العمل عبادة فى الصيام.. حكاية صانع الفخار الكفيف فى قنا..أصيب بعتامة في القرنية أفقدته البصر.. حربى يعمل بالإحساس وأنامله تشكل تحفا فنية.. تعلم الصنعة على يد والده وشقيقه الأكبر.. صور

تعبر ملامح وجهه عما لم يفصح عنه لسانه، فعلى مدار سنوات عديدة عمل فيها بصناعة الفخار عن طريق الإحساس وشكلت يداه قطعًا من الفخار يحس بها القلب ويوجهه إلى المكان الذي يريد، ورغم صعوبة العمل في شهر رمضان إلا أن حربي رسلي صانع الفخار الكفيف يتحدى صيامه بالعمل في شهر رمضان على مدار السنوات التي قضاها في تلك الصنعة، فحبات العرق التي تتساقط من جبينه شاهدة على ساعات طويلة في اليوم يمكث فيها على الدولاب اليدوي لإنتاج عدد من القطع يبيعها للتجار.

بهدوء ورضا يصمت حربي قليلًا ليحدثك عن بداية تعرضه لفقدان بصره والتحدي الأصعب الذي كان أمامه، كيف سيستكمل العمل في صنعة الوالد والأجداد، وقد تلاشى النظر رويدًا رويدًا وما مصير أسرته التي تعتمد عليه في الإنفاق واحتياجاتهم، لتكون الإجابة سريعًا بأنه قرر أن يهزم تلك الإعاقة ويستكمل العمل في الفخار عن طريق تحسس الطين وحفظ الأماكن التي تتواجد حوله بمساعدة أشقاء له من أصحاب الهمم أيضًا وأبناء الأشقاء الذي يعمل عدد منهم في صنعة الفخار أيضًا التي اشتهرت بها قريتهم الشيخ على جنوب محافظة قنا.

قال حربي رسلي، إن قصة فقدان بصره جاءت بعد فترة من الوقت فلم يولد فاقد البصر إلا أنه تعرض لمرض في القرنية أدى إلى فقدانها، وعمل منذ الطفولة مع والده في صنعة الفخار ومع شقيقه الأكبر وحافظ أيضًا على تفوقه الدراسي حتى حصل على ليسانس اللغة العربية، وبدأ العمل بمساعدة الوالد وتقديم الطين له حتى يصنعه على الدولاب اليدوي ثم بدأ هو في العمل على الدولاب وتشكيل المنتجات مثل الزير والقلة والطاجن.

وأوضح حربي، أنه فى عام 2007 فقد بصره لمشاكل فى القرنية وذهب إلى عديد من الأطباء والمستشفيات ولكن دون جدوى وكان أمر الله فوق كل شئ، ليتفرغ بعدها للصنعة، وفي شهر رمضان يتواجد منذ الصباح وحتى العصر يصنع في ذلك التوقيت الزير بجميع الأحجام والفاظات وفخار أبراج الحمام، وتتم الصناعة على 3 مراحل وليست مرحلة واحدة ولا يجد صعوبة فى علمها، فالمرحة الأولى هل وضع الطين على الدولاب وتشكيل الزير، والمرحلة الثانية وضع الزير حتى يجف تحت أشعة الشمس ثم توضع في الفرن للحرق.

وأشار حربي رسلان، إلى أن شقيقيه الأكبر والأصغر تعرضا لفقدان البصر أيضًا منذ وقت طويل ويعملان في نفس الصنعة وهو يعمل فيها منذ 14 عاما لم ينقطع عنها رغم عمله في مجالات أخرى، لافتًا إلى تعرض شقيقه الأكبر فى العشرينيات لفقدان البصر بعد انفصال الشبكية وبعد ذلك شقيقه الأصغر وأجرى عملية فى الشبكية وفقد الصبر، ثم أصيب حربى بعتامة في القرنية.