قريبا امام المحكمة للطعن على الإجراءات المتخذة ضده، وهو ما سيفعله أيضا العديد من الاوليجارش الروس خلال الأسابيع المقبلة ليقولوا ، مثله ، إنهم استُهدفوا ظلماً لمجرد كونهم روسيين.
تسلط أرقام الاعفاءات الضوء على التوتر المستمر حيث تنضم الحكومة إلى الولايات المتحدة وأوروبا لتجميد أصول القلة المرتبطة بالكرملين، ولعقود كانت بريطانيا ملاذ آمن للثروة الروسية حيث تقدر منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد أن الروس المتهمين بارتكاب جرائم مالية أو المرتبطين بالكرملين لديهم ممتلكات بريطانية بقيمة 1.5 مليار جنيه إسترليني.
نتائج عكسية على الاقتصاد البريطاني
العقوبات البريطانية ضد الروس تثبت رفض لندن لتحركات موسكو في أوكرانيا لكنها في الوقت نفسه تضر باقتصاد المملكة، حيث جاء تدفق الأموال الروسية في مصلحة الشركات القانونية وسوق العقارات وتجار الاعمال الفنية وغيرهم الكثير.
وعلى الرغم من اعلان بريطانيا انهاء حقبة "لندنجراد" وهو لقب ساخر اطلق على لندن لكونها تحتضن الكثير من ممتلكات الروس، فان الاوليجارش يجدون طرق لإبقاء البلاد مفتوحة لأعمالهم.
قال ويليام إف براودر، وهو مستثمر رئيسي سابق في روسيا قاد حملة دامت سنوات من أجل حقوق الإنسان ضد بوتين: "يبدو أن هناك ثغرات في كل مكان تنظر إليه ، وها هي الحكومة تمنح الأوليجارشية دعمها الكامل للالتفاف على عقوباتها."
في العام الذي سبق الحرب في أوكرانيا ، تلقت الحكومة البريطانية 11 طلب اعفاء يتعلق بالعقوبات الروسية ووافقت على تسعة ومنذ الحرب، ارتفع عدد الطلبات إلى اكثر من الف، وبحلول نهاية 2022، كانت الحكومة وافقت على 82.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع