بوابة صوت بلادى بأمريكا

"تنيس" ببورسعيد بقايا أطلال لمدينة أثرية وسط بحيرة المنزلة.. اشتهرت بصناعة النسيج وكسوة الكعبة الشريفة.. سجلت نشاطا حضاريا يفوق حجمها فى مختلف الميادين.. واكتشف بها آثاراً لرسوم المسجد الجامع.. صور

لم تكن محافظة بورسعيد، حديثة العهد منذ إنشاء قناة السويس، ولكنها قديمة وتتعدد بها القيم الأثرية، ففيها إحدى محطات مرور العائلة المقدسة، وفيها جزيرة تنيس الأثرية التى خرجت منها كسوة الكعبة الشريفة وقتما كانت إحدى المدن التجارية والصناعية بعد الفتح الإسلامى، ولكنها باتت قيمة أثرية مهجورة

وقال الدكتور حسين راشد، مدير محمية أشتوم الجميل، أن منطقة بحيرة المنزلة أرضاً زراعية خصبة موفورة العطاء انخفضت أراضيها نتيجة الزلزال الذى حدث فى أواخر القرن السادس الميلادى، فطغى ماء البحر واقتحم الكثبان الرملية التى كانت تفصل بين البحر وتلك الأراضى الزراعية، وأخذت المياه تغطيها عاما بعد عام حتى غمرت المنطقة ماعدا تنيس الشهيرة، وكانت عظيمة المبانى متسعة الأرجاء عامرة بالتجار والرزق، وكان فيها النخيل والكروم والشجر والمزارع، وكان بها الصهاريج وهى عبارة عن مجارى مرتفعة عن الأرض ينحدر منها الماء ليصب فى البحر من جميع خلجانه المعروف الآن بالأشتوم، وسميت بتنيس نسبة إلى تنيس ابن حام ابن نوح.

وأوضح الدكتور حسين راشد، أن منطقة جزيرة تنيس تقع داخل محمية أشتوم الجميل، والتى تأخذ مساحة كبيرة داخل بحيرة المنزلة وتعتبر بحيرة المنزلة ذات أكبر مساحة بين بحيرات الدلتا وتتميز بنُظُمها البيئية المتنوعة

بدأ تاريخ الجزيرة بنزوح بعض سكان مدينة "صان الحجر" الأثرية إليها، والتى كان يطلق عليها تانى باليونانية القديمة، وهذا هو سبب تسمية جزيرة تنيس بهذا الاسم، كما أن لجزيرة تنيس أهمية تاريخية خاصة، حيث يقع بها تل تنيس الأثرى الذى يصل إرتفاعه إلى 4.5 متر عن سطح البحيرة.

وكانت مدينة تنيس واحدة من أجمل مدن مصر منذ الفتح الإسلامى لمصر حتى العصر الأيوبى، وكانت المدينة تعج بالحركة التجارية والصناعية، وكان يصنع بها كسوة الكعبة، إلا أن المدينة تعرضت لكثير من هجمات الغزاة الشرسة، فأمر الملك محمد ابن العادل بن أيوب بهدم المدينة وتهجير أهلها عام 1246 وتحكى أطلال المدينة قصتها التاريخية

وأضاف مدير محمية أشتوم الجميل، أنه تم الكشف من خلال أعمال الحفائر عن آثار هذه المدينة التى تمثلت فى العديد من أساسات المبانى، ومجارى المياه، وصهاريج حفظ المياه، وخلجان الدفاعات عن المدينة، إلى جانب بقايا تحلل الطوب الأحمر الذى كانت تبنى منه جميع المبانى فى ذلك الوقت، وتتخذ الطيور من الجزيرة سكنا مريحا بعد أن غاب أهلها من البشر.

ويعتبر أهم ما عثر عليه من أساس الجدران مجموعة كبيرة منها تمثل بيت الجروى، أما عن المنشآت الصناعية فقد تم العثور على بقايا منشأة ربما كانت تمثل بقايا فرن لصناعة الزجاج "مسبك" يتكون من مبنى مستطيل ناقص ضلع، وخارجه عثر على كتلة مستديرة تمثل المستوقد وموازى لها ويفصل بينها وبين الجدار الغربى للفرن، بالإضافة إلى العثور على خبس الزجاج أو الخميص الناتج عن صهر الرمال أثناء عملية الصناعة وأشكال متنوعة وملونة من قطع الزجاج وكتلة صغيرة من الزجاج الخام قبل التشكيل

كما وجد أيضا بعض الأفران الخاصة بصناعة الفخار وضهر المعادن، وبعضها الملحقة بالدور أو المنازل وبعض قاعات النسيج، فضلاً عن بعض المنشآت الدفاعية وبعض التحصينات كأحد الأبراج ورسوم السور الخاص بالمدينة، وتم الكشف أيضا عن بعض أحجار طواحين الغلال

ولعل من أهم المبانى الأثرية على جزيرة تنيس إكتشاف آثاراً لرسوم المسجد الجامع والذى لم يتم التوصل إلى تاريخ محدد لوقت إنشاؤه حيث يظهر مواجهات جهة الجنوب الشرقى، كما يبدو أنه كان ذو صحن أوسط مكشوف محاط بأروقة ذات عقود على جوانبه الأربعة

وذكرت بعض كتب التاريخ أن المسجد الجامع كان طوله من جهة القبلة إلى جهة البحر 112 ذراعاً وعرضها 29 ذراعاً، وكان يوقد فى شهر رمضان 3100 مصباح و250 شمعة، وكان يوقد فى كل ليلة فيه 2800 مصباح، معنى ذلك أن الشكل العام للمسجد عند انشائه كان يأخذ مساحة مستطيلة وبعد الزيادة بلغت مساحته الكلية 76 متر فى 38 متر.

كما أسفرت نتائج المسح الأثرى عن رسوم الكنيسة كبيرة على الطراز البازيليكى الذى كان منتشرا فى خلال القرن الخامس والسادس ممتدة أفقياً، وبها مدخل يفضى إلى دهليز يفضى إلى صحن مقسم إلى 3 أجنحة أوسعها أوسطها

وهناك رسوم لأحد فنادق أو وكالات المدينة، بنيت للتجار كانت عبارة عن مجموعة من الحوانيت فى الدور الأرضى تمثل المخازن وتطل على فناء داخلى فسيح يسمح بتعبئة البضائع وتفريغها تعلوها وحدات سكنية تؤجر لمن يرغب فى السكن.

تم الكشف حتى الآن عن 21 من الصهاريج المستخدمة فى حفظ وتخزين المياه العذبة بجزيرة تنيس، فضلاً عن شبكة طويلة من القنوات تمتد بطول 170 متر تقريبا تنقل وتوصل المياه فيما بين المصانع الصهاريج ووحدات تنقية الماء وأحواض لترسيب الماء، بالإضافة لبعض الآبار المتصلة بها

وتعد المرحلة التاريخية الأولى والأقدم لتشييد الصهاريج فى نهاية القرن الثانى وبداية الثالث الهجرى الثامن والتاسع الميلادى معظمها مرتبطة بشبكة القنوات التى تربط بينها، وتتركز فى منطقة الحفائر الرئيسية وسط المدينة، وتتسم بأن جدرانها مغطاة يمونة وردية اللون وقد تمت بها إصلاحات وتدعيمات

والمجموعة الثانية شيدت فى القرن الرابع والخامس الهجرى، وتتميز بأنه تم بناؤها على ارتفاع أعلى وتم كسوة جدرانها الداخلية يمونة رمادية تحتوى على رماد الفرن وتوجد فى وسط المدينة وعند طرف القناة الجنوبية الغربية.

 


أثريات الجزيرة

 


التل من داخل الجزيرة

 


الجزيرة ببورسعيد

 


تل تنيس الأثري

 


جانب من الجزيرة

 


جانب من جزيرة التنيس

 


جانب من جزيرة تنيس الأثرية

 


جزيرة التنيس في محافظة بورسعيد

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع